«مكاني بينهم».. مبادرة علي الجنيبي لدعم أخيه عبدالله

هناء الحمادي (أبوظبي)

حباً في دعم أخيه عبدالله الجنيبي الذي يعاني «متلازمة داون»، أراد علي الجنيبي الحاصل على بكالوريوس القانون من جامعة العلوم الحديثة، ودرجة الدبلوم في مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب من بريطانيا، ودبلوم التربية الخاصة من كلية عجمان للعلوم والتكنولوجيا، أن يبث السعادة في قلبه بدمجه مع أقرانه من أصحاب الهمم من متلازمة داون، من خلال مبادرة فريق «مكاني بينهم»، واختار ذلك الاسم لأن عبدالله من المفترض أن يكون مكانه وسط الأولاد يلعب ويضحك ويندمج بين أفراد المجتمع، وليس منزوياً بعيداً غير مدرك عن سبب ذلك التجاهل والإهمال، حيث كانت نظرات الآخرين تزعج عبدالله، وهم يرفضون اللعب معه باعتباره من متلازمة داون، وكانت نظرات الحزن تلاحقه في كل مكان، لذلك لم يتوان عن دعمه نفسياً ومعنوياً.

عيني الثانية 
عن تلك المبادرة التي أسعدت أخاه الذي يعتبره كل شيء له بالدنيا، وعينه الثانية التي يراها فيه، يذكر علي الجنيبي أنها تهدف إلى أن يكون عبدالله متساوياً بين الأولاد، يلعب معهم ويندمج بين أفراد المجتمع، قائلاً: فكرت مراراً كيف أدمج أخي مع المحيطين به، فمصابي المتلازمة، وإن ولدوا بهذا الاضطراب، لا يعني أنهم ليسوا كغيرهم من البشر، فهم يشعرون بالفرح والألم، ومن حقهم أن يستمتعوا بحياتهم، وأن يشاركوا في المجتمع كأعضاء فاعلين من دون أي عوائق.

نجاحات متوالية
ويضيف علي بابتسامة: «الحلم صار حقيقة والفكرة تبلورت على أرض الواقع، والرسالة التي أطمح الإشارة لها وتعزيزها لدى أفراد المجتمع وصلت بأن طفل «متلازمة داون» ليس خطراً، وإنما هو جزء من الأسرة، ولابد أن نتعامل معهم كبقية أفراد المجتمع، فقد هو يحتاج إلى الرعاية والاهتمام والتعامل بحنان دون أذية مشاعره، والتواصل معه بشكل طبيعي.

قصص تحدٍّ
ويؤكد علي أن نظرة المجتمع لأصحاب الهمم تبدأ من المنزل، فإذا كانت العائلة تقدر وتحترم هذه الفئة، وتعطي لها الثقة وتفسح أمامها المجال للإبداع، فالمجتمع بدوره سيتعامل معهم بشكل لائق وسيقدر جهودهم، مشيراً إلى أن الوضع تغير كثيراً منذ إنشاء فريق المبادرة، فقد لاحظ تجاوباً كبيراً من الأفراد، منوهاً: قبل «جائحة كوفيد-19» قام الفريق بعمل محاضرات وورش مختلفة والمشاركة في أنشطة وفعاليات، لنشر الوعي بين الأفراد بأن المجتمع به الكثير من قصص التحدي لأصحاب الهمم التي تتسم بالإصرار والمثابرة والنجاح، وقد أثبتت السنوات الماضية أنهم كانوا عند حسن ظن مجتمعهم فيهم. 

عطاء وأمل
مسيرة دعم علي الجنيبي لأخيه عبدالله مستمرة، فهو يجده قصة تحدٍّ وإرادة قوية من بين أصحاب متلازمة داون، فتواجده المستمر بقربه وفي يومياته صنع فارقاً كبيراً في حياته وعزز سعادته، وحباً في إبراز كيفية التعامل مع هذه الفئة، ورد في ذهنه إعداد كتاب يحمل عنوان «وشددت بك أزري».

أخبار ذات صلة

الإمارات ترحب باعتماد الأمم المتحدة قراراً حول منع الجرائم ضد الإنسانية

الإمارات وفنلندا تعقدان الدورة الثانية من أعمال اللجنة المشتركة في هلسنكي

وقال علي: «أخي عبدالله بطل متلازمة داون، ألهمني الإحساس بالمسؤولية تجاهه، حيث أقدم علينا وعلى الدنيا بالسعادة، ولم يشكل هماً، بل أملاً.

تحقيق الأهداف 
ويطبق الجنيبي قاعدة في الحیاة تشير إلى ضرورة أن يحدد الشخص وجهته وأهدافه حتى تتضح له طموحاته ويتمكن من تحقيقها على أكمل وجه، وهذا ما يفعله دائماً. ويضيف: طرحت على نفسي سؤالاً، مفاده: كيف أستطيع أن أخدم أصحاب الهمم، وإلى أي وجهة أسلك، ومن هم الأشخاص الذين سيتمكنون من تحقيق ذلك الهدف معي؟ فكانت دعوات أمي وأبي سبباً في تحفيزي على تجاوز أي عقبات حتى تمكنت من تحقيق أهدافي وطموحاتي في خدمة تلك الفئة المميزة مجتمعياً.

وأوضح أنه لا يفارق أخاه الأصغر في تنقلاته وجولاته اليومية، ويقول عن ذلك: «أصطحبه معي في كل مكان، فهو من يمنحني الأمل والسعادة، مؤكداً أنه في إحدى المبادرات التي نفذها مع مجموعة من أصحاب الهمم من فئة متلازمة داون، شارك الجميع في توزيع الطعام على المحتاجين قبل أزمة كورونا، وكان من بينهم عبدالله الذي ارتسمت على ملامحه السعادة والفرح، وهو يشارك الفقراء والمحتاجين فرحتهم بالوجبات التي وزعت عليهم. 

أبطال متلازمة داون
«شددت بك أزري» كتاب يتميز بأسلوب راق في كلماته وعباراته، وذو رسالة هادفة تصل إلى كافة شرائح المجتمع لأصحاب الهمم على وجه الخصوص، كما يجسد الكتاب الصفات الإحدى والعشرين لأبطال متلازمة داون، بما فيها الصبر والإيجابية والذكاء العاطفي.

شعاع أمل
قال علي الجنيبي: أجد بين صفحات الكتاب وميضاً من الإيجابية وشعاع أمل في درب أصحاب الهمم، ولكنني أعلم أنني لم أوفِ لأبطالنا من فئة متلازمة داون حقهم بصورة كافية، ولكن العائد المعنوي كان باهراً لي ولهم ولأسرهم».