تامر عبد الحميد (أبوظبي)
أصحبت المنصات الرقمية منافساً قوياً للتلفزيون، لما توفره من خصوصية وتفاعلية وحرية في الطرح مع جودة المضمون الذي يعتمد على التشويق والترفيه وسرعة الوصول إلى المحتوى ومشاهدته في أي زمان ومكان، من خلال عرض وإنتاج أعمال درامية ذات حلقات قصيرة ومواسم متعددة. وتُعتبر هذه المنصات اليوم بيئة خصبة للمعلنين، وتتهافت عليها شركات الإنتاج الفني، لحجز مكان لها في عالم جذب اهتمام الملايين، الأمر الذي بات هدفاً مهماً أمام المحطات التلفزيونية لتوسعة نطاق حضور المسلسلات الطويلة وما يُعرض عليها من أعمال، وإحياء دورها كقيمة أساسية في حياة المشاهدين.
فهل تهدِّد التطبيقات مستقبل الشاشة الفضية؟ وما مصير البث التلفزيوني للمسلسلات الطويلة؟
أكّد هيثم الكثيري المدير التنفيذي لشبكة قنوات تلفزيون أبوظبي بالإنابة، أن البث التلفزيوني للمسلسلات الطويلة مستمر، ولن ينتهي عصره مهما طال الزمن، خصوصاً أن لديه جمهوره منذ سنوات طويلة، وقال: هناك نسبة وتناسب بين الإقبال الجماهيري سواء على المسلسلات الطويلة أو القصيرة، ويرجع هذا الأمر إلى الفئة العمرية. فإذا تحدثنا عن فئة الشباب المرتبطة بالديجيتال وعالم الـ «سوشال ميديا»، فهي تفضِّل متابعة المسلسلات القصيرة، أما فئة الكبار فلا تزال حتى الآن مرتبطة بشاشة التلفزيون ومتابعة المسلسلات التي تُعرض عليه، والتي لا تزال تشهد رواجاً كبيراً حتى الآن. والدليل على ذلك أن هناك مسلسلات تم عرضها في فترة السبعينيات والثمانينيات، ومشاهدها لا تزال محفورة في الذاكرة، وتُشاهَد حتى وقتنا هذا، وذلك لقوة المحتوى وصلابة السيناريو وجودة الحوار.
منظومة متكاملة
وأوضح الكثيري أن التطبيقات الخاصة بالقنوات التلفزيونية ساهمت بدعم المسلسلات، ومواكبة العصر الرقمي الذي نعيشه، لكنها ستظل عاملاً مساعداً ولن تلغي القنوات التلفزيونية التي تعتبر أساس الإنتاجات، وقال: القنوات والتطبيقات منظومة متكاملة تهدف إلى خدمة المشاهد بتقديم محتوى مناسب لمختلف الفئات العمرية، عبر المسلسلات التي تحتوي على رسالة هادفة. وذكر أن شبكة قنوات تلفزيون أبوظبي تسعى إلى تقديم إنتاجات بأعلى المستويات الفنية، عبر تنفيذ خريطة برامجية ودرامية طول العام، بما ينسجم مع استراتيجية «أبوظبي للإعلام» الرامية إلى تلبية رغبات الجمهور وتقديم محتوى مبتكر ترفيهي وعصري، إلى جانب تركيزها الأكبر على المسلسلات ذات الـ 30 حلقة، والتي تعرض في الموسم الرمضاني. وأشار إلى أهمية موسم رمضان بالنسبة للدراما الخليجية والعربية، لأن معظم الإنتاجات ترتكز عليه وتصل نسبة الإعلانات فيه ما بين 40٪ - 50٪، كاشفاً أن شبكة تلفزيون أبوظبي لديها شراكات في عالم الإنتاجات ستعلن عنها في القريب العاجل.
وأوضح الكثيري أنه لا يوجد ما يمنع عرض مسلسلات قصيرة عبر شاشات التلفزيون، لافتاً إلى أن مسلسل «المنصة» ذات الحلقات القصيرة والمواسم المتعددة، عُرض على قناة «أبوظبي» والمنصات، لما يحتويه من حبكة درامية قوية ومحتوى متماسك وقصة تشويقية تحاكي الكثير من اهتمامات الجمهور، وحصد نسب مشاهدات عالية على صعيد شاشة التلفزيون، وحالياً يعاد عرضه على قناة «الإمارات». وقال: نحن في شبكة قنوات تلفزيون أبوظبي سنستمر في هذه التجربة، وسنواكب تطلعات المشاهدين لكافة الإنتاجات، وستبقى الأولوية لدينا في المحتوى والسيناريو الخاص بالأعمال وما تتضمنه من جرأة في الطرح، مع الأخذ في الاعتبار العادات والتقاليد.
مواكبة التقنيات
وتحدث أحمد سعيد المنصوري، المدير التنفيذي لقطاع الإذاعة والتلفزيون في مؤسسة دبي للإعلام، عن أهمية مواكبة أحدث التقنيات في عالم الإعلام الرقمي المتميز بخدماته المتنوعة من ناحية توزيع المحتوى ووصوله لأكبر شريحة، وذلك في ظل التقارب بين وسائل التكنولوجيا الحديثة ووسائل الإعلام المتعددة خلال السنوات القليلة الماضية، الأمر الذي دفع إلى زيادة الشراكة بين المؤسسات الإعلامية وشركات الاتصالات ومزودي خدمات التكنولوجيا. وأدى ذلك إلى حدوث تحولات في أنماط مشاهدة التلفزيون للمسلسلات والإنتاجات الدرامية المتعارف عليها، مع استحداث نماذج جديدة لمشاهدة المحتوى الإعلامي مقابل النموذج التقليدي القائم على بث المواد التلفزيونية عبر الأقمار الصناعية.
وأضاف المنصوري: في عصر الإعلام الرقمي لم يعد هناك مكان للاختباء وراء عنصر المفاجأة في ظل تنامي سطوة وسائل الإعلام الرقمي، والسعي لابتكار طرق وأساليب جديدة للترويج بعيداً عن الطرق التقليدية.
ويسعى تلفزيون دبي بقنواته المتعددة، إلى تكريس علاقته مع نجوم الدراما في الإمارات ومنطقة الخليج والعالم العربي، بعدما أثبت قدرته على دعم كل التجارب الدرامية والإنتاجية الجادة، التي تقدم رسائل مفيدة للجمهور على امتداد الوطن العربي، وذلك من خلال تعاونه مع شركات الإنتاج المهمة في الإمارات ومراكز الإنتاج في العالم العربي، وبحثه الدائم عن كتاب جدد لرفد الساحة الفنية بالأعمال الدرامية ذات الحلقات الطويلة.
عنصر جذب
من جهته أشار سالم الغيثي، مدير قناة الشارقة، إلى أن المسلسلات الطويلة والقصيرة لكل منها جمهورها، ويعتمد ذلك على نوع المحتوى المطروح، وما إذا كان جاذباً أم لا.
وقال: يعتمد العمل الدرامي سواء عبر الشاشة الفضية أو المنصات الرقمية على المضمون الجيد والنص المميز والقصص التي لها تأثير كبير لجذب المشاهد لمتابعة المسلسل سواء كان طويلاً أم قصيراً.
وذكر أنه في ظل الإعلام الرقمي والتكنولوجيا الحديثة وظهور التطبيقات والمنصات التي كونت قاعدة جماهيرية كبيرة، كان يجب على الشاشة التقليدية مواكبة التطور، والاهتمام بتنفيذ أعمال ذات محتوى قوي ومناسب لكل الفئات، حتى يكون لكل منصة دورها في استقطاب الأعمال وجذب المشاهدين.
واعتبر الغيثي أن مستقبل المسلسلات ذات الحلقات الطويلة لن يهتز عرشه، خصوصاً أن صناعة هذا النوع من المسلسلات لا تزال عنصراً جاذباً للمتلقي، خصوصاً في المواسم الدرامية المتعارف عليها. ويبقى النوع الآخر عملية مكملة للترفيه الدرامي، لافتاً إلى أن تلفزيون الشارقة يسعى دائماً إلى انتقاء أفضل الأعمال الدرامية التي تمس المشاهد المحلي والعربي من حيث المحتوى الهادف والمضمون الجيد.
حبكة ومضمون
ذكر هيثم الكثيري أن المشهد الدرامي التلفزيوني في السوق الصيني لا يزال مستمراً بإنتاج المسلسلات ذات الـ 200 حلقة وأكثر، والأمر نفسه بالنسبة للسوق التركي الذي ينتج 100 حلقة وأكثر. واعتبر أن سر هذه المنظومة هي القصة والحبكة والمضمون وجودة المحتوى، وأنه بالرغم من توفر المنصات الرقمية والتطبيقات التي تقدم خدمة سينمائية لأحدث الأفلام، إلا أن الشاشة الذهبية لا تزال الأساس في الحركة الترفيهية السينمائية في المنطقة والعالم.