هناء الحمادي (أبوظبي)
تحتفل الأُسر الإماراتية سنوياً بـ«حق الليلة»، وهي مناسبة النصف من شعبان، والتي تشهد شراء الحلويات والمكسرات لاستقبال الأطفال الذين يأتون في تجمعات صغيرة حاملين أكياساً مزركشة، يطوفون بها على البيوت مردِّدين مجموعة أهازيج، منها: «عطونا حق الليلة.. عطونا الله يعطيكم.. بيت مكة يوديكم». وفيما يحتفل الكبار والصغار بهذه الليلة استعداداً لحلول شهر رمضان المبارك، يعتبرها آخرون احتفالية توارثتها الأجيال على مر السنين، والهدف منها غرس البهجة في نفوس الأطفال، وتلاحم العائلة وأهل الفريج الواحد.
تسترجع مريم سعيد سالم، عضو في جمعية شمل للتراث والفنون والمسرح برأس الخيمة، ذكرياتها مع «حق الليلة»، قائلة: مناسبة تعبِّر عن فرحة الأطفال الذين يجوبون الشوارع مرتدين الملابس الشعبية، ويحملون أكياساً تُخاط خصيصاً ليجمعوا فيها الحلوى والمكسرات التي يحصلون عليها من بيوت الفريج.
ومن الأمور الطريفة التي تحدث بعد نهاية ليلتهم، أنهم يتباهون فيما بينهم، ليعرفوا من جمع أكثر من الهدايا. وتضيف: «حق الليلة» من المناسبات التراثية الجميلة الموروثة عن الأجداد من مئات السنين، وتحولت إلى مهرجان احتفالي يرتدي فيه الأطفال الملابس الخليجية التراثية التقليدية الجديدة والمزركشة. يحملون أكياساً متنوعة الأحجام والأشكال والألوان، يطوفون بها الفريج والأحياء ويطرقون أبواب البيوت مردِّدين الأناشيد والأهازيج الشعبية.
مسميات
وتذكر الوالدة مريم أن مسميات «حق الليلة» تختلف بين دول الخليج، ففي الإمارات تكون ليلة 15 شعبان، فيما تحتفل بها دول أخرى في 15 رمضان. وتسمى في قطر والبحرين «القرنقعوه»، وفي الكويت والسعودية «القرقيعان»، وفي سلطنة عمان تُسمى «القرنقشوه».
حلويات زمان
عن حلويات أيام زمان تلفت الوالدة مريم إلى أنها كانت تختلف عن اليوم، وتشمل خليطاً من التين وبيض «الصعَو» بألوانه الأزرق والوردي والأبيض، و«البرميت»، وهي حلوى شفافة تأتي من الخارج مغلفة بورق «السولوفان» بأنواع وأحجام مختلفة، و«الشاكليت» المصنوعة من الحليب أو الكراميل أو الشوكولاتة، و«الزلابيا»، وهي حلوى على شكل مشبّك. أما أنواع المكسرات، فمنها «البيذام» أي اللوز بأنواعه المقشر والخفيف والجاف وذو القشر، و«اليوز» أي الجوز، و«النخي» أي الحمص المحمَّص، و«الحبة الخضراء» أي البازلاء.
أكياس
في الماضي كانت الأم أو الجدة تخيط لأطفالها أكياساً من القماش تُعرف بـ «الخرايط»، يحملها الأطفال ويطوفون بها بين البيوت القديمة لجمع الحلويات، التي كانوا يتنافسون على جمعها، خصوصاً عندما يقصدون منازل الأسر الغنية التي توزع الكثير من الحلويات بأشكال وأنواع وأحجام مختلفة. ويقوم الأطفال بالمدح والثناء على أصحاب البيوت التي تقدم أكبر كمية من المذاقات اللذيذة.
«الشربت»
يقوم صاحب البيت باستقبال الأطفال بالعصائر وما يُعرف بـ «الشربت» قديماً، وبعض الحلويات مثل «الميز» و«الزبيب» وأخرى تُصنع في المنزل وتُقدم للأطفال لبعث الفرحة في قلوبهم خلال هذا اليوم.
بعد العصر
تبدأ طقوس «حق الليلة» في الإمارات بعد صلاة العصر، حيث يتجمع الأطفال بملابسهم التقليدية، البنات بأثوابهن المزركشة والصبيان بالكندورة والطاقية المطرزة، يحملون كيساً من القماش ويمشون جماعات، تتوقف كل منها عند بيت من البيوت، وتبدأ بترديد الأهازيج.