السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

ريّان طْوير الجنة

ريّان طْوير الجنة
7 فبراير 2022 01:20

لم يحدث أن شغلت قضية إنسانية العالم بأسره وبشكل مباشر كما حدث مع الطفل المغربي صديقنا وابن قلوبنا ريّان، ولا نعرفُ عنه شيئاً خلا اسمه الذي رَوانا بمشاعر مختلطة من الفرح والحزن خلال خمسة أيام، هي عمر الوقت الذي قضاه في عتمة البئر، حين سقط فيه فأشعل العالم خوفاً وترقّباً وقلقاً، فصار ابناً لنا، وصديقاً، وقضية أرّقتنا كما لم يؤرقنا شيء قبله.
ريّان الذي بكتهُ قلوبنا وانبرى لنعيهِ وتقديم العزاء فيه قادة دول ورؤساء حكومات ومنظمات عالمية وفقهاء وعلماء ليس حدثاً طارئاً بل موقفٌ تاريخي ستحمله الأيام معها، وسترسم أنامل «العم» علي البصيري كما يسميه أشقاؤنا في المغرب آثار مهمته الإنسانية العظيمة تلك التي تركها وهو يحفر الرمل بيديه، ليمهد لرجال الإنقاذ الطريق للوصول إلى الطفل القابع في عتمة الجُب لا يعلم وضعه إلاّ الله وحده الذي استودعناه إيّاه بعد أن أسلم الروح عقِبَ انتشاله منه.
قضية ريّان الذي ملأت صوره وسائل الإعلام وهو يحملُ خرافه، ويسير في الحقول تطرح العديد من الأسئلة التي قد لا نجد لها إجابات، أسئلة حول ما حدث، وما سيحدث، وما الذي يتذكره الناس الذين أوجع قلوبهم رحيل طفلٍ لا حول له ولا قوة، ولا يعلم رحمه الله فحوى الأسئلة ومغزى ما يرمي إليه مذيع خائب وحقود وهو يقارن بينه وبين غيره وهو في وضعه الخطير، وسط العتمة دون مقومات للحياة، طفلٌ انبرت حكومته لإنقاذه ولم تطلب من أحد أن يدبّج الكلمات عبر الشاشات ليدعو لريّان، بل هم الذين جاءوا بعدتهم وعتادهم الإعلامي غير الإنساني في بعضه ليدسوا السّم في وقت يحبس فيه العالم أنفاسه، ويصلّي البسطاء لله أن يُنقذ الطفل العاجز عن إسعاف نفسه.
أسئلة تُطرح حول ماهية التعاون الإنساني والتعاضد والعمل الدولي في مثل هذه المحن والكوارث والأزمات، ألا ينبغي بعد حادث ريّان أن يتم التفكير في عملٍ دولي مؤسساتي تكون مهمته الظهور في وقت الطوارئ ليقوم بمهمات الإنقاذ الإنسانية في كل مكان، تتكاتف فيه الدول وتصرف الموازنات وتهيئ التقنيات الإسعافية والأدوات المتطورة التي يمكن أن تساعد في مثل هذه الأزمات؟
رحل ريّان ونحن نفكر في حلول ما بعد الرحيل، ربما لأننا لا نريد أن نحزن على طفلٍ آخر في أي مكان أو زمان، وربما هي أمنياتنا التي كانت مخبأة في جوارحنا ونحن نتابع انتشال الجسد الصغير الذي غادر ودعواتنا له بالرحمة تتبعه، وبالصبر والسلوان لوالديه ومحبيه، وداعاً ريّان «طوير الجنة» الخالد في قلوبنا.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©