واشنطن (الاتحاد)
سيتذكر كثيرون الفترة التي تولى فيها مارتي بارون رئاسة تحرير «واشنطن بوست» خلال حكم دونالد ترامب على النحو الذي يتذكرون به فترة بن برادلي عندما كان رئيساً لتحرير «واشنطن بوست» عندما فجرت فضيحة «ووتر جيت» التي أطاحت الرئيس ريتشارد نيكسون في السبعينيات.
قدم بارون للصحافة الأميركية الكثير، خاصة خلال الفترة التي عمل بها رئيس لتحرير «واشنطن بوست». وتقول صحيفة «الجارديان» البريطانية يكفيه أن خدمة تقصي الحقائق التي ابتكرتها الصحيفة كشفت عن أن إجمالي الأكاذيب والادعاءات المضللة التي أطلقها الرئيس السابق دونالد ترامب بلغ عددها 30573 على مدار أربع سنوات، وهو أمر سينظر إليه المؤرخون بعين الامتنان والتقدير من دون شك.
وفي الحقيقة، شهدت «واشنطن بوست» نهضة عظيمة وحققت نجاحات كبيرة خلال توليه رئاسة التحرير. فقد حصدت عشراً من جوائز «بوليتزر»، وصارت تحقق أرباحاً في عصر «الإنترنت». وفي عهده، ارتفع عدد المشتركين في الخدمات الرقمية إلى 3 ملايين مشترك، وتوسعت الصحيفة عالمياً حتى إنها صارت تقدم خدماتها على مدار 24 ساعة في لندن وسيول، وضاعفت عدد الصحفيين المعينين إلى أكثر من ألف بعدما لم يكن عددهم يتجاوز 580.
ومنذ تقاعده في فبراير الماضي عن عمر 66 عاماً، مازال كثير من الصحفيين الذين عملوا معه ينظرون إليه بعين التقدير والاحترام.
أمضى بارون 45 عاماً في الصحافة، منها 20 عاماً في قيادة غرف الأخبار، وقام بأدوار بارزة في صحف «لوس أنجلوس تايمز» و«نيويورك تايمز» و«ميامي هيرالد» و«بوسطن جلوب». وقد لعب دوراً مهماً في كشف فضيحة الانتهاكات الجنسية التي تعرض لها أطفال في الكنيسة الكاثوليكية والتي تم تحويلها إلى فيلم «سبوتلايت» الشهير الذي فاز بـ«الأوسكار».
عندما تولى بارون رئاسة التحرير في 2013 لم يكن يحلم بما سيتحقق في السنوات التالية.. ففي خلال أشهر، اشترى جيف بيزوس مؤسس أمازون صحيفة واشنطن بوست من آل جراهام مقابل 250 مليون دولار. كان ذلك قبلة الحياة التي حالت دون الخوض في تجربة مريرة لتسريح صحفيين، وحولت الصحيفة بالفعل إلى جريدة قومية حقيقية تشق طريقها بقوة في عالم الصحافة. وفي فترة ترامب، كان الصراع على أشده بين «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز».. فحرب التسريبات من البيت الأبيض لم تتوقف يوماً. يقول بارون عن تلك الفترة: «أنا لا أراها حرباً حتى لو اعتبرها الآخرون كذلك. كل ما في الأمر أن لديهم فريق رائع من الصحفيين، ونحن أيضاً لدينا فريق رائع من الصحفيين.. جعل ذلك كل فريق يبذل قصارى جهده ليكون أفضل، مما جعل الجميع يقفون على أطراف أصابعهم». وكان يقول للصحفيين دائماً: «نحن لسنا في حالة حرب مع الإدارة.. نحن نقوم بعملنا».
من جانبها، تقول «نيويورك تايمز»، إن صعود نجم «واشنطن بوست» خلال تولي بارون رئاسة التحرير وبعدما اشتراها جيف بيزوس، تعد أعظم قصة نجاح في سوق الصحافة خلال العقد الماضي. وقد عمل بارون في «نيويورك تايمز» عام 1996 كمسؤول التحرير في دورة العمل الليلي، ثم غادرها عام 2000 إلى «ميامي هيرالد»، حيث قاد فريقها إلى جائزة «بوليتزر»، ثم توجه إلى «بوسطن جلوب»، ومنها إلى «واشنطن بوست» عام 2013.. حيث أشرف على التحول التاريخي صوب العصر الرقمي.