لكبيرة التونسي (أبوظبي)
اتخذت هند محسن العامري، مساعد عالم الأنواع البحرية في هيئة البيئة، من السلاحف البحرية مجالاً لبحثها في العلوم البيولوجية كمشروع طموح لتوفير معلومات علمية للتعامل معها والحفاظ عليها من الانقراض. وجاء اختيارها للسلاحف البحرية وسلحفاة منقار الصقر، لاعتبارها مكوِّناً أساسياً في البيئة الإماراتية، لا سيما إمارة أبوظبي التي تحتضن العديد منها على امتداد جغرافيتها.
هند العامري حاصلة على بكالوريوس في علوم البيئة، تخصص المحافظة على التنوع البيولوجي، وباحثة دكتوراه بجامعة إكسيتر بالمملكة المتحدة، ومتخصصة بالسلاحف البحرية في أبوظبي، ذكرت أن الحفاظ على البيئة من الأبحاث المهمة، إلا أن الدراسات العلمية الدقيقة قليلة، ويحتاج إليها الباحثون والمنظمات والهيئات لرسم الاستراتيجيات الخاصة بإدارة التنوع البيولوجي.
تحقيق التوازن
وأوضحت أن عملها يترافق مع شغفها بالمساهمة في تحسين حالة البيئات الحرجة، كجزء أساسي من البيئة الإماراتية. أضافت: أعمل في قسم صون الحياة الفطرية البحرية ومراقبتها عبر القيام بالعديد من الأبحاث والدراسات للحيوانات المهدّدة بالانقراض مثل السلاحف، الدلافين، أبقار البحر، والبيئات الحرجة مثل أشجار القرم والشعَب المرجانية والأعشاب البحرية. وذكرت أن السلاحف تسهم في تحقيق التوازن للحياة البحرية في مختلف أنحاء العالم بين الأنظمة البيئية، حيث تعتبر مؤشراً على صحة النظام البيئي البحري. وتُعد جزءاً أساسياً من البيئة البحرية ووجودها يحقِّق التوازن البيئي، والسلاحف تتغذى على الشعاب المرجانية، وغيابها يزيد من تكاثر الطفيليات المرجانية، التي تؤدي إلى الإضرار بالبيئة البحرية وبمكوناتها بما فيها الأسماك.
تحديات
وعن طبيعة عملها، قالت العامري: عملي ميداني يتعلق بالأبحاث وبالبيئة البحرية، نزور الجزر ونتنقل بالمروحيات وفق خطة متكاملة لدراسة هذا الحيوان أو هذا النبات ومن أجل تحقيق أهداف أبحاثنا، موضحة أن هذا المجال فتح لها العديد من الفرص للدراسة والتعمق في البيئات الحرجة، لافتة إلى أن نظرتها للبيئة اختلفت، بحيث أصبحت تفكر بطريقة عميقة في المحيط الذي نعيشه وتشاركنا فيه كائنات أخرى وكيف يجب الحفاظ عليه والإسهام في مستقبل أفضل مدفوعة بحب المعرفة وشغف البحث والعلم. وأشارت إلى أنه لا يزال المجال خصباً للبحوث، وأن الحاجة ملحّة لإجراء المزيد من الدراسات لتوسيع نطاق فهمنا بهذه الحيوانات المهدَّدة، موضحة أن مجال دراستها الحالي هو نظام بحثي فقط، وعليه فإنها تجد رغبة في التعمّق بالحياة البحرية، حيث تعتمد السلاحف على درجة الحرارة لتحديد الجنس. فكلما زادت الحرارة في فترة الحضانة زاد عدد الإناث، ولذلك فإن بحثها يركِّز على معرفة ما إذا كانت السلاحف الموجودة في أبوظبي تتأثر بدرجات الحرارة، أم لديها قابلية للتكيّف.
مسارات الهجرة
في إمارة أبوظبي، تتم مشاهدة أعداد كبيرة من سلاحف منقار الصقر والسلاحف الخضراء في المياه التي تقع بين جزيرة أبو الأبيض وجزيرة بوطينة، وفي المياه المتاخمة لجزر الياسات ومهيمات. وتتميز هذه المناطق بوجود طبقات كثيفة من الأعشاب البحرية والطحالب، وانتشار مواطن الشعاب المرجانية. ونجحت هيئة البيئة منذ عام 1998 في تعقّب مسارات هجرة السلاحف الخضراء وسلاحف منقار الصقر بوساطة الأقمار الصناعية، وتقوم منذ عام 1999 بإجراء مسوحات دورية مكثفة على الشواطئ الملائمة لتعشيش السلاحف وتحديد مناطق التعشيش.
فقس البيض
سلاحف منقار الصقر غالباً ما تعشِّش في الجزر البحرية، ويتجه فريق هيئة البيئة في أبوظبي إليها بين شهري مارس ويونيو، ويضع علامات على أعشاشها أثناء الليل. وبعد 6 أسابيع، عندما يحين موعد فقس البيض، يقوم الفريق بمراقبة حجمها ووزنها، ويساعدها في رحلتها من الشاطئ إلى البحر. وعند انتهاء الموسم، يعود الفريق إلى الجزر ليحسب عدد البيض.
أعشاش
ذكرت العامري أن إمارة أبوظبي يعيش فيها نوعان من السلاحف البحرية، السلاحف الخضراء بين 3000 و3500 سلحفاة، وسلحفاة منقار الصقر بين 1000 و1500 سلحفاة تعيش وتعشِّش بما يعادل 152 عشّاً سنوياً.
شِباك
من العوامل التي تهدد سلاحف منقار الصقر، الوقوع بشِباك الصيد المهجورة، الصيد الجائر، تغيير الظروف المناخية، التنمية الساحلية، التلوث، والإفراط في استغلال لحمها وبيضها وصدفها.