أحمد مراد (القاهرة)
أيام قليلة، ويبدأ فصل الخريف في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، ويستمر على مدى ثلاثة أشهر متواصلة، تحدث خلالها بعض التقلبات المناخية، ولكن في أغلب الأوقات يميل الطقس إلى الاعتدال، لا سيما في المنطقة العربية، حيث يكون فيها فصل الخريف من أجمل فصول السنة.
ويُعد فصل الخريف نهاية موسم النمو، وبداية موسم الحصاد، وفي أحيان كثيرة يطلق عليه اسم «فصل الحصاد»، وفيه يتغير لون أوراق الأشجار، وتظهر باللونين الأحمر والبرتقالي، حيث تتوقف الأوراق عن إنتاج مادة الكلوروفيل الخضراء التي تمتاز بحساسيتها الشديدة للبرد، وهذه المادة هي المسؤولة عن التقاط أشعة الشمس، وإنتاج الطاقة. وفي غياب مادة الكلوروفيل تظهر أوراق الشجر باللون الأحمر نتيجة وجود الأنثوسيان، ويظهر اللون البرتقالي جراء مادة الكاروتينات.
91 يوماً
في نصف الكرة الأرضية الشمالي، يبدأ فصل الخريف اعتباراً من يوم 21 أو 22 سبتمبر، ويستمر حتى 20 ديسمبر من كل عام، بينما يبدأ في نصف الكرة الأرضية الجنوبي اعتباراً من يوم 21 أو 22 مارس، ويستمر حتى 20 يونيو من كل عام.
أما تقويمياً، فقد تختلف التواريخ التي يبدأ وينتهي فيها فصل الخريف من بلد إلى آخر، وذلك بحسب ثقافة كل بلد، ففي روسيا يبدأ الخريف في اليوم الأول من سبتمبر، وفي أستراليا ونيوزيلندا يبدأ الخريف في اليوم الأول من مارس، وفي التقويم الصيني يبدأ الخريف في اليوم السابع من أغسطس، بينما تستخدم أغلب بلدان المغرب العربي وأوروبا التقويم الغريغوري الذي يبدأ فيه الخريف غالباً بين 22 و23 سبتمبر.
الاعتدال
يرتبط فصل الخريف بما يُعرف بـ «ظاهرة الاعتدال الخريفي» التي يتساوى فيها الليل مع النهار في جميع المناطق على سطح الأرض بمعدل 12 ساعة لكل منهما، وتعتدل خلالها درجات الحرارة. ويحدث الاعتدال الخريفي عندما تكون الشمس فوق خط الاستواء تماماً، حيث يتساوى طول الليل مع طول النهار، ويحدث ذلك في يوم 20 أو 21 من شهر مارس في نصف الكرة الجنوبي، بينما يحدث في يوم 22 أو 23 من شهر سبتمبر في نصف الكرة الشمالي.
ويحدث الاعتدال مرتين كل عام، حيث يحدث مرة خلال شهر مارس، وهو اليوم الأول من فصل الربيع، ومرة أخرى في شهر سبتمبر، وهو اليوم الأول من فصل الخريف. وفي الاعتدال الخريفي يمكن تحديد اتجاه الشرق والغرب بدقة متناهية وقت شروق الشمس وغروبها، لأن الشمس تشرق من نقطة الشرق تماماً، عند الدرجة 90، وتغرب في نقطة الغرب تماماً، ويختفي ظلها تماماً عند خط الاستواء.
نصف فصل
مناخياً، يطلق على فصل الخريف اسم «نصف فصل»، نظراً لأنه يتوسط الفصلين البارد والحار، وخلال فصل الخريف تبدأ درجات الحرارة في الانخفاض، علماً بأن معدل التغير في درجات الحرارة يعتمد على موقع المنطقة من خط الاستواء، فالمناطق التي تتواجد على بعد من خط الاستواء في الجنوب والشمال يحدث فيها تغيير كبير في درجات الحرارة، بسبب أن أشعة الشمس الساقطة على تلك المناطق تكون أقل بكثير نتيجة الانحناء للشمس في تلك المناطق.
أما المناطق التي تقع على مقربة من خط الاستواء، فإن معدل التغير في درجات الحرارة فيها يكون ثابتا إلى حد كبير على مدار العام كله، بسبب أن أشعة الشمس الساقطة على تلك المناطق تكون ثابتة.
طقس 3 فصول
يتميز فصل الخريف بـ «طقس متقلب» يجمع بين طقوس الفصول الثلاثة الأخرى في فصل واحد، حيث يميل فيه الطقس إلى الاعتدال في معظم الأوقات، وقد تتخلله بعض موجات الحر، وقد تتخلله بعض الرياح الباردة في ساعات الليل وفي الصباح الباكر. كما أن فصل الخريف يكون فيه الطقس جافا وبه بعض الغبار بسبب تأثره بفصل الصيف الذي يجفف التربة والنبات، ويقوم بتقليل نسبة المياه والرطوبة في الجو.
قلق الخريف
يصاب بعض الناس بما يُعرف بـ «قلق الخريف»، وهو عبارة عن شعور متزايد بالقلق، وتراجع في الحالة المزاجية لدى البعض، وينتج هذا الشعور عن تقلبات الطقس وقلة التعرض للضوء، مما يؤدي إلى نقص في هرمون السيروتونين المسؤول عن الشهية والحالة المزاجية، كما تؤدي قلة التعرض إلى أشعة الشمس إلى الزيادة في إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن النوم، فضلاً عن أن قلة التعرض لأشعة الشمس تؤدي إلى نقص في فيتامين (د) الذي تم ربطه بحالات الاكتئاب.
ومن أعراض قلق الخريف، الشعور بالخمول، والنعاس المستمر، والتعب الشديد دون القيام بمجهود بدني، وفقدان الاهتمام بالنشاطات اليومية.
صيف القديس مارتين
تتحرّك المنخفضات الجوية خلال فصل الخريف نتيجة بعض الانزياحات في الغلاف الجوي التي تتسبب بدخول الهواء البارد على نصفي الكرة الأرضية مسببةً حدوث الجليد، ولكن في بعض المناطق الأخرى، مثل كندا وأوروبا وأميركا، يكون الجو لطيفاً، وتصبح درجات الحرارة أقرب لدرجات حرارة الصيف، ومن ثم يسمى الكنديون الخريف بـ «الصيف الهندي»، وفي أوروبا يسمونه «صيف القديس مارتين».
زهور وأشجار خريفية
رغم أن فصل الخريف يُعد نهاية لموسم النمو وبداية موسم الحصاد، إلا أن هذا لا يمنع أن تُزرع خلاله بعض أنواع النباتات، مثل شجر الدردار، وشجر الحور، وأشجار النخيل والشقار والميرمية، كما أن هناك بعض أنواع الأزهار يبدأ موسم إزهارها في فصل الخريف مثل زهرة ورد الغريب التي سُميت بهذا الاسم، لأنها تخالف ورد الربيع وتُزهر في فصل الخريف. كما يعد اللبلاب نبتة متأخرة في عملية الإزهار عن باقي النباتات، حيث إنها تزهر في فصل الخريف، وتحديداً بين شهري سبتمبر ونوفمبر، وهي نبتة مهمة لتغذية العديد من الحشرات في فصل الخريف خاصة مع عدم توافر الكثير من النباتات المتاحة للتغذية.
كثرة الغيوم
يرتبط فصل الخريف بالعديد من المظاهر المناخية، يأتي على رأسها كثرة الغيوم في السماء، الأمر الذي يجعل السماء ملبدة بالغيوم في غالبية الأوقات، فضلاً عن هبوب الرياح الباردة وتشكل الجليد. ولكن في الأيام الأولى من فصل الخريف، تظهر السماء صافيةً مشمسة، وفجأة يتبدل الحال، حيث يحدث هبوط ملحوظ في درجات الحرارة، وقد تهطل الأمطار وربما الثلوج في أواخر فصل الخريف.