محمد نجيم (الرباط)
بالقرب من ساحة بوجلود الشهيرة في فاس المغربية، تمتد أسوار عالية تحرس جِنان السبيل، الحديقة الجميلة التي تزين فضاء المدينة وتمنح سكانها لحظات صفاء ذهني وراحة نفسية تنسيهم مشاغل الحياة والهموم اليومية. وهذه الحديقة هي واحدة من أجمل وأقدم الحدائق في المملكة التي لطالما اشتهرت بجِنانها البديعة.
يعود تاريخ تأسيس جِنان السبيل إلى القرن الـ 18 بأمر من السلطان المولى عبدالله العلوي لتكون روضة تابعة للقصر الملكي، وأشرف على تصميمها عمال محليون وأجانب لهم خبرة في مجال تصميم حدائق الأندلس. ويمكن لزائر جِنان السبيل أن يتعرف على عدد كبير من الأشجار المعمِّرة ومجموعة واسعة من الأزهار والنباتات وأنواع الصبار والخيزران المستقدمة من بلدان أفريقيا وأوروبا وآسيا وأستراليا. وتتيح الحديقة فرصة الاستماع بخرير مياه النوافير الأندلسية المنتشرة فيها.
مقصد محبَّب
يقول علي الوافي الباحث في تاريخ مدينة فاس وتراثها: حديقة جِنان السبيل أصبحت معلمة سياحية بارزة ومعروفة عالمياً بعد إعادة ترميمها عام 2010 من قبل مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة. تحظى باهتمام كبير من السلطات المحلية في مدينة فاس، كما تحتضن الكثير من الفعاليات والمهرجانات الثقافية، مثل المهرجان الدولي للموسيقى العالمية العريقة وبعض المعارض التشكيلية. وهي مقصد محبَّب لطلبة المدارس والجامعات الذين يزورونها للمطالعة والاستعداد للامتحانات، أو أخذ قسط من الراحة.
زقزقة وحفيف
ويذكر المرشد السياحي عبد الحق الطاوسي أن جِنان السبيل تُعتبر من أهم الوجهات السياحية للمغاربة والزوار الأجانب، وفيها يمكن التعرف على هندسة الحدائق التي تضاهي في شكلها وتصميمها الحدائق الشهيرة في الأندلس والتي تغنى بجمالها كبار الشعراء.
ويشير إلى أنه خلال موسم الصيف، يقصد أهالي مدينة فاس تلك الحديقة للاستمتاع بالهواء البارد وزقزقة العصافير وحفيف الأشجار ونقيق الضفادع وقضاء اليوم في مكان جميل يشبه حدائق ألف ليلة وليلة، بعيداً عن ضوضاء المدينة. كما أن أشجارها العملاقة تنعش الجو، وتساعد على تحمل حرارة الصيف المفرطة.
أنهار وجداول
يمكن لزائر جِنان السبيل التعرف على ما كانت تزخر به فاس قبل قرون من نواعير ومجاري المياه العذبة، والتي كانت تسقي الحقول والبيوت العريقة بالماء الصافي الآتي من مرتفعات المدينة وأنهارها وجداولها.