هناء الحمادي (أبوظبي)
لم تثنِ سطوة التطور والحداثة خالد الحوسني، عن الاهتمام بالمقتنيات القديمة، التي اشترى منها بعض القطع غير الأصلية في بدايته، نتيجة قلة الخبرة والمعرفة، وقد دفع مقابلها الكثير من المال على اعتبار أنها أصلية، ولكنه تعلم من ذلك واستفاد من أهل الخبرة، ليستطيع التفرقة بين أنواع القطع، وما تستحق من قيمة تدفع مقابلها، خلال مسيرة توّجها بمشروع يضم الكثير من القطع النادر.
بالإضافة إلى بحثه الدائم عن المقتنيات، واجه خالد الحوسني صعوبة الترويج والإعلان عن مشروعه خلال فترة تداعيات «كورونا»، وجلس مع نفسه يفكر، فتبادر إلى ذهنه بعض الأسئلة.. هل يتوقف؟ هل يضيع جهده؟ هل يتخلى عن حلمه؟.. وأمام كثرة التساؤلات انتفض من أفكاره السلبية، وحولها إلى إيجابية تدفعه نحو مواصلة مسيرة نجاحه، باللجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وأصر على الاستمرار خلال فترة «الجائحة»، ومع تخفيف القيود المرتبطة بها، يشهد مشروعه النجاح، الذي كان يتمناه.
لدى الحوسني مجموعة كبيرة من المقتنيات القديمة للبيع، التي تتنوع بين العملات والطوابع البريدية والمجلات والكتب القديمة وكاميرات التصوير ومجسمات صغيرة للسيارات، وغيرها من القطع، التي يرجع تاريخ بعضها إلى القرن الـ 19 وبدايات القرن الـ20، ضمها مشروعه «F7 أنتيكس» والذي يعتبره أيقونة تاريخية تعبر عن قصة من قصص الحياة وأحداثها المتنوعة بين مشاعر النجاح والتغلب على التحديات.
قيمة تاريخية
الحوسني يرجع اهتمامه بجمع المقتنيات إلى والده، الذي يملك مجموعة كبيرة ذات قيمة تاريخية، حيث كان يحكي له عن كل قطعة وأهمية اقتناء تلك الأشياء القديمة، فاستطاع بتشجيع والده ودعمه أن يجمع الكثير من المقتنيات النادرة، التي يقول عنها «حباً في ذلك، بدأت مشروعي الذي يرمز حرف (F) إلى أول حرف من اسم (والدي)، وهذا تقديراً لدوره في تشجيعي على مواصلة هذه الهواية، التي أصبحت شغفاً لا يتوقف، أما (7) فهو الرقم المفضل لدي».
مشاركات
الحوسني، الذي يدرس «الاقتصاد السياسي» وتطوره في جامعة زايد، أشار إلى أنه توّج جهوده التي بدأت منذ فترة بمشروعه في عام 2020، خلال جائحة «كوفيد-19»، ورغم الصعوبات التي واجهها في البداية للترويج لهذا المشروع نتيجة الإجراءات الاحترازية والتباعد الجسدي، إلا أن إصراره على النجاح جعله يفكر في إيجاد البديل عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي، فبدأ عبر «الواتس أب»، ثم انتقل لـ«إنستغرام»، وهو ما أسهم في زيادة عدد متابعي المشروع، ومع عودة الحياة اتجه إلى المشاركة في فعاليات مختلفة للترويج لمشروعه، مثل فعالية «سوق الحديقة» التي تنظمها «حديقة أم الإمارات» ومهرجان التراث البحري في أبوظبي، كما قام بتدشين موقعه الخاص، لتحقيق المزيد من الخطوات الناجحة خلال العام الجاري.
ولفت الحوسني إلى أن هذه الهواية تثير اهتمام المثقفين وهواة التاريخ والماضي؛ لذلك يحرص على اقتناء «الأندر والأقدم» من العملات، وحسب قوله «يرى خبراء العملات والتراثيات أن ارتباط الأثر بتاريخ ما، يعطيه قيمة مضاعفة، ومكانة خاصة عند من يعشق ويعرف قيمة تلك الهواية جيداً».. ويضيف: «لا يقتصر مشروعي فقط على المقتنيات القديمة، فهناك شعارات لأغلب الإنجازات التي حققتها الدولة مثل الوصول للفضاء وإطلاق مسبار الأمل، ومعالم معمارية مثل برج خليفة وعين دبي، إلى جانب (أحجية مسبار الأمل)، وهي عبارة عن لعبة بازل، تتكون من 500 قطعة.
رحلات السفر
الحوسني يجد متعته في كثرة السفر لشراء الأشياء القديمة من مختلف أنحاء العالم، حيث قاده شغفه العابر للحدود، إلى التعرف على أروقة أسواق شعبية كـ(البازارات)، التي غالباً ما يجد فيها الهواة ومحبو هذا المجال الكثير من المقتنيات النادرة التي تباع بأسعار قليلة».
وخلال تلك الزيارات صادف الحوسني الكثير من المقتنيات، منها الأصلي، ومنها التقليدي، التي يقول عنها «لقلة الخبرة في البداية.. اشتريت الكثير من المقتنيات من (البازارات) واكتشفت أنها غير أصلية، على الرغم من دفع الكثير من المال مقابل اقتناء تلك القطع.. لكن بعد الفحص والتأكد من جودتها وسؤال أهل الخبرة بات لا يتسرع في شراء أي شيء من المقتنيات التاريخية حتى لو من مكان معروف، فهناك الكثير من الباعة يضعون المقتنيات غير الأصلية ويتم بيعها للزبائن قليلي الخبرة والمهارة»، مشيراً إلى أنه مع الوقت اكتسب الخبرة والمهارة في معرفة القطع التي تستحق الشراء والاقتناء.
محطات حياة خالد الحوسني الناجحة تشعره كأنه رجع مئات السنين ليتذكر أشياءً مضت وتاريخاً غابر، تعرف خلاله على الكثير من الأصدقاء، خاصة ممن يحبون شراء تلك الأشياء القديمة، ويتمتعون بمشاهدة القطع النادرة ويتذكرون الماضي العريق، فبدلاً من قراءة التاريخ في الكتب، يتفحصون الأشياء التي استغرق وقتاً طويلاً بجمعها.
طابع بريد
أشار الحوسني إلى أنه يملك لوحة تضم طوابع بريد إماراتية ترجع إلى الفترة من 1971 حتى الثمانينيات، موضحاً: «أعتبر هذه اللوحة رمز مشروعي، فهي توضح تاريخ الطوابع البريدية منذ قيام الدولة حتى نهاية الثمانينيات، ومن بينها أول طابع صدر ضمن مجموعة الاتحاد»، والطريف أنه جمعها كلها من دول مختلفة، وهو ما يرمز إلى أن الطوابع تجمع العالم، وأنها وسيلة للتعريف بالدول وأبرز معالمها ومناسباتها الوطنية.
إصدارات
لا يقتصر الحوسني فقط على المقتنيات القديمة، فهناك إصدارات حديثة خاصة بالمشروع، من أبرزها ميدالية تذكارية تم بإصدارها بمناسبة اليوبيل الذهبي لدولة الإمارات، وهناك 100 قطعة منها فقط، وتتميز بتصميمها الذي يحوي شعار عام الـ 50.