الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

دودة بحرية تحدث «ثورة» في مجال زرع الأعضاء

دودة بحرية
30 يونيو 2022 18:58

تسلك ديدان بحرية طريقا غير مألوف بعد أن نُسبت لها ميزات مذهلة اكتشفتها شركة تكنولوجيا حيوية فرنسية وحوّلتها إلى منتج يخضع حاليا للاختبار في عمليات زرع أعضاء للبشر بغية إعطاء الأعضاء المزروعة قدرة أكبر على المقاومة.
فمن الشاطئ، ستنتقل هذه الدودة إلى غرف العمليات الجراحية.
لا تُلمح هذه الدودة المعروفة باسمها العلمي «أرينيكولا مارينا»، كثيراً لأنها قادرة على الاختباء تحت الرمل، لكن رواد الشواطئ على المحيط الأطلسي وبحر المانش رصدوا بلا شك الآثار التي تتركها وراءها على السطح. وهذه الديدان ليست حديثة العهد بتاتاً، إذ يقرب عمرها من 450 مليون سنة، ما يظهر قدرتها على المقاومة.
يعرف هذا الكائن جيداً كيف يصمد من دون أكسجين، بانتظار عودة المد العالي لساعات عدة. ويعود الفضل في ذلك إلى الهيموغلوبين الخاص به والقريب من ذلك الموجود لدى البشر لكنه ذو فعالية أكبر، إذ يمكن لكل جزيء تثبيت كميات من الأكسجين توازي أربعين مرة ما يثبته الهيموغلوبين لدى البشر، وفق فرانك زال رئيس شركة «هيمارينا» القائمة على المشروع في مختبراتها في مورليه غرب فرنسا.
وتستعين الشركة بهذه الميزة للسماح بزيادة الأكسجين في الأعضاء المزروعة خلال عمليات الزرع.
في إحدى ثلاجات الشركات، ثمة ما يقرب من ثلاثمئة كيلوجرام من الديدان المحفوظة في مغلفات تبلغ سعة كل منها لترا واحدا. وتبدو الديدان البالغ طولها بضعة أمتار، عادية في الشكل وليس هناك ما يوحي أنها معدة للاستخدام في غرف العمليات. لكنّ تذويب الجليد عنها يؤدي إلى صدمة نزفية. بعدها، يخضع جزيء الهيموغلوبين إلى مراحل عدة قبل تحويله إلى عبوة صغيرة تضم غراماً واحداً من سائل باللون الأحمر القاني.

- تعقيدات التسويق 

هذا المحلول سيضاف لاحقا إلى سائل لحفظ العضو المزروع، بانتظار عملية الزرع. ويمثل 250 كيلوغراماً من الديدان ثلاثة كيلوغرامات من المنتج، أي ما يقرب من ثلاثة آلاف عملية زرع محتملة.ويشهد مختبر الشركة خصوصاً عملية مراقبة للجودة، إذ أحيلت مهمة الإنتاج إلى شركة صيدلانية لديها مختبرات أكبر. ولم يكن ذلك بالأمر السهل، لأن الاستعانة بالديدان ليست شائعة في القطاع الصيدلاني.
وأوضح فرانك زال أن «تحويل المسار بأكمله إلى الجانب الصناعي كان مهمة شديدة التعقيد، مع قدرة كاملة على التتبع»، مستذكراً بأن شركته بدأت بحوثه «بالاعتماد على خلاط».
وباشر الباحث السابق في المركز الفرنسي للبحث العلمي بحوثه أولاً على الفئران، وتقدّم بطلب الحصول على براءة اختراع أولى سنة 2001، قبل تأسيس «هيرمارينا». 
يعمل مختبر الشركة حالياً على إنجاز تجربته الثانية على ما يقرب من 500 شخص يخضعون لعملية زرع كلوي في مختلف أنحاء فرنسا. ويأمل زال بأن يفتح ذلك الباب أمام طرح منتجه لحفظ الأعضاء المزروعة، المسمى «هيمو تو لايف»، في الأسواق.
وأوضح الأستاذ الجامعي يانيك لو مور، الاختصاصي في الطب الكلوي في مستشفى بريست (غرب) المشارك في الاختبارات المختلفة، أن النتائج في حال أتت إيجابية قد تشكل تقدماً كبيراً في عالم زرع الأعضاء.
وقال «الصعوبة الكبرى في عمليات الزرع تكمن أولاً في نقص الأعضاء المعدة لها، في ظل وجود قوائم انتظار طويلة للغاية». وقد دفع ذلك بالسلطات إلى تليين شروط الموافقة على العمليات، مع القبول مثلاً بواهبين أكبر سناً يعانون أحياناً من أمراض، ما يزيد خطر حصول خلل في عمل الأعضاء المزروعة. وهنا تكمن أهمية تحسين حفظ هذه الأعضاء الأكثر ضعفاً.

- سهولة الاستخدام 
أوضح لو مور أنه «من الضروري تفادي حصول مشكلات مع العضو المزروع والعمل على إعادة إطلاق عمله بصورة أسرع».
وأعطت دراسة أولى «نتائج مشجعة. فقد أظهرنا فارقا بين الكلى التي وُضع لها محلول هيمارينا، وتلك التي لم تحصل عليه، على صعيد الوقت الذي يستغرقه العضو المزروع للعمل بعد عملية الزرع على سبيل المثال»، وفق الاختصاصي.
واعتبر لو مور أن الهيموغلوبين الموجود لدى هذه الديدان «قد يكون له أثر بالغ على الأعضاء المزروعة والمرضى، وأيضاً على العادات المعتمدة في مجال الوصفات الطبية والتقنيات».
ويشاطره هذا الرأي البروفسور بونوا بارو رئيس قسم الطب الجراحي لعمليات زرع الكلى في مستشفيات باريس، المشارك بدوره في الدراسة.
وفي ظل نقص الأعضاء المخصصة لعمليات الزرع، يعتبر الاختصاصي أن «هيمو تو لايف» تشكل «ثورة على صعيد سهولة الاستخدام والفعالية. ففي الطب، عندما نطور شيئا ما، تشكل سهولة الاستخدام عاملا حاسما في طرحه على نطاق واسع».
وبدأت الشركة الفرنسية توسيع نشاطها هذا إلى الخارج. ففي سبتمبر الفائت، استخدم معهد «أمريتا» للعلوم الطبية في الهند محلولها في عملية زرع مزدوجة للأطراف العلوية لدى أحد المرضى.

المصدر: آ ف ب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©