أحمد مراد (القاهرة)
بثروة ضخمة تُقدر بنحو 292 مليار دولار، يتصدر رجل الأعمال الأميركي، إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا قائمة أغنى أغنياء العالم، وترشحه بعض الدوائر الاقتصادية العالمية للحصول على لقب «أول تريليونير» في التاريخ، والذي تردد اسمه خلال الأيام الماضية بسبب صفقته لشراء « تويتر»، مقابل 44 مليار دولار نقداً.
فكيف كانت بدايته؟، وكيف كانت مسيرته من النشأة إلى الثروة؟
في الثامن والعشرين من يونيو العام 1971، ولد إيلون ماسك في مدينة بريتوريا بجنوب إفريقيا، لأب جنوب إفريقي وأم من أصل كندي، وعندما بلغ إيلون التاسعة من عمره، وبالتحديد في العام 1979، انفصل والداه، وعاش هو وأخوه الأصغر مع والدهما.
وخلال هذه الفترة تعرض لعدة أزمات، كان أبرزها دخوله المستشفى بعد تعرضه للضرب والتنمر من قبل بعض تلاميذ مدرسته الذين ضربوه ودفعوه على درج المدرسة حتى أغمي عليه، وفقد وعيه تماماً.
المبتكر الصغير
منذ سنوات طفولته الأولى عُرف إيلون ماسك بالنبوغ والابتكار، وأحب روايات الخيال العلمي إلى درجة الهوس، فضلاً عن اهتمامه بأي شي له صله بالكهرباء، وفي هذا الشأن يقول عنه والده: «كان إيلون دائماً مفكراً منطوياً، وفى حين أن الكثيرين من أقرانه كانوا يمضون أوقاتهم في اللعب والرياضة والذهاب إلى الحفلات كان إيلون يمضى وقته في المكتبة بين الكتب».
وفي سن الثانية عشرة، وبالتحديد في العام 1983، نجح إيلون في تصميم لعبة إلكترونية بسيطة تُعرف بـ «Blastar» وباعها لمجلة كمبيوتر مقابل 500 دولار، وقد سبق أن وصف إيلون هذه اللعبة بقوله: «لعبة تافهة، ولكنها أفضل من فلابي بيرد».
دكتوراه لم تكتمل
أنهى إيلون ماسك دراسته الثانوية في جنوب إفريقيا، وانتقل في سن السابعة عشرة إلى كندا لدراسة الفيزياء والاقتصاد، ودرس عامين في جامعة كوينز بمدينة أونتاريو الكندية.
بعدها انتقل إلى الولايات المتحدة الأميركية للدراسة بجامعة بنسلفانيا التي حصل منها على درجة البكالوريوس، ثم التحق ببرنامج الدراسات العليا للحصول على درجة الدكتوراه في جامعة ستانفورد، ولكنه قرر تأجيل دراساته العليا من أجل التفرغ لعمله الأول في شركة «Zip2» التي أسسها في بدايات حياته العملية.
وكان ماسك خلال دراسته في جامعة بنسلفانيا الأميركية، قد استأجر وزميله أديو ريسي منزلاً يتكون من 10 غرف وحوله إلى ملهى ليلي، وكان هذا الملهى أول مشروعاته الاستثمارية.
رحلة المليون الأول
في العام 1995، أطلق إيلون ماسك أولى شركاته تحت مسمى «Zip2»، وهي عبارة عن دليل للأعمال التجارية عبر الإنترنت، أو موقع إلكتروني يقدم الإرشاد المدني لمستخدميه عبر الخرائط، وقد أطلقه بالتعاون مع شقيقه الأصغر، وقد ساعدت مجموعة من مستثمري وادي السيليكون في تمويل هذا الموقع الذي وفر أدلة السفر في المدينة إلى صحف مثل نيويورك تايمز وشيكاغو تريبيون.
وخلال عمله في شركة «Zip2»، كان إيلون يقضي أوقاتا طويلة في مقر العمل لدرجة أنه كان يستحم في جمعية الشبان المسيحية المجاورة، وفي العام 1999 باع إيلون هذه الشركة التي استحوذت عليها شركة «Compaq» مقابل 341 مليون دولار نقداً وأسهما، وربح ماسك من هذه الصفقة 22 مليون دولار.
5 شركات عالمية
بعد أن باع إيلون ماسك شركته الأولى المعروفة بـ «Zip2»، توالت بعدها سلسلة الشركات التي أسسها، ففي العام 1999 أسس شركة خدمات مالية عبارة عن شركة مصرفية عبر الإنترنت عُرفت بـ «X.com»، وذلك باستخدام 10 ملايين دولار من الأموال التي حصل عليها من بيع «Zip2»، وبعد مرور عام واحد فقط حدث اندماج لشركة «X.com» مع شركة «Confinity»، وتشكلت الشركة الشهيرة والمعروفة بـ «PayPal».
وفي أواخر العام 2002 استحوذت شركة «eBay» على شركة «PayPal» مقابل 1.5 مليار دولار، وباعتباره أكبر المساهمين حقق إيلون مكاسب قُدرت بـ 165 مليون دولار من هذه الصفقة.
