الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

كيف تكون الطفولة حصانة للمراهقة؟

التفكير خارج الصندوق ضرورة للإبداع (الاتحاد)
29 يوليو 2022 00:50

لكبيرة التونسي (أبوظبي) 

أثبتت الكثير من الدراسات أن ممارسة الهوايات منذ الطفولة، تنعكس بشكل إيجابي على اليافعين، وتعمل على بناء الشخصية وصقلها، وتعزِّز الثقة بالنفس، وتُكسب الخبرات، وتُنضج القدرات، وتبلور الملكات، وتنمي المهارات الفكرية والحرفية والاجتماعية، وتُفرغ الطاقات والشحنات النفسية الزائدة، وترفع المعنويات، وتُخلص من الضغوط. وينعكس تأثيرها الإيجابي خلال فترة المراهقة، بعيداً عن ارتكاب السلوكيات غير السوية.

يؤكد الاختصاصيون، أن اكتشاف مواهب الأبناء وتنميتها منذ الطفولة وتحويلها إلى شغف لديهم، يحصِّنهم في مرحلة المراهقة، ويجعلهم فخورين بأنفسهم ويرفع من تقديرهم لذاتهم.
ويشيرون إلى أن اليافعين يتمتعون بطاقات هائلة، يجب تصريفها بالمفيد، ويحدث ذلك عبر نشر ثقافة الوعي بأهمية استثمار وقت الأطفال منذ نعومة أظافرهم، والمسؤولية تبدأ من الأسرة مروراً بالمعلمين والأطفال أنفسهم. 

ملء الفراغ
الدكتورة نادية الخالدي اختصاصية إرشاد أسري وصحة نفسية، قالت: إن تأسيس الطفل يتطلب مهارة وحنكة ووعياً في التعامل معه منذ الطفولة المبكرة، مؤكدة على ضرورة إعطاء الطفل الحرية في اختيار ملابسه وأصدقائه وأكله وإتاحة الفرصة له لاستكشاف مواهبه وتعزيزها لتحقيق التوازن.

وذكرت أن التدخل يجعل الطفل عدوانياً، وأوصت بدعم شخصية الطفل المستقلة والمنفصلة عن شخصية أولياء الأمور وإعطائه مساحة من الحرية في الاختيار ضمن توجيه ومراقبة مرنة. وأوضحت أن أي خلل في مرحلة الطفولة يؤدي تلقائياً إلى خلل في مرحلة المراهقة، لافتة إلى أن لممارسة الهوايات المفضلة دوراً كبيراً في ملء الفراغ بما ينفع العقل والبدن.

الرياضة
للأسرة دور أساسي في تنمية شغف الابن وبناء شخصيته واستكشاف مواهبه وهواياته. هذا ما أكده الكابتن عادل الحوسني مدرب رياضة، مشدداً على أهمية تنمية الشغف عند الأطفال وتعزيز الموهبة لديهم منذ الصغر، ما ينعكس على حياتهم الاجتماعية وعلى سلوكهم، سواء في الطفولة أو خلال المراهقة. وذكر أن الأطفال يحتاجون إلى تنمية قدراتهم البدنية والفكرية، لأن قلة الحركة وانشغال الأطفال لفترة طويلة بالألعاب الإلكترونية تتسبب بتسريع إصابة هذا الجيل بأمراض العصر كالسكري والضغط.

وأوضح أن المراهقة مرحلة حرجة وتتطلب الإعداد لها، كربط الأطفال برياضة معينة تبعدهم عن طريق الانحراف، لافتاً إلى ضرورة البحث عن النشاط الرياضي الذي يجذب الطفل ويناسب ميوله وتشجيعه على ممارسته. وذلك ينمي لديه الثقة بالنفس، ويجعله قادراً على اتخاذ القرارات السليمة وضبط الغضب كممارسة الرياضات القتالية، والتي تخلصه من الضغوط السلبية، ما ينعكس على شخصيته، ولا يكون شخصاً مهزوزاً سهل الانقياد.

الصحة النفسية
رحاب الطريفي اختصاصية نفسية في مؤسسة زايد لأصحاب الهمم مركز المرفأ للرعاية والتأهيل، ترى أن الشغف يحمي الأطفال ويحصِّنهم في سن المراهقة، ويمدهم بالحماس والقوة، وتصبح لديهم القدرة على تجاوز صعوبات الحياة. وذكرت أن الأطفال الذين يمتلكون شغفاً معيناً مثل الرسم أو الموسيقى أو أي نوع من الرياضة يكونون متميزين وناجحين في مختلف مجالات حياتهم، الأكاديمية أو الاجتماعية، وأكثر قدرة على تخطي أي صعوبات تواجههم في الحياة.

ودعت إلى ضرورة دعم الأم لأبنائها واكتشاف مواهبهم وتحويلها إلى شغف وأسلوب حياة. وقالت: على الأم تقديم خيارات متعددة أمام الطفل ضمن مرونة وبناء شغفه مع عدم فرض شخصيتها عليه، وإنما متابعته منذ الطفولة المبكرة لتكتشف موهبته، وتعرض عليه مجموعة من الأنشطة الحركية والإلكترونية وسواها. ومن المفيد أن تتواصل في هذا الإطار مع المعلمين لمساعدتها على اكتشاف موهبة طفلها وتوفير الظروف لتطويرها. 
وأكدت الطريفي أن الشغف يحمي الأطفال في فترة المراهقة لبناء شخصية سوية، لاسيما أن هذه الفترة يزيد فيها الملل، ما قد يؤدي إلى سلوكيات غير مرغوب فيها، كالتدخين وتعاطي المخدرات. وهذا يتطلب مساعدة الأهل للمراهق على اكتشاف مواهب متنوعة تساعده على توجيه سلوكياته وأفكاره.

تجربة شخصية
الفنانة التشكيلية ابتهال الحوسني ومن خلال تجربتها الشخصية، أكدت أن رعاية الموهبة منذ الطفولة المبكرة وتوفير كل أنواع الدعم لرعايتها مهم جداً خلال فترة المراهقة. واعتبرت أن ذلك سيجعله فخوراً بنفسه نافعاً للمجتمع، ويقوده إلى عوالم أجمل مما كان يتصور، حيث تفتح له الهوايات والشغف فرصاً كبيرة للمشاركة في المعارض والفعاليات وتحفز لديه حب الاطلاع والمعرفة ضمن منافسة إيجابية.

وقالت: سواء من خلال تجربتي مع والدي أو من خلال ما أعيشه مع طلابي وأبنائي، أجزم بأن ممارسة الأطفال لهواية معينة في سن صغيرة أمر مهم جداً، يدفعه إلى الإبداع والابتكار. وقد أكدت الدراسات أن الأطفال الذين يمتلكون شغفاً معيناً يكونون مختلفين ومتميزين عن أقرانهم وناجحين في مجال الحياة، وقادرين على حل المشكلات وتخطي العقبات. وذكرت أن الهواية تحرر العقل وتجعلنا نفكر خارج الصندوق، موضحة أن والدها وبحكم عمله كرجل تعليم وكمدير مدرسة، دعم موهبتها في الرسم منذ طفولتها ووفر لها كل الأدوات والوسائل لدعم موهبتها وعمل على تطويرها، وكان يشاركها في الدورات والأنشطة.

خطوات
أوردت شيخة سعيد الزحمي اختصاصية علاقات أسرية في مؤسسة التنمية الأسرية، أن مرحلة المراهقة تًعتبر من المراحل العمرية الحرجة ما بين الطفولة والبلوغ. وتشهد هذه المرحلة زيادة الهرمونات التي تؤدي إلى حالة مزاجية غير متوازنة، ما بين السعادة والاكتئاب وعدم الشعور بالرضا عن حياته. وذكرت أنه من أهم التغييرات التي يشعر بها أيضاً، البحث عن الاستقلالية والاعتماد الذاتي بالكامل ورفضه لتدخل الآخرين باختياراته، وهنا يحتاج المراهق إلى بعض الاستراتيجيات والتعليمات والنصائح التي تساعده على اكتشاف نفسه خلال مرحلة المراهقة.

ومن المهم تشجيع المراهق على الانخراط في مجالات كثيرة تستهدف تنمية قدراته ومواهبه التي تبلور شخصيته بالصورة الصحيحة. 
ويبدأ بتصوّر مستقبله وبناء طموحاته بشكل جيد وأن يتم مقابلة تلك الأهداف بإيجابية من قبل الوالدين وأفراد الأسرة بعيداً عن السلبية أو الانتقاد، وتشجيعه على ممارسة الرياضة اليومية، ما يساعده على بناء الثقة بالنفس ودخول المنافسات والمسابقات مع الآخرين وتعلم مهارات التواصل الاجتماعي وتطوير الذات من خلال الفريق. 

انتظام
يدعو الاختصاصيون إلى ضرورة انتظام الطفل  في ممارسته لهواياته المفضلة، ما يعلمه كيفية تحديد الأهداف، واتخاذ القرارات الصائبة، وإيجاد الحلول المناسبة للمشاكل التي قد تواجهه وتعترض طريقه. وقد يستمر الطفل في ممارسة هواياته المفضلة حتى بعد سن البلوغ، وقد يكون لذلك تأثير إيجابي فيما يتعلق باختياره لمجال تخصصه المهني في المستقبل.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©