إعداد: د. شريف عرفة
هل لاحظت أن ابنك لا يراعي مشاعر الآخرين؟
أو لا يقدر قيمة الإيجابيات في حياته؟
أو غير قادر على إدارة مشاعره بنفس الكفاءة التي تمتعت بها مثلما كنت في نفس عمره؟
لو كان الأمر كذلك، فيبدو أن ملاحظتك لست خاطئة تماماً..
ففي دراسة حديثة نشرت في دورية «جورنال أوف بيرسوناليتي»، شملت تحليل بيانات طلبة جامعات من عدة دول «أميركا وبريطانيا وكندا وأستراليا» على مدار 17 عاماً، وجد الباحثون أن هناك تناقصاً في مستويات «الذكاء العاطفي» بين الأجيال الجديدة.. فما السبب؟
كان لنا هذا الحوار مع الباحثة الرئيسة في هذه الدراسة ماهرين خان Mahreen Khan من جامعة نيو ساوث ويلز الأسترالية، للتعرف على تفاصيل الموضوع..
* ما هو الذكاء العاطفي؟
يتكون الذكاء العاطفي من عدد من المهارات النفسية.. وهي:
- الإيجابية: أي الاحتفاظ بمشاعر إيجابية تجاه الذات والحياة.
- ضبط النفس: أي الشعور بالقدرة على تنظيم المشاعر والدوافع.
- العاطفية: أي الشعور بالقدرة على إدراك مشاعر المرء ومشاعر الآخرين لتعزيز العلاقات..
- التواصل الاجتماعي: أي الشعور بالقدرة على التأثير على الآخرين والتواصل بشكل فعال.
الذكاء العاطفي مهم، لأنه يتعلق بتحسين الصحة العقلية والصحة البدنية وجودة العلاقات والأداء الوظيفي، بالإضافة لكثير من المكاسب النفسية الأخرى.
* الذكاء العاطفي للأجيال الجديدة
تضيف الباحثة: وجدنا أن مستويات بالإيجابية وضبط النفس والعاطفية لطلاب الجامعات انخفضت على مدار العقدين الماضيين تقريباً. سألناها: ما هو السبب؟
فأجابت: قد تترافق زيادة استخدام التكنولوجيا مع انخفاض في الذكاء العاطفي بمرور الوقت. يتماشى هذا مع عدد من الأبحاث الأخرى التي توضح أن وسائل التواصل الاجتماعي تحل ببطء محل التواصل الشخصي، ما يؤدي إلى زيادة الشعور بالوحدة في الحياة.. لأن التواصل الإلكتروني لا يعد بديلاً للتواصل الحقيقي.. بالإضافة إلى أن الإنسان يكتسب مهارات الذكاء العاطفي بكثرة التعامل مع الآخرين وجهاً لوجه، والحرمان من هذا النوع من التواصل يقلل من الخبرات التي تحسن الذكاء العاطفي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن وسائل التواصل الاجتماعي لها تأثير عاطفي سلبي، لأنها تعزز - مثلاً - الحسد بين الأقران، لأنها تزيد من المقارنات الاجتماعية بشكل أكثر مما يحدث في الحياة الواقعية، مما يزيد من المشاعر النفسية تجاه النفس والحياة..
* كيف نزيد الذكاء العاطفي؟
هناك عدة طرق يمكن اتباعها لتحسين مهارات الذكاء العاطفي. مثل:
- تخصيص وقت للتفكير وتأمل في ما نشعر به في داخلنا في هذه اللحظة، ولماذا نشعر بهذا الشعور دون غيره.. هذا التأمل الذاتي يساعد في تحسين فهمنا لمشاعرنا .. فهم مشاعرنا هو الخطوة الأولى للتمكن من إدارتها..
- تعلم استراتيجيات فعالة لتنظيم المشاعر وإدارتها. على سبيل المثال، عند حدوث مشكلة في الحياة، سيكون من المفيد التركيز على أي «جانب مشرق» للموقف «إعادة الصياغة الإيجابية»، بدلاً من التركيز على سلبيات الموقف فقط، وإعادة تذكر الحدث السلبي مراراً وتكراراً «وهو ما يسمى الاجترار السلبي».
- إذا كانت الإيجابية وحسن الحال منخفضاً بشكل كبير، بدرجة تعيق حياة الإنسان واستمتاعه بحياته وأداؤه لمهامه، فمن المهم طلب المساعدة من طبيب أو معالج نفسي.