تامر عبد الحميد (أبوظبي)
أكد فنانون، أن الإنتاجات الدرامية التلفزيونية الخليجية والعربية في حاجة إلى تنفيذ أعمال تكسر القاعدة عما هو سائد، وأن تكون هناك جرأة في الطرح والتناول، مع عدم تخطي الخطوط الحمراء، مراعاة للمشاهد والعائلة العربية، خصوصاً أنها قوة ثقافية مؤثرة في المجتمع، مع التنوع في القضايا الاجتماعية والإنسانية التي يتم استعراضها، وتسليط الضوء عليها، خصوصاً أن الدراما «مرآة المجتمع»، ويجب من خلالها أن تكون ذات رسالة ومضمون هادف لتدق ناقوس الخطر على أي قضية اجتماعية يتعرض لها المجتمع والشباب على وجه الأخص.
تحدث بعض الممثلين وصناع الدراما لـ «الاتحاد» عن الدور المهم الذي تلعبه الدراما التلفزيونية في تثقيف وتوعية المشاهد العربي، من خلال الأعمال التي تقدم على الشاشات، وأهمية تسليط الضوء على قضايا مجتمعية تهم الشارع الخليجي والعربي، خصوصاً أنها من الأسلحة المهمة في تربية النشء وتقويم سلوك المجتمعات، خصوصاً بعد عرض مسلسل «مدرسة الروابي للبنات» مؤخراً على «نيتفليكس»، والذي أثار الكثير من الجدل، خصوصاً أنه يناقش قضية التنمر في المدارس وعدداً من القضايا العائلية المهمة، التي تخص الآباء وطريقة تربيتهم ومعاملتهم لأولادهم.
ورغم حالة الجدل التي أثيرت بين متابعيه عبر التواصل الاجتماعي ما بين مؤيد حول أن العمل نجح في تناول معظم مشكلات الفتيات وما يتعرضن له في المدارس والحياة العامة، ورسالته الواضحة في تسليط الضوء على ما هو خلف التنمر والعنف الذي يولّد عنفاً، ومعارض حول أن المسلسل لا يمثل المجتمع الأردني، إلا أنه استطاع أن يتصدر «ترند» المشاهدات والتعليقات في الفترة الأخيرة، وأصبح أبطاله من الشباب الذين يظهر أغلبهم للمرة الأولى على الشاشة، نجوم المستقبل.
كسر القاعدة
نحتاج إلى أعمال تكسر القاعدة، جرأة في التناول، مع عدم تخطي الخطوط الحمراء لمراعاة المشاهد والعائلة العربية، بحسب ما أكده المنتج والفنان أحمد الجسمي، وقال: يلعب الفن دوراً محورياً في العديد من القضايا الاجتماعية والإنسانية، من خلال تقديم العديد من الأعمال التي تترك آثارها عند المشاهد، وتكشف الوجه الآخر لظواهر مختلفة، كما أن لدى الفنان نفسه الدور الفعال والمؤثر على مختلف العصور، خصوصاً أن ما يقدمه من أعمال فنية، سواء في السينما والدراما، يضيء الطريق للبشرية، ويسلط الضوء على الجزء المظلم، ويطرح القضايا من وجهات نظر مختلفة، بل ومن الممكن أن يسلط الضوء على مدى مراحل متعددة حول ظاهرة موجودة في المجتمعات الخليجية والعربية، للحد من انتشارها وتوفير سبل من الجهات المعنية للوصول إلى حلول جذرية لها، خصوصاً أنه من الممكن أن تكون الظاهرة قد تم التطرق إليها في أعمال سابقة، ولكنه تم طرحها من منظور آخر.
وتابع: نحتاج إلى مثل هذه الأعمال التي تطرح بجرأة، وتحاكي الشباب وهموهم وعالمهم، والعديد من الظواهر الاجتماعية الأخرى، لافتاً إلى أن صناع الدراما الشباب في الخليج وبعض الدول العربية، نجحوا في تقديم هذه النوعية عبر المنصات الرقمية، مثل مسلسل «المنصة» الذي انتجه الإماراتي منصور اليبهوني الظاهري وشارك في بطولته، والذي تجسد قصته حكاية هموم الإنسان المعاصر وتأمين حياته ومعلوماته والعلاقات الإنسانية وسط هيمنة حرب المعلومات وسيطرة الـ «سوشيال ميديا» ومواقع التواصل.
مساحة حرية
من ناحيته، أكد الفنان والمنتج حبيب غلوم، أن الفن وسيلة للترفيه في المقام الأول، ولكن في الوقت نفسه يجب ألا ننسى أن يتضمن رسالة سامية، ومضموناً هادفاً موجهاً للجمهور، وقال: للفن والدراما التلفزيونية التي تدخل كل بيت من خلال شاشات التلفزيون أو المنصات الرقية، دور كبير في التغيير، من خلال القضايا المجتمعية التي تعرضها من خلال أحداث العمل، ولكي نزيد من جرعة مثل هذه الأعمال يجب أن يعطى مساحة من الحرية للمبدع، لاختيار قصة جريئة وطرحها بالشكل المناسب، ولأن المنصات الرقمية ساهمت في إعطاء المبدع هذه المساحة، فقد تم إنتاج وعرض عددٍ من الأعمال ذات المضامين الجريئة في الطرح والتي أثرت وبشكل كبير على المشاهد العربي وتصدرت المشهد الدرامي.
وأضاف: إن للفن قيمة عالية في المجتمع، فهو مرآة الواقع، ويسلط الضوء على المشاكل الاجتماعية التي تحدث على المجتمع، إضافة إلى دور الدراما الكبير في توعية الجمهور، وتثقيفه في العديد من الأمور والقضايا الاجتماعية، التي من الممكن أن يغفل عنها البعض.
قيم وسلوكيات
فيما أوضح الفنان جمعة علي أن للفن دوراً محورياً في رصد المشهد في المنطقة، وأن الدراما هي خير سفير لثقافة أي مجتمع، وقال: تُعد الدراما التلفزيونية قوة ثقافية مؤثرة في المجتمع، بسبب انتشارها الواسع وقدرتها على الإبهار، فالرسالة الدرامية لها قدرة كبيرة على تخطي الحواجز وتؤثر في الجمهور بأسلوب غير مباشر، فالدراما تسهم في عملية البناء القيمي للإنسان، بشرط أن تشتمل على مضمون جيد وهادف يعكس واقع القضايا والمشكلات في المجتمع الذي تقدم فيه، وبث القيم والسلوكيات الإيجابية المدعمة بالمسؤولية الاجتماعية للقائمين على العمل الدرامي، مشيداً بعدد من الأعمال الدرامية الجيدة التي أنتجت في الفترة الأخيرة وعرضت على المنصات الرقمية، والتي سلطت الضوء على العديد من القضايا المهمة، والتي سيصعب تنفيذها عبر شاشة التلفزيون.
فاطمة الحوسني: رسالة تناقش ما يحدث على أرض الواقع
أكدت الفنانة فاطمة الحوسني، أن الفن بشكل عام له دور فاعل في مناحي الحياة، ورغم أن ما يقدمه الفنان هو عملية ترفيهية، لكنه في الوقت نفسه من المفترض أن تقدم رسالة وتناقش ما يحدث على أرض الواقع، وقالت: للدراما التلفزيونية دور مؤثر في التعبير عن قضايا الإنسان والمجتمع، وهناك العديد من الأعمال التلفزيونية المحلية والخليجية والعربية التي قدمت خلال السنوات الماضية، وناقشت العديد من القضايا الاجتماعية والعائلية والشبابية المهمة، مثل مسلسلها الأخير «اللي نحبهم» الذي عرض في رمضان الماضي على شاشة «الإمارات»، وعلى الرغم من أنه من نوعية الأعمال الكوميدية، إلا أنه ناقش العديد من القضايا العائلية التي تخص المجتمع الإماراتي والخليجي، وأيضاً قضايا الشباب فيما يخص مخاطر «السوشيال ميديا» والتهور في قيادة السيارات السريعة، لذلك فإن دعم الدراما هو أمر ضروري، من أجل إظهار أعمال تستحق المشاهدة والإشادة، وكذلك يجب السعي وراء إعطاء الفرص للشباب من كتاب ومخرجين وممثلين، ودعمهم لتقديم أعمال ذات فكر ومضمون مختلفين، عما كان يقدم في السابق، منوهة بأن المنصات الرقمية أصبحت بمثابة المنصة الذهبية لهؤلاء الشباب، لإظهار إبداعاتهم وتقديم أعمالهم للعالم كله.
32 لغة
تدور أحداث مسلسل «مدرسة الروابي» في 6 حلقات، حول فتاة تتعرض للتنمر في المدرسة، وتسعى إلى الانتقام ومواجهة الأمر بطريقتها الخاصة، ومن خلال الأحداث يلقي المسلسل الضوء على عدد من المشكلات التي تواجهها الفتيات وأسرهن في تلك المرحلة العمرية، ومن أبرزها التنمر وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، والتحرش وجرائم الشرف في المجتمعات العربية، إضافة إلى وصمة العلاج النفسي، ويعرض المسلسل مترجماً لـ 32 لغة في أكثر من 190 دولة حول العالم، وهو من تأليف تيما وإسلام الشوملي وشيرين كمال، وإخراج تيما الشوملي، وبطولة ركين سعد وأندريا طايع ونور طاهر وجوانا عريضة.