وائل بدران (أبوظبي)
تستعد الممثلة الأسترالية روز بايرن لتجسيد دور رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أرديرن في فيلم بعنون: «هم نحن». والفيلم المرتقب سيكون من تأليف وإخراج أندرو نيكول، ويركز على الأسبوع التالي لمذبحة «كرايستشيرش» على مسجد في نيوزيلندا.
وتسوق شركة «فيلم نيشن إنترتينمنت» للمشروع وتسعى لبيعه لمشترين دوليين، وتقوم بتوزيعه شركة «سي إيه إيه ميديا فاينانس» عالمياً.
والفيلم يسلط الضوء على استجابة أرديرن لأحداث المأسوية والإنجازات الكبيرة التي حققتها حكومتها، والتفاف النيوزيلنديين حول رسالتها الجياشة، واتحاد الدولة على حظر البنادق في نيوزيلندا.
اسم الفيلم مستوحى من الخطاب القوي الذي أدلت به رئيسة الوزراء لتصف الضحايا الـ51 للهجوم على مسجدين في مدينة «كريستشيرش» أثناء صلاة الجمعة في الخامس عشر من مارس عام 2019، وحظيت أرديرن بإشادة عالمية على استجابتها على ذلك الهجوم المأساوي.
وصنّاع فيلم «هم نحن» هم: أيمن جمال، وستيوارت تيل، ونيكول وفيليبا كامبل. ومن المقرر تصويره في نيوزيلندا، وتم إعداد السيناريو بالتشاور مع عدد من رواد المسجدين الذين تعرضا للهجوم المأساوي.
ولا يركز «نحن هم» بشكل كبير على الهجوم في حد ذاته، وإنما على طريقة تعامل حكومة أرديرن مع الهجوم، وكيف جرى التغلب على عمل إرهابي غير مسبوق في نيوزيلندا من خلال فيض من الحب والدعم، حسبما أفاد نيكول كامبل، أحد منتجي الفيلم.
ويوضح نيكول: «يتناول الفيلم إنسانيتنا المشتركة»، مضيفاً: «أعتقد أنه سيخاطب الناس حول العالم»، فهو يقدم نموذجاً للطريقة التي يتعين علينا التعامل بها عندما يتعرض أي إنسان لهجوم.
أما جلين بازنر، المسؤول عن تسويق الفيلم، فيقول: «نحن متشوقون لتقديم هذه القصة الملهمة بشأن التأثير الإيجابي للقائد القوي على حياة جمهوره، حتى في أحلك اللحظات، خصوصاً عندما يكون عمل هذا القائد نابعاً من التعاطف والحب والإيمان الراسخ بضرورة بفعل الصواب».
ولعبت روز بايرن مؤخراً دور الصحفية والناشطة جلوريا شتاينم في مسلسل «سيدة أميركا»، أما المخرج النيوزيلندي أندرو نيكول فجرى ترشيحه لجائزة الأوسكار عن فيلم «جاتاكا»، الذي ألفه وأخرجه.
أرديرن ترفض
على رغم من أن فيلم «هم نحن» يسعى لإبراز «بطولة» أرديرن كسياسية محنكة، رغم صغر سنّها، في استجابتها السريعة والاحترافية على الهجوم الإرهابي، الذي شنه مسلح متطرف أبيض على المسجدين، والذي راح ضحيته عشرات النيوزيلنديين المسلمين، إلا أنها انتقدت مشروع الفيلم.
واعتبرت أرديرن أن المجتمع المسلم في بلادها يجب أن يكون محور أي فيلم حول «هجوم كرايستشيرش»، لاسيما بعد أن انتقد البعض صنع فيلم يركز على تعاملها مع الهجوم. وذكر مكتب أرديرن، أنه لا علاقة لها أو لحكومتها بالفيلم، وحين سُئلت عنه في مؤتمر صحفي، قالت: إن المجتمع المسلم، وليس هي، يجب أن يكون محور تركيز أي فيلم حول الهجوم. وأضافت أرديرن: «هذا حدث فج للغاية بالنسبة لنيوزيلندا، وأكثر من ذلك بالنسبة للمجتمع الذي عانى منه». وتابعت: «أوافق على أن هناك قصصاً ينبغي أن تُروى في وقت ما عن هجوم 15 مارس، لكنها قصص من مجتمعنا المسلم، وبالتالي، يجب أن يكونوا في قلب ذلك، ولا أعتبر قصتي واحدة من القصص التي يجب روايتها».
لكنها قالت: إنه مع ذلك، ليس لها أن تقرر ما إذا كان يتعين المضي قدماً في المشروع أم لا.
ووحدت الاستجابة المشحونة بالعاطفة من جانب السياسية البالغة من العمر 40 عاماً بلدها المصدوم، وحظيت بإشادة عالمية.
كتاب مضلل
انتقاد أرديرن لم يتوقف عند تجسيد شخصيتها في فيلم «هم نحن»، ولكنها نأت أيضاً بنفسها عن كتاب صدر حديثاً يروي سيرتها الذاتية، ويُوثّق نموذج قيادتها، بعد أقل من أسبوع على انتقادها للفيلم.
الكتاب الجديد معنون: «جاسيندا أرديرن.. تقود بتعاطف» كتبه الناشط والصحفي «سوبريا فاني» والمؤلف كارل هارت، ويستند إلى «لقاءات صحافية حصرية» أجراها فاني مع أرديرن، بحسب دار النشر سيمون آند شوستر.
بيد أن أرديرن أكدت في مؤتمر صحفي، أنه جرى «تضليلها بوضوح» من قبل فاني، بشأن الغرض من اللقاء وطرح الكتاب، وقالت أرديرن: إن المؤلف تواصل معها في 2019، وأخبرها المؤلف أنه كان يكتب كتاباً عن النساء والقيادة السياسية. وأضافت: «أُخبرت أن هناك نحو 10 قائدات سياسيات نساء أخريات ضمن الكتاب»، لافتة إلى أنها قبلت بإجراء الحوار على أساس أن الكتاب ليس مخصصاً لها فقط». وأكدت أن ادعاء أن الحوار الصحفي حصري لغرض تأليف كتاب في صورة سيرة ذاتية ليس صحيحاً.
وأنكر المؤلف كارل هارت أنه جرى تضليها، منوّهاً إلى أن مكتب رئيسة الوزراء أحيط علماً بأن إطار الكتاب قد تغير ليصبح سيرة ذاتية. وأكد هارت، في بيان، أن الحوار الأصلي كان من أجل تأليف كتاب عن عدد من السياسيات، ورغم ذلك، لم يجر تضليل رئيسة الوزراء، لأنه في وقت إجراء الحوار لم تكن هناك نية لكتابة سيرتها الذاتية وحدها». وأضاف: «إن التحول إلى كتابة سيرتها الذاتية حدث بعدمها أعاقت جائحة كورونا خطط إجراء حوارات صحفية مع قائدات أخريات في دول أخرى، ولأن قصة أرديرن استحقت كتاباً مستقلاً بذاته بسبب نموذج قيادتها».
استغراب
أثارت مزاعم إجراء حوارات حصرية مع أرديرن بغرض تأليف الكتاب استغراب البعض في نيوزيلندا، لأن أرديرن لا تجري عادة حوارات صحفية مع مؤلفي السير الذاتية. وألّف صحفيان بارزان من نيوزيلندا، هما مادلين تشابمان وميكل دوف، كتابين يرويان السيرة الذاتية لأرديرن، ولم يستطع أيّ منهما إجراء حوار صحافي معها.
ونُشر موجز من حوار فاني مع في مقال على موقع «رايترز دايجست» حول كيفية كتابة وسيرة ذاتية وإجراء بحث عنها. وسألها فاني: «أشعر أنك وضعت أساس شخصيتك عندما تعاطفت في طفولتك مع الأطفال في شوارع نيوزيلندا ممن لا يملكون أحذية ينتعلوها ولا أطعمة يأكلوها.. هل توافقيني أنك حققت كل هذه الأمور لأنك شخص متعاطف بطبعك؟ وأجابت أرديرن: أود أن أعتقد أن التعاطف ميزة مغروسة فينا جميعاً.. إنه أمر متعلق بوجود قدرة لدينا على التعاطف».
انتقادات
رفض الفيلم لم يتوقف عند أرديرن وحدها، فقد تعرض لانتقادات شديدة لأنه يركز على قيادة سياسية من البيض على خلفية عملية قتل جماعي لـ51 مسلماً من قبل متطرف من البيض، واعتبر كثير من النيوزيلنديين أن الفكرة «استغلالية» و«كريهة»، وجمعت عريضة تطالب بوقف المشروع 60 ألف توقيع في 3 أيام فقط. كما استقالت منتجته فيليبا كامبل، وقالت: «استمعت إلى المخاوف التي أثيرت خلال الأيام القليلة الماضية، واقتنعت بقوة وجهة نظر الناس، وأوافق الآن على أن تلك الأحداث لا تصلح حالياً موضوع فيلم، ولا أرغب في المشاركة في مشروع يسبب الألم لأحد».
وأشارت إلى أن الإعلان عن الفيلم لم يأخذ في الحساب السياق السياسي والإنساني للقصة في ذلك البلد، موضحة أن التعقيدات المحيطة بذلك السياق هي التي قادتها إلى اتخاذ ذلك القرار.