هناء الحمادي (أبوظبي)
تشكل المخطوطات قيمة تاريخية في حياة فاطمة التميمي التي تعمل بقسم «المقتنيات».. في دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي، وترى أنها تحمل بين طياتها مختلف معالم الحياة السالفة في عصرٍ أمست فيه الكتب والأوعية الورقية بكافة أشكالها عبئاً على أصحابها، وفي زمن التطور الرقمي السريع، وبعيدًا عن إيقاع الحياة تأتي بالمقام الأول حماية وترميم المخطوطات، والمبادرة بصناعة المخطوط من الترميم إلى التجليد، مروراً بكافة المراحل التي يطلبها هذا الفن الجميل، وتأتي هذه المسألة في ترميمها من قبل المختصين من أجل الترميم والصيانة وأرشفة المخطوطات، بما يؤكد القدرة على استمرارها في البقاء من خلال الخطوات المدروسة والجهود للقيام بهذا الدور المهم، ولاسيما بأنها تحتاج لهذا التدخل الجراحي السريع.وقالت: تسبب الكائنات البكتيرية والحشرات والفطريات أمراضاً وإصابات خطرة، ينتج عنها تآكل الأوراق، لكن الاهتمام بالمخطوطات والوثائق التاريخية في وقت مبكر، يجعلنا نعود لتلك الحقبة الزمنية بأي وقت نريد وهي تحفظ بطرق ووسائل عصرية يصبح من السهل الحفاظ عليها والتعامل الآمن معها، بما يحفظها لفترات طويلة، ويجعل الاطلاع عليها ممكناً للأجيال القادمة. وأوضحت أن ترميم المخطوطات مع التطورات العصرية التي نشهدها أصبح أكثر سلاسة وعلماً قائماً بذاته. ولهذا شغل ترميم المخطوطات حيزاً واسعاً من اهتمام الباحثين والدارسين والتاريخيين.
مهمة وطنية
فاطمة التميمي خريجة جامعة لندن للفنون، أسهمت عام 2015 في ترميم قطعة فنية عتيقة شاركت في معرض «قصص اللوفر»، الذي أقيم في منارة السعديات، تحمل اسم «سوترا الحكمة الكاملة»، وهي من المخطوطات النادرة الموقعة والمؤرخة سنة 1191، المكتوبة على سعف النخيل، وتتكون من 218 صفحة.
وبحسّ وطني، وعشق خاص، تقضي التميمي الكثير من وقتها في حفظ وترميم المخطوطات، وتصف نفسها بالجندي المستعد دائماً للنزول إلى ساحة المعركة في أي وقت، لحفظ وترميم المخطوطات، حيث تؤمن بأنه مهمة وطنية في المقام الأول، لقدرتها على اكتشاف كنوز الأمس، وإزالة التلف عنها، وإعادة الرونق إليها، بل وفك أسرار تعود إلى حقب زمنية سحيقة، ما دفعها لتأدية عملها بكفاءة عالية، ومهارة يشهد لها الجميع.
مقتنيات
فاطمة التميمي، شغوفة بالعلم والعطاء، مدفوعة بالاهتمام المهني لإدارة وحفظ المقتنيات، وتمتلك خبرة محلية ودولية عمرها عشر سنوات في العمل والتطوع مع متاحف مختلفة من المملكة المتحدة، وفرنسا، ومصر والإمارات.
عملت على جميع المجالات في السياسات والعمليات والإجراءات اللوجستية، من الحفظ والترميم، وإدارة المقتنيات، والتوثيق والتسجيل بجانب نظام إدارة المقتنيات الخاص بدائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي ونظام إدارة الجودة.
التميمي «اختصاصي إماراتي»، في ترميم وحفظ المقتنيات، ومؤسِّسَة المحتوى الرقمي «كواليس متحف»، المحتوى الذي يأخذك في جولة حول المتاحف الدولية والمحلية للممارسات المتخصصة المختلفة في مجالات الحفظ والترميم، والتاريخ والآثار والفنون والثقافة، وتقول عن ذلك: أؤمن أن التراث الثقافي هو جانب مهم من جوانب المجتمع وكلي حماس لمواصلة العمل في وضع يساعدني على إدارة وحفظ المقتنيات بأفضل الممارسات الدولية للمتاحف وللعالم الفني الكبير.
ترميم المقتنيات الورقية
وعن ترميم المقتنيات تذكر التميمي: «حفظ الورق هو الحفاظ على مجموعة واسعة من المقتنيات النادرة والقيّمة التي تعتمد على كل من المخطوطات، والكتب النادرة، ورق البردي، والألوح الفنية والتماثيل الورقية، حيث إن العمل الفني يصبح قيّماً وأثمن مع مرور الوقت ومن الواجب علينا العناية بها، نظراً لحساسيتها الشديدة بشكل منهجي صحيح لضمان حفظها للأجيال القادمة.
وتضيف «تأتي حساسية الورق الشديدة من التغيير الكيميائي الذي يحدث خلال التدهور الناجم عن الضوء والرطوبة وملوثات الهواء، وأيضاً من خلال التعامل غير السليم مع المقتنيات وبيولوجياً من خلال التعرض لآفات وجراثيم العفن النشطة.
وتؤكد: يعتمد أساس حفظ المقتنيات الورقية على التحليل الفني والحفظ والبحث في تاريخ القطع الفنية، حيث تعتبر الأعمال الورقية من أكثر المواد حساسية، نظراً للطبيعة الفيزيائية والكيميائية لطبقاتها وتنوع الوسائط العضوية والغير العضوية التي تتكون بطبقة التصميم الخاصة بها، لذلك دراسة العمل الفني ودراسة خطة الترميم تكون دائماً من أهم خطوات العلاج والحفظ.
بيئة خاصة
ولضمان الحفاظ عليها توضح: «يجب الحفاظ على متطلبات العرض والتخزين الصارمة، متضمنةً البروتوكولات التي وضعت من قبل المحافظين على المقتنيات في دائرة الثقافة والسياحة، والتي تعتمد على فترات عرض محدودة، والتناوب الدوري للأعمال المعروضة، وفرض قيود على نقلها وتخزينها في أماكن مظلمة وجافة ذات ظروف بيئية خاصة مدروسة وإجراءات معالجة منهجية.
المرأة الإماراتية
وتذكر فاطمة التميمي أنه منذ تولت المرأة الإماراتية المناصب في مواقع اتخاذ القرارات والمؤسسات لعبت دوراً مهماً على جميع المستويات سواء أكانت الافتصادية أم الاجتماعية أم السياسية، فهي الوزيرة والعