هناء الحمادي (أبوظبي)
عشقت سارة الحوسني الفخار وصاغت عشقها بلمسات أصابعها، فأخرجت من الطين قطعاً خزفية تنطق بكل حب، تعمقت في أغواره وجواهره، وأكدت للجميع أنها قادرة على التميز والإبداع، لم تجلس قابعة خلف جدار المنزل، إنما تعدّت ذلك لإثبات وجودها، فقد استطاعت أن تصنع لنفسها طريقاً تبدع فيه لتصبح مثالاً للفتاة الإماراتية، وتكتب قصة نجاحها تغلبت على التحديات في مجال يصعب على غيرها من الفتيات.
تسعى الحوسني إلى إحياء مهنة «صناعة الفخار»، التي تعد من أقدم الصناعات التقليدية في الإمارات، عبر إبداع أنماط وأشكال مبتكرة من الأدوات الفخارية بتقنيات فنية عالية ولمسات عصرية جاذبة، وتعيش لحظات إبداعية مع قطع الطين التي تشكلها بأنامل ماهرة، لتخرج من بين يديها قطعاً تنطق بالجمال والدقة.
تشعر سارة الحوسني بالسعادة في شهر رمضان، مع «لمة العائلة» التي تجعلها تبدع في مشروعها في المساء، حيث تعكف على صنع العديد من القطع الفنية، سعياً إلى التميز، وتلبية طلبات المطاعم التي تنتظر قطعاً مختلفة ببصمات جميلة من إبداع سارة الحوسني، التي تطمح في «تأسيس مدرسة للخزف» يتعلم فيها الصغير والكبير هذا المجال من الإبداع والفن الجميل.
الحوسني (أم لثلاثة أطفال)، بدأ حبها للفنون والتعليم منذ السنين الأولى من عمرها، وتخرجت من جامعة زايد عام 2014 بشهادة بكالوريوس تصميم في وسائط الإعلام المتعددة، ودرست الإعلام والفنون معاً، مما جعلها تمارس الفنون بصورة أكبر، سيراً على طريق والدتها التي كانت أيضاً تمارس الفنون والرسم.
الفضول نحو اكتشاف عالم فن الفخار دفع الحوسني إلى التعمق واكتشاف أسرار هذا الفن، ومن خلال إبداعها استطاعت أن ترسم لنفسها خطاً مختلفاً في عالم الفخار، وتمارس حرفة «صناعة الفخار» بكل حب وشغف، ليصبح لها علامة تجارية واسم يشار له بالبنان والتميز لينتهي بها المطاف بالحصول على رخصة تجارية تمارس ما تبدعه أناملها لتنطلق من عالم التواصل الاجتماعي بالترويج وبيع القطع الفنية.
تنفيذ
وتقول «عجن وتشكيل وتشذيب وحرق.. بهذه الخطوات تبدأ رحلتي في عملية صناعة تحفة فنية من الطين، وتبعث الشعور بالفخر وأنا أصنعها، فتشكيل قطعة واحدة يمتد لأيام ما بين عجن الطين الطبيعي، حتى التشكيل بتقنياته، وسط حالة تركيز معينة يجب الوصول إليها أثناء القيام بهذه الخطوات، ومن ثم الانتظار يومين حتى تجف القطعة، وبعدها مرحلة التشذيب، التي تعطي الشكل الأخير، وبعدها الحرق عدة ساعات، ثم فحص القطع بعد أن تبرد قليلاً، وبعدها تأتي مرحلة التلوين بمادة، تمنح القطعة لوناً وحماية، ويتمازج اللون مع القطعة فيصبح جزءاً منه، ويصاحب هذه المرحلة سكينة في النفس واعتماد على الذوق الخاص بالصانع، وبعد الانتهاء من التلوين تدخل القطعة مرة ثانية في الفرن، حينها تصل للمرحلة النهائية، ويمكن بعد ذلك مشاهدة تحفة فنية.
ورش تدريب
وقررت الحوسني إعطاء مساحة أكبر للمقاهي والمطاعم ومحال الورود في الإمارات لطلب وتصميم قطع خزفية أو فخارية بصنع أنامل إماراتية لتّستخدم في محالهم بطابع معاصر.. وتعلمت على يد معلمين ومدربين مختلفين في الإمارات وأشخاص مختصين في مجال الفخار ومعروفين عالمياً عند زيارتهم وتقديمهم ورشة في فنون الفخار في الإمارات.سارة أصبحت متمكنة أكثر وملمة بهذا الفن وعندما بدأت بممارسته أسست «استوديو» في المنزل ومن بعدها قامت بممارسة صناعة الفخار بصورة أكبر بجانب التعليم الذاتي. وعن أسرار صناعة الفخار، ذكرت أن هناك اشتراطات محددة لصناعة الفخار الجيد، ومنها الاحترافية والتعلم، حيث لا يوجد شكل معين للقطعة، فالصانع يختار الشكل حسب الطلب، أو حسب مهارته في التشكيل بطريقة تميزه عن غيره في العمل بهده المهنة الدقيقة للغاية.
اكتساب الخبرات
قدمت الحوسني العديد من الورش للمشاركين من خلال الاستوديو الخاص بها، وتقول إن هناك إقبالاً كبيراً من الشباب الذين يطمحون إلى اكتساب المعرفة واكتشاف تفاصيل وأسرار هذا المجال من باب الخبرة والمهارة وصنع العديد من قطع الفخار بأناملهم، ومن أهم تلك الورش ورشة عجلة الفخار، تشكيل الفخار اليدوية، بهدف نشر وتعريف الناس عن هذا الفن والخطوات المتبعة للحصول على قطعة فخارية قابلة للاستخدام.