الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«تويتر» والصحفيون.. أين تبدأ المساحة الشخصية ومتى تنتهي؟

«تويتر» والصحفيون.. أين تبدأ المساحة الشخصية ومتى تنتهي؟
4 يونيو 2022 02:00

أبوظبي (الاتحاد)

بعد الورقة والقلم ورائحة الحبر وإيقاع الكيبورد، لم يعشق الصحفيون من تفاصيل المهنة أكثر من «تويتر».. سلاح التواصل ومنصة الانتشار.. لكن زقزقة الطائر الأزرق، المغرد، المراوغ، لا تصب كلها في مصلحة أصحابها.. فالأمر معقد بعض الشيء.. لأن المصالح أحيانا تتضارب، والحدود تبدو ضبابية، والعلاقة ملتبسة. لا أحد يعرف أين تنتهي المساحة الشخصية في فضاء السيبراني.. وأين يبدأ الحيز المهني الاحترافي. صار «تويتر» عالماً موازياً حقيقياً يعيش فيه الصحفيون، بجانب عالمهم الحقيقي.. أخذت التجربة تطرح أسئلة كثيرة، على الجميع .. الصحف والصحفيين .. مثلا، هل التغريدات على الحسابات الخاصة آراء شخصية بحتة، أم أنها تتأثر بالعلاقة مع جهة العمل سلبا وإيجاباً... وحتى إذا ما أكد الإعلامي على أن تغريداته مسؤوليته الشخصية.. فهل يعني ذلك أن صحيفته أو مؤسسته الإعلامية لن تتأثر بطريقة ما من تلك التغريدات «الشخصية».. وماذا لو كان الرأي الشخصي هنا يتعارض مع موقف الصحيفة أو يمس زملاء في العمل؟.. هل يحق للصحفي وضع مقالاته وتقاريره التي تنشرها صحيفته على حسابه الخاص؟.... هل تفترض مهام عمله أن يكثف دوماً نشاطه «التويتري»؟!
الصحف الكبرى في العالم تنبهت للمأزق الذي تتزايد حدة يوماً وراء الآخر.. فوجدت نفسها مضطرة لوضع قواعد ولوائح تنظم العلاقة بين الصحفيين و«تويتر».. للإجابة عن الأسئلة السابقة.

«نيويورك تايمز» تطالب صحفييها بالابتعاد عن «تويتر» 
مع أن وجود الصحفيين على «تويتر» يفترض أن يكون مفيداً للجميع.. الجمهور و«تويتر».. والصحفيين أنفسهم بطبيعة الحال. لكن أحيانا يتم تخطي الحدود. لذلك بادرت إدارة صحيفة نيويورك تايمز إلى وضع قواعد جديدة تنظم العلاقة بين الصحفيين العاملين فيها وبين المنصة الزرقاء.
«غردوا أقل، غردوا بتدبر، ركزوا أكثر على عملكم الصحفي» هذه باختصار مضمون الوصايا الجديدة التي وجهها رئيس التحرير التنفيذي لنيويورك تايمز دين باكيت، مؤخراً إلى محرري الجريدة.
يقول الكاتب جوشوا بنتون في تقرير على موقع «نيمان لاب» إن وصايا باكيت قد تبدو كما لو أنها تعني: «أيها الصحفيون توقفوا تمام عن بث التغريدات». وهي مسألة مثيرة للجدل بالطبع.. فكيف يمكن منع صحفيين من التفاعل بإيجابية على إحدى أهم منصات وسائل التواصل الاجتماعي الرقمية الجديدة، خاصة وأن تويتر صار مصدراً للمعلومات والأفكار ووسيلة مهمة جداً للتواصل مع المصادر والجمهور والتعرف على ردود الأفعال بشأن العديد من القضايا، بما في ذلك القصص الصحفية التي ينشرها الصحفيون.
لكن إدارة نيويورك تايمز، صار لديها قناعة بأن تويتر يستهلك وقت الصحفيين، بدرجة تؤثر على أدائهم المهني. لذلك تحتم وضع قواعد جديدة. 
لقد أرسل كل من دين باكيت وكليف ليفي نائب رئيس التحرير الإداري سلسلة من التنبيهات بهذا الشأن لعموم الصحفيين.
وبوضوح تم التأكيد على ضرورة أن يبتعد الصحفيين بعض الشيء عن هواتفهم الذكية.. وعلى الأقل الامتناع عن التغريد.

يقول باكيت «إذا ألقيت نظرة على بعض الصحفيين في نيويورك تايمز وأماكن أخرى، وتابعت كيف يقومون ببث التغريدات وماهية تلك التغريدات ومدى أهميتها والوقت الذي يمضونه على تويتر، فلابد أنك سوف تتساءل: هل هذه هي الطريقة التي تمضي بها الوقت، فيما تحتم عليك وظيفتك العثور على الحقائق المهمة وإبلاغ العالم بها».
وترى إدارة الصحيفة أنه صار تركيز الصحفيين ينصب كثيراً على جمهورهم وطبيعة الردود التي ستحظى بها تقاريرهم على تويتر.
كما أن التغريدات السيئة التي يطلقها البعض منهم تهدد سمعة نيويورك تايمز وطاقم المحررين عموما.
ويقول باكيت إنه ليس المطلوب من الصحفيين مغادرة تويتر لكن يتعين عليهم الحد من الوقت الذي يمضونه على المنصة سواء بإطلاق التغريدات أو متابعة تغريدات الآخرين، من أجل التركيز أكثر على المهام الموكلة إليهم.
في الوقت نفسه، قامت الصحيفة بتوسيع نطاق فريق خاص يتولى مهمة حماية المحررين من التنمر الإلكتروني (وهم مجموعة تسمى فريق الاستجابة للتهديدات)، كما قررت الاستثمار أكثر في تدريب الصحفيين ضد الاختراقات الأمنية السيبرانية.
يقول باكيت أيضاً إنه يتعين على الصحفيين زيادة الالتزام بأخذ الحيطة والحذر عند التعامل مع المعلومات على تويتر وإخضاع كل المعلومات الواردة في التغريدات للتمحيص والتدقيق الصحفي بنفس الطريقة التي يتم التعامل بها مع أي قصة أخرى. وتابع أنه يتعين أن تعكس كل تغريدة قيم الصحيفة وأن تكون متسقة مع المستوي المهني لمواد الجريدة ولوائح التعامل مع السوشيال ميديا والقواعد العامة للسلوك.
وتابع: «هذا ليس هجوما على تويتر.. فالمنصة لها قيمة ضخمة.. ولدينا قراء عليها كما أن هناك جمهور نريد أن نسمع منه من خلالها.. اعتقد أن نفوذها صار طاغياً.. أظن أن بعض الصحفيين صاروا يتطلعون إلى تويتر كما لو أنها تمنحهم صك الاعتماد. وذلك يعطي في رأي تويتر مزيداً من السلطة والنفوذ».

«الجارديان» للمحررين: لا تحرقوا أخبارنا ولا سمعتنا 
أصدرت صحيفة الجارديان البريطانية دليلاً إرشادياً لمحرريها يضع لائحة جديدة بخصوص التعامل مع تويتر.
وقالت الصحيفة: إن الدليل يعتمد بالأساس على آراء الصحفيين والعاملين في الإدارة التجارية سواء بمقر الصحيفة في لندن أو في فروعها بالولايات المتحدة وأستراليا. وفيما يلي أبرز ما فيه:

- السوشيال ميديا.. اختيارية
بمعنى أن بث تغريدات أو أي تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي ليس أمراً إجبارياً يتعين على كل صحفي أن يقوم به.. بل هو أمر اختياري أن يقوم بمشاركة القصص المنشورة في الجارديان أو في الشقيقة الأوبزرفر على تويتر أو أي من المنصات الأخرى للتواصل الاجتماعي.

- الصحفيون ليسوا ممنوعين من التعبير عن مواقفهم السياسية.. ولكن
تقول اللائحة الجديدة: إن الجارديان وشقيقتها الأوبزرفر معروفتان بالخدمات الصحفية النزيهة والمحايدة والدقيقة والموثوق بها. وتضيف: إنه يتعين على الصحفيين، خاصة أولئك الذين يعملون في قسم الأخبار التحلي بأقصى درجات الحذر خشية أي تمويه بشأن الحقائق أو الآراء عندما يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي. 
وحذرت الصحيفة المحررين من التعبير عن آراء حزبية أو أي مواقف حادة على السوشيال ميديا خشية أن يقوض ذلك سمعة الجارديان باعتبارها تقدم خدمات إعلامية تتميز بالدقة والموضوعية من دون التورط في أي تحيزات.
وقالت اللائحة: إن الأمر نفسه ينطبق على «اللايكات» وإعادة التغريد.
وأوضحت إدارة الصحيفة أن المحررين الذين يحظون بدرجة عالية من المتابعة عليهم بصفة خاصة تحري الحذر في هذا الشأن.
وجاء في التعميم «سلوكك سينعكس بأكثر قدر على الجارديان، وربما يكون له تأثير سلبي.. فكروا بعمق قبل التغريد». 

- لا تستخدم السوشيال ميديا لخوض جدال أو انتقاد زملاء أو المؤسسة نفسها
أوضح التعميم أن الإدارة لا تشجع أبداً على استخدام السوشيال ميديا لبث أي شكل من أشكال النزاعات الداخلية مع الزملاء أو العاملين أو مع المؤسسة نفسها.. هذا تصرف خطير للغاية. كما أنه من غير المقبول أبدا التحدث عن أحد الزملاء من دون الإشارة إليه صراحة. أو ما يعرف باسم «subtweet».

- يتعين على المحررين ألا يحرقوا الأخبار على «تويتر»
تذكروا أنكم صحفيون في الجارديان وأن وظيفتكم أن تمنحوا الصحيفة فرصة بث السبق الصحفي على منصاتها، وليس على وسائل التواصل الاجتماعي. لا تبث أبدا سبقاً صحفياً على تويتر إلا بموافقة رئيس التحرير.. لكن الأساس أن تبث أخبارك على موقع الجارديان.

- ليس لمجرد أن تويتر قالت: هذه قصة.. لا يعني ذلك أنها فعلاً قصة.
يتعين عليك أن تضع في ذهنك أنه ليس لمجرد أن قصة أثارت اهتماماً على السوشيال ميديا أو أن عدداً من المغردين كتبوا عنها، لا يعني ذلك أبدا أننا أمام قصة خبرية مهمة وأنه يتعين علينا متابعتها أو الترويج لها على السوشيال ميديا.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©