إعداد: د. شريف عرفة
يمكنك أن تلاحظ هذا بسهولة..
بعض الناس يذهبون لعملهم في الصباح وهم في حالة نفسية جيدة، رغم أن عملهم صعب ورواتبهم ليست أفضل ما يكون.. فعلاقتهم جيدة بزملائهم ويشعرون أن يومهم يسير بشكل جيد.. في حين نرى آخرين في مناصب أفضل ورواتب أعلى، لكنهم مستاؤون وتنقبض صدورهم انزعاجاً بمجرد تذكر مكان العمل.. علاقاتهم سيئة بزملائهم يسودها الحقد وتملؤها المكائد والدسائس!
سبب السعادة الوظيفية لا يقتصر على المال أو المنصب أو حتى طبيعة العمل نفسه.. بل إن هناك عاملاً أساسياً يلعب دوراً كبيراً في حالتنا الشعورية في العمل، وهو «الثقافة العاطفية» في المؤسسة!
قامت البروفيسور تشارمن هارتل CHARMINE E. J. HÄRTEL من جامعة كوينزلاند الأسترالية، بمجموعة من الدراسات الشيقة حول البيئة العاطفية في المنظمات ومدى تأثيرها على سير العمل.. عن هذا الموضوع كان لنا معها هذا الحوار.
* ما البيئة العاطفية ولماذا هي مهمة؟
** لكل مؤسسة ثقافة وأعراف تنظيمية تسود بين أفرادها وتحكم التعاملات فيما بينهم، حتى وإن كان ذلك بشكل غير رسمي وغير مكتوب.. للثقافة التنظيمية جوانب عديدة، يتعلق أحدها بأنواع المشاعر التي يتم الترويج لها أو تثبيطها بين الموظفين في المؤسسة أو الشركة، وهو ما نسميه «الثقافة العاطفية» في هذه المؤسسة.
أحياناً تكون هذه الثقافة العاطفية سامة، حيث يتعرض الناس بانتظام لمشاعر سلبية، من دون دعم نفسي أو آليات تعافي مدمجة في العمل ومكان العمل. بينما الثقافة العاطفية الصحية هي ما يحدث في المنظمة التي يشعر فيها الناس عموماً بمشاعر إيجابية أكثر من المشاعر السلبية، حيث توجد آليات دعم نفسي وتعافٍ فعالة عندما يتعامل الناس مع أي مشاعر سلبية ناجمة عن مشاكل العمل، حيث يتم الاعتراف بالمشاعر والحالة النفسية على أنها متأصلة في الحالة البشرية. فالناس ليسو آلات.
* ما نصيحتك للموظفين الذين يعملون في ثقافة سامة؟
** فكّر في الانتقال إلى مؤسسة ذات ثقافة صحية. إذا لم يكن ذلك ممكناً، فافعل ما بوسعك لبناء تجارب عاطفية إيجابية في يومك، سواء عن طريق البحث عن زملاء العمل الذين يدعمونك، أو ينشرون مشاعر إيجابية، أو عن طريق الاتصال بصديق يريحك يدعمك نفسياً أثناء الاستراحة، أو القيام بنشاط ممتع أثناء استراحة العمل، أو دمج التأمل الذهني وممارسات الامتنان في يومك «أي تذكر الأشياء الجيدة التي تسير على ما يرام في حياتك، كي تقاوم مشاعرك السلبية». وإذا أمكن، شارك مع مديرك و/ أو مدير الموارد البشرية مقالات توضح كيف أن بناء ثقافة عاطفية صحية له فوائد إيجابية للعمل.
* ما نصيحتك للمديرين لتعزيز الثقافة العاطفية؟
** تحتاج الإدارة العليا إلى معرفة أن وجود بيئة عمل إيجابية لكل موظف أمر أساسي لاستدامة العمل.. كما يجب أن يكون هذا جزءاً من رسالة وقيم الشركات. كما ينبغي أن يكون جزءاً من تقييم أداء المديرين مبنياً على أساس قدرتهم على الحفاظ على العلاقات الإيجابية والداعمة في مكان العمل، ومعالجة أي سلوكيات سامة بمجرد ظهورها، والبحث بشكل استباقي عن - ومعالجة - أي علامات للاضطراب/ والإنهاك النفسي لدى العمال. يحتاج المديرون إلى أن يكونوا ماهرين في إجراء محادثات مع الموظفين حول حالتهم النفسية، وكذلك معرفة الطرق البناءة لإدارة الصراع. يجب مراقبة حسن الحال/السعادة في مكان العمل باستخدام استطلاعات الرأي السرية للكشف عن أي مشاكل ناشئة. وبالطبع يجب أن تكون ممارسات العمل منصفة وشفافة وشاملة ومعقولة.