إيهاب الملاح (القاهرة) عن 86 عاماً، رحل أستاذ الفلسفة والمفكر المصري المعروف الدكتور حسن حنفي، أحد العلامات الثقافية والفكرية الكبرى في مصر والعالم العربي وفي الدوائر العلمية والفلسفية والجامعات الكبرى بالعالم، وصاحب الباع الطويل في تدريس الفلسفة ومناهج الدرس الفلسفي الحديث والمعاصر، تنوعت جهوده الفكرية والفلسفية في سبيل الارتقاء بالفكر والواقع معاً في مصر والعالم العربي، وقد ظل حتى أيامه الأخيرة يعكف على التأليف والكتابة، فيما لا يزال يثري واقعنا المعاصر وثقافتنا الفلسفية والفكرية. حنفي كان من كُتّاب المقال المميزين في صحيفة «الاتحاد» عبر صفحات «وجهات نظر»، حيث كان يكتب أسبوعياً منذ عام 2002 بالجريدة، ويُعد أحد المفكرين المهتمين بعلم الاستغراب، والمفكرين العرب المعاصرين من أصحاب المشروعات الفكرية، وأسس الجمعية الفلسفية المصرية عام 1989. وهو صاحب المشروع الفلسفي والفكري الضخم «من العقيدة إلى الثورة» في 5 مجلدات، وهو محاولة جريئة وطموحة لإعادة بناء علم أصول الدين القديم في نسخة منقحة عصرية، وكذلك «من التراث إلى التجديد» الذي ظل يخرج أجزاءه حتى سنوات مرضه الأخيرة، وفيه يخترق دروب التراث والتجديد، لإيمانه بأنه من خلال التراث والتجديد يمكن حل أزمات العصر، فالتراث هو المخزون النفسي لدى الجماهير، وهو الأساس النظري لأبنية الواقع، وكذلك قدم مشروعه الكبير «الدين والثورة في مصر» في 8 مجلدات، و«من النقل إلى الإبداع» في 3 مجلدات، و«دراسات فلسفية» في مجلدين. وقد عمل الراحل مستشاراً علمياً في جامعة الأمم المتحدة بطوكيو خلال الفترة (1985-1987)، كما عمل نائباً لرئيس الجمعية الفلسفية العربية، وتدرج من السكرتير العام للجمعية الفلسفية المصرية حتى ترأسها وظل رئيساً لها حتى وفاته. الراحل حسن حنفي من مواليد عام 1935، وتخرج في كلية الآداب جامعة القاهرة (قسم الفلسفة) عام 1956، وتتلمذ على يد أشهر أساتذتها وأعلام الفكر الفلسفي في ذلك الوقت، ثم سافر إلى فرنسا ليكمل بها دراساته العليا، وحصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة السوربون، ثم عاد من بعثته ليمارس التدريس وحاز شهرة فائقة في مصر والعالم العربي، وكان معروفاً في جل الدوائر العلمية والفكرية والفلسفية خارج العالم العربي أيضاً، وترأس قسم الفلسفة بكلية الآداب، ودرس وحاضر في العديد من الجامعات المصرية والعربية، وعمل أستاذاً زائراً لسنوات في جامعات عدة في المغرب وتونس والجزائر وألمانيا واليابان والولايات المتحدة. وعلى مدار سنوات عمره، رفد حسن حنفي المكتبة العربية بعشرات الكتب والمؤلفات والتحقيقات والترجمات التي تشكل في مجموعها مكتبة فلسفية وفكرية ضخمة مترامية الأطراف، وكان صاحب مشروع فلسفي ضخم، مركب ومتعدد المستويات. من مؤلفات المرحوم حسن حنفي التي تندرج تحت مظلة مشروعه الفكري والفلسفي عن «التراث والتجديد»: «نماذج من الفلسفة المسيحية في العصر الوسيط»، «اليسار الإسلامي»، «مقدمة في علم الاستغراب»، «من العقيدة إلى الثورة»، و«من الفناء إلى البقاء»، وغيرها الكثير. وقد نوقشت في جامعات مصر والعالم، أكثر من خمس عشرة رسالة ماجستير ودكتوراه، دارت موضوعاتها حول فكر الدكتور حسن حنفي وإسهاماته العلمية، وكانت أولى هذه الرسائل ما قدمه «مارين فن دن بوم» الذي حصل على الدكتوراه من الجامعة الحرة (أمستردام) برسالة عنوانها: «تحرير الإنسان عند حسن حنفي» (1984). حصل الدكتور حسن حنفي على العديد من الجوائز في مصر وخارجها، منها: جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية (2009)، جائزة النيل في العلوم الاجتماعية (2015)، وجائزة المفكر الحر من بولندا، وتسلَّمها من رئيس البلاد رسمياً.