بالصور.. «حق الليلة» في الإمارات.. بهجة تليق بأهلها
بالصور.. «حق الليلة» في الإمارات.. بهجة تليق بأهلها
17 مارس 2022 20:51
لكبيرة التونسي (أبوظبي) بسعادة بالغة وعيون ملؤها الفرح، انطلقت اليوم الخميس احتفالات «حق الليلة»، المناسبة الشعبية التراثية في عدد من فرجان الإماراتية، وزارت البيوت لتنعش الذاكرة الاجتماعية المضيئة. بنات وأولاد بزينتهم الملونة، يحملون حقائبهم المصممة بإبداع، ليجوبوا الشوارع، ويدخلوا إلى البيوت بعد صلاة العصر، ضمن ترحاب وكرم يليق بأهل المكان، يتفاخرون بما وُزِّع عليهم من لوز وجوز وفستق وبيدام وحلويات ونقود. تعود المناسبة الشعبية والتراثية «حق الليلة» التي تصادف ليلة النصف من شعبان، لتحيي في نفوس الصغار والكبار عبق بشائر شهر رمضان الكريم، وما يثيره قرب قدومه من مشاعر فياضة، حيث تزدان فرجان الإمارات وتزهو بأصوات الأطفال. ومع حلول الموعد تسعد الأسر، وتبتهج بـ «لمة» الأحباب والأصدقاء، إذ ينخرط الجميع في إحياء هذا التقليد الجميل بكل فخر واعتزاز وتقدير للقيم والعادات والتقاليد.
فرحة أوضحت الوالدة شيخة أحمد من منطقة الزعاب بأبوظبي أن الفريج يتحول في «حق الليلة» إلى كرنفال مصغر، حيث تزهو الألوان وتبتهج الشوارع، موضحة أن هذه الاحتفالات عادة شعبية توارثتها العائلات منذ القدم. وكانت تحتفل بها بطرق مختلفة تعكس الفرح، واليوم أصبحت تفسح المجال للإبداع في مختلف المجالات، كتصميم الأزياء والحلي الذهبية التي تتخذ شكل الطراز التراثي. وتصمَّم بشكل متكامل مطعَّم بالأكسسوارات، وأكياس من القماش ترافقها لجمع الحلويات والهدايا الخاصة بهذه المناسبة. وأكدت أن الاحتفالات تختلف من بيت لآخر، لكنها تتشابه إلى حد كبير في بهجة وفرحة «اللمة»، وإعداد سفرة الطعام التي يجتمع عليها أفراد العائلة بعد صلاة المغرب، وتشتمل على ما لذ وطاب من مأكولات شعبية تراثية.
كرنفال في «حق الليلة» تتحول البيوت والشوارع في الأحياء الشعبية والفرجان إلى كرنفال بألوان الفرح. تفتح البيوت ساحاتها لاستقبال الناس والأطفال من مختلف الفرجان والأحياء السكنية الأخرى الذين يجدون في هذه المناسبة متعة كبيرة، وهم يتشاركون البهجة، ليعودوا محملين بالحلويات والذكريات. يشرِّع السكان أبوابهم لاستقبال الضيوف وتُمد السفرة بالأكلات الشعبية، وتُخصَّص الأماكن لممارسة الألعاب الشعبية، والتي كانت في السابق تُثبَّت عن طريق الحِبال في الأشجار، ويتشارك السكان ما لذ وطاب من الأكلات الشعبية والمخبوزات.
ذاكرة وقال حسين إبراهيم علي البادي، باحث ومؤرخ تاريخي أن «حق الليلة» المناسبة الشعبية التي تحظى بتقدير كبير من الأسر الإماراتية تُعد فرصة للاحتفاء وإضفاء البهجة على حياة الأطفال والكبار. يجتمع أفراد العائلة للاحتفال بهذه المناسبة التي ترتبط بالذاكرة الجمعية لأهل الإمارات، خصوصاً في الأحياء الشعبية التراثية والفرجان التي يجوبها الأطفال مرددين الأهازيج الخاصة بهذا التقليد.
وذكر البادي أن هذه المناسبة تُعد بمثابة الاستعداد للشهر الفضيل، وإعداد الأطفال وتذكيرهم بهذا الطقس الديني العظيم، مشيراً إلى أن منطقة الجافلية في دبي كانت تعيش أجواء رائعة خلال هذه الليلة، وهي منطقة سكنية شعبية تتكون من نحو 400 بيت، مقسمة إلى أكثر من منطقة. كان الكبير والصغير يسعد بهذه الاحتفالات ويشارك فيها، موضحاً أن صغار السن ممن هم أقل من 5 سنوات، يخرجون بمرافقة والدتهم، أو أختهم الكبرى، بينما من تجاوز هذا العمر يجوب الفريج مع الأكبر سناً.
توزيعات وعن التوزيعات قال إنها تشمل النثور، وهو ما كان يُنثر على العروس، ويتضمن الفول السوداني والبيدام واللوز والزبيب والملبَّس، والتي تُنتقى من سوق ديرة بكميات كبيرة وتُخلط، إلى جانب ما يحصل عليه الأطفال من أموال. وأوضح أن الإعداد للمناسبة يبدأ بخياطة الأكياس التي تُجمع فيها التوزيعات، وتتألَّف من لون واحد للأولاد، وألوان زاهية للبنات. تقف الأمهات أمام الباب لاستقبال الأطفال والإغداق عليهم بالحلويات والمكسرات التي تضعها في «جفير» كبير.
سفرة بعد المغرب للأطفال النصيب الكبير من فرحة «حق الليلة»، وهذه المناسبة ترسم أيضاً فرحة كبيرة على وجوه أفراده الأسر، حيث تجتمع في البيت بعد صلاة المغرب لتتقاسم سفرة كبيرة من المأكولات الشعبية. وتضم الساقو وخبز الخمير والهريس والقهوة وسواها من الأصناف التراثية الشهية، كما تلبس البنات الكندورة المخوَّرة والثوب وتتزين بالذهب التراثي.
طرائف وأشار الباحث البادي أن احتفالية «حق الليلة» كانت ترافقها مواقف وطرائف، موضحاً أن الأسر كانت تعطي للبنت المال أكثر من الولد، ما يدفع بعض الصبية لارتداء عباءة وبرقع والتخفي من أجل الظفر بأكبر قدر من النقود. وذكر أن الولد كان يتعرض للضرب في حال اكتُشف أمره، لافتاً إلى أنه كان واحداً من هؤلاء الذين تعرضوا لهذا الموقف الطريف.
موروث وقالت ميثاء محمد من منطقة القوز في دبي أن الاستعدادات لإحياء «حق الليلة» استغرق عدة أيام، لإعداد البيت، وكذلك لخياطة الملابس التراثية أو شرائها جاهزة، موضحة أن هذه الاحتفالية أبهجت الكبير والصغير.