عدد اليوم
محمد نجيم (لرباط) ما من زائر لمدينة فاس البهية في المغرب، إلا ويستمتع بمتحف البطحاء أو«دار البطحا» كما يطلق عليه السكان. هو متحف ليس كبقية المتاحف المغربية، يأخذك إلى أعماق قرون سالفة للاستمتاع بمشاهدة ما أبدعه المغربيون على مر الأزمنة، من فنون العمارة الشبيهة إلى حد ما، بقصور وغرف وباحات ونافورات قصور غرناطة وإشبيلية في الأندلس.
فيجد زائر متحف البطحاء نفسه يسبح في بحر من السحر والروعة أمام بهاء الزليج المغربي الذي يزين غرفه، كما تسحره النقوش الجبسية والخشبية التي تزين الأسقف والجدران برسوم وإبداعات من روائع الخط العربي وتعكس مدى براعة الحرفي والصانع المغربي في مجال النقش على الخشب والجبس والفسيفساء. وهي فنون وصناعات دقيقة تبهر كل من يزور المتحف بما تتميز به من دقة وإتقان. يضم المتحف الذي بناه السلطان العلوي المولى الحسن الأول سنة 1883 ليكون إقامته الصيفية المفضلة وقصراً لاستقبال ضيوفه من علية القوم وكبار العلماء والشعراء. وقد تطلب إنجاز القصر 4 أعوام، حسب ما كتب على لوح منقوش من الجبس في أعلى القبة الوسطى من القصر.
ويحتوي المتحف على الكثير من القاعات التي تقدم للزائر مختلف الأدوات المستعملة في الحياة اليومية للمغاربة خلال عقود طويلة، بينها: ملابس حريرية وصوفية وأحذية يعود تاريخها إلى عدة عقود، حلي فضية ونحاسية قديمة كانت تتزين بها المرأة المغربية، مسكوكات نقدية، بعض الأسلحة التي كانت تصنع يدوياً في مدينة فاس وبقية المدن المغربية كالسيوف والخناجر والبنادق. ويعرض المتحف سروج الخيل، وزاربي قروية مزينة بنقوش ورسوم نابعة من التراث المغربي الأصيل، مقتنيات نادرة كالمخطوطات القديمة، وأدوات كانت تستعمل قديماً في الحدادة وصناعة الخزف ودباغة الجلود وصنع الأواني النحاسية وحياكة الملابس الصوفية، مما يعطي للزائر نظرة عن مظاهر الحياة اليومية في فاس وباقي مدن وقرى المغرب، ويمنحه فكرة عن حضارة المغرب وعراقة تاريخه.
وتزين متحف البطحاء الكثير من الأقواس وصهاريج ونافورات أندلسية وأبواب خشبية عملاقة مزينة بنقوش جميلة نابعة من تاريخ العمارة المغربية والأندلسية. ويقول سمير العلوي، المهتم بالشأن الثقافي وتراث مدينة فاس: إن متحف البطحاء يعد من أكبر وأجمل المتاحف التي شيدت في المغرب، وهو وجهة سياحية لعشاق السياحة الثقافية والتاريخية من المغرب ومختلف أنحاء العالم. والمتحف يعطي نظرة موسعة وشاملة للزائر، إذ ينقله إلى فترات وحقب مختلفة من تاريخ المغرب وأمجاد الأندلس. والمتحف الذي صورت فيه بعض الأعمال السينمائية العالمية، يقف فيه الزائر متأملاً لإبداعات الصانع المغربي في شتى فنون العمارة والحرف التي كانت منتشرة في مدينة فاس وبقية المدن المغربية.