وفي خطوة لاحقة، أسس إيلون ماسك شركة جديدة عُرفت بـ «SpaceX»، وذلك بمبلغ 100 مليون دولار من الأموال المستلمة من بيع شركة «PayPal»، وقد أسس الشركة الجديدة بهدف بناء سفن فضاء متطورة للقيام برحلات تجارية للفضاء، وبهدف جعل الرحلات إلى الفضاء أرخص، وقد سميت مركبات «SpaceX» الأولى ميلينيوم فالكون وفقاً للفيلم الشهير ستار وارز.
وعلى المدى الطويل، يهدف إيلون ماسك من وراء شركة «SpaceX» إلى أن تكون فكرة استعمار المريخ في المتناول، وفي هذا الشأن قال: «إن شركة (سبيس إكس) لن تُطرح للاكتتاب العام حتى تصبح المركبة تنطلق بشكل منتظم لاستعمار المريخ».
وفي العام 2003، أسس إيلون ماسك شركة تسلا موتورز المتخصصة في صناعة السيارات الكهربائية بالتعاون مع المهندس مارتن إيبرهارد، وتولى ماسك دوراً فعالاً في منتجات تسلا، وساعد في تطوير سيارتها الأولى «رودستر»، وفي العام 2006 أطلق سيارة رودستر الكهربائية بالكامل.
وفي العام 2018، أسس إيلون ماسك شركة «Starlink Internet Satellites» بهدف نشر شبكة إنترنت عبر الأقمار الصناعية تقدم خدمة الإنترنت للعالم أجمع، وقد أطلقت الشركة أول دفعة من دفعات أقمارها الصناعية في العام 2019.
أسوأ عام
مع تفاقم الأزمة المالية العالمية في العام 2008، عانى إيلون ماسك من عدة أزمات مالية، الأمر الذي جعله يصف هذا العام بقوله: «عام 2008 أسوأ عام في حياتي»، فقد خسرت شركة تسلا الكثير من الأموال، وواجهت شركة سبيس إكس مشكلة في إطلاق صاروخ Falcon 1. ومع حلول العام 2009 كان إيلون ماسك يعيش على القروض الشخصية فقط من أجل البقاء.
أفكار مجنونة جداً
عبر مسيرته العملية، تبنى إيلون ماسك العديد من الأفكار المبتكرة والمجنونة، كان من أبرزها فكرة قطار Hyperloop أوهايبرلوب، وهو قطار فائق السرعة ينتقل في أنبوب مفرغ، ويمكنه نقل الركاب من لوس أنجلوس إلى سان فرانسيسكو في 30 دقيقة، غير أنه لم يتم تنفيذ هذا المشروع حتى الآن. وكان ماسك قد أعلن عبر «تويتر» خطة لاختبار هايبرلوب الذي يحمل علامة تيسلا وسبيس إكس، بنصف سرعة الصوت أو 383 ميل في الساعة. وفي العام 2016، بدأ ماسك شركة أخرى تُعرف بـ«The Boring Company» للقيام بمهمة حفر شبكة من الأنفاق تحت وحول المدن لقيادة عالية السرعة، وبدأت الشركة بالحفر مع تصاريح لاختبار أنفاق في كالفورنيا وبالتريمور. وفي العام 2017، أسس ماسك شركة أخرى تحمل اسم Neuralink، وهي شركة تحاول بناء أجهزة يمكن زرعها داخل الدماغ البشري.
زوجتان و6 أبناء
تزوج إيلون ماسك مرتين، الأولى في العام 2000 من المؤلفة الكندية جوستين، وقد توفي ابنهما الأول نيفادا بسبب متلازمة موت الرضع المفاجئ في عمر 10 أسابيع، وبعدها أنجبا 5 أبناء، وانفصلا في العام 2008.
وفي المرة الثانية تزوج ماسك في العام 2010 من الممثلة تالولا رايلي، وانفصلا في العام 2012، وفي العام 2013 عاد ماسك إلى تالولا مرة أخرى، وانفصلا مرة ثانية في العام 2016.
كما ارتبط ماسك بعلاقات صداقة مع سيدات أخريات مثل الممثلة أمبر هيرد، والموسيقية غرايمز التي أنجبت منه طفلاً أطلق عليه الشريكان اسماً اختصراه بـ«X».
شجرة العائلة
تتكون عائلة إيلون ماسك من أب وأم وأخ وأخت، الأب هو إيرول ماسك، مهندس من جنوب إفريقيا، يتمتع بنسبة ذكاء عالية، وقد وصف بأنه أصغر شخص يحصل على مؤهل مهندس محترف في جنوب إفريقيا، وقد عمل في البناء وتعدين الزمرد. أما الأم فهي ماي مسك، أخصائية تغذية وعارضة أزياء، وتحمل الجنسية الكندية، وكانت تعمل في 5 وظائف مختلفة لدعم أسرتها.
الأخ الأصغر هو كيمبال ماسك، صاحب مطعم وشركات أغذية، حيث أسس ثلاث شركات للأغذية، وهو حالياً عضو في مجلس إدارة Tesla وSpaceX، وقد تزوج كيمبال مرتين: الأولى من جين لوين، وأنجبا ثلاثة أطفال، والثانية من كريستيانا ويلي، ابنة الملياردير السابق سام ويلي.
أما الأخت الصغرى فهي توسكا ماسك التي تدير خدمة بث «Passionflix»، فضلاً عن أنها تنتج أفلاماً منذ العام 2001، وقد أنتجت أكثر من 30 فيلماً.