د. شريف عرفة
يشكو كثير من أولياء الأمور من كون أطفالهم منغمسين في مشاهدة شخصياتهم الخيالية، متابعين قصصها بشغف أكبر من المذاكرة.. إلا أن دراسة علمية أماطت اللثام عن وسيلة فعالة لاستغلال هذا الوضع لصالح طفلك.
الأطفال سريعو الملل.. ينجذبون للأشياء المثيرة - مثل الكارتون وألعاب الفيديو - أكثر من الأمور الرتيبة التي لا إثارة فيها كالمذاكرة.. لكن حسب كثير من الأبحاث، فإن المثابرة هي المفتاح الحقيقي للنجاح الدراسي.. لا يكفي أن يكون الطالب ذكياً، بل الأهم أن يكون مثابراً.. الانضباط الذاتي - كما يسميه الباحثون - يجعل الطالب يذاكر لساعات طويلة رغم أن ما يذاكره قد يكون مملاً أو صعباً..
فكيف يمكن زيادة المثابرة لدى طفلك؟
تجربة طريفة
في دراسة تحمل عنوان «تأثير باتمان: تحسين المثابرة عند الأطفال الصغار»، لباحثين من جامعات بنسلفانيا ومتشيجن ومنيسوتا، أجريت على أطفال في الرابعة والسادسة، طلبوا منهم إكمال مهمة متكررة تتطلب المثابرة والاستمرار في المحاولة.. وطلبوا من بعض منهم تقمص شخصية بطلهم المفضل «أي شخصية كارتونية من اختيارهم مثل باتمان أو دورا المستكشفة..»، فوجدوا أن الأطفال الذين تقمصوا شخصية بطلهم، استمروا في المحاولة لعدد مرات أكبر من الأطفال الذين لم يمارسوا لعبة التقمص هذه.. أي أن مجرد التخيل أدى لنتائج ملموسة في سلوك الطفل ومثابرته بشكل ملحوظ.
يعطي الباحثون تفسيراً لهذه النتيجة، بأن الطفل حين يتقمص شخصية بطله المفضل، فإنه يشعر بالثقة والتحفيز المستمدين من نقاط القوة التي لدى هذه الشخصية الخيالية.. ويتوقف عن التركيز على مشاعره السلبية والرغبة في فعل شيء أكثر إثارة للاهتمام، وبالتالي، يساعده ذلك على التركيز على الهدف النهائي المتمثل في إكمال المهمة.
هذه الفكرة يمكن أن تكون مفيدة للكبار أيضاً..
بأن تسأل نفسك دائماً: كيف سيتصرف مثلي الأعلى في الحياة في مثل هذا الموقف؟
كيفية ممارسة هذا التدريب
لممارسة هذه اللعبة مع طفلك، يمكن اتباع هذه الخطوات البسيطة:
اختر شخصية: اطلب من أطفالك التفكير في شخصية مجتهدة يحبونها، مثل بطل خارق أو بطل من سلسلة كتبهم المفضلة.
ساعده على التقمص: ابحث عن العناصر الموجودة في جميع أنحاء المنزل والتي يمكنك استخدامها كدعامات حتى يتمكن أطفالك من اكتساب الشخصية، على سبيل المثال، يمكنك جعله يرتدي قبعة تحاكي هذا البطل أو تلف حرملة على كتفه لتساعده على التقمص..
بدء المهمة: بمجرد أن يتقمص الطفل الشخصية، ذكّره بأداء المهمة التي عليه القيام بها.. مثل أداء واجباته المدرسية، أو ترتيب فراشه، أو تنظيف غرفته، كما لو كان الشخصية التي اختارها. شجعهم على التحدث مع أنفسهم كما لو كانوا بهذه الشخصية. وتحدث معه بنفس الطريقة: «كيف حال باتمان في واجباته المدرسية؟»
شخصيات عربية
توضح مثل هذه الدراسات مدى عمق التأثير الذي تحدثه الشخصيات الخيالية على التكوين النفسي للطفل، وما لذلك من دور إيجابي في تشكيل شخصيته عن طريق تطلعه لمثل عليا. وهو ما يطرح سؤالاً شديد الأهمية.. هل نقدم لأطفالنا شخصيات خيالية عربية مستمدة من ثقافتنا نحن؟ وهل ندعمها بالقدر الكافي لتوازي التأثير الثقافي الذي تحدثه شخصيات الكوميكس الأميركية؟
قد يكون النموذج الإيجابي الوحيد تقريباً في الوقت الحالي هو ما تقدمه أبوظبي للإعلام من شخصيات مجلة ماجد وقناتها الفضائية وتطبيقها، والتي تعد النموذج الأبرز المقدم للطفل العربي اليوم. وهي تجربة فريدة تستحق متابعة الطفل العربي للتعلق بشخصياتها العربية المتميزة.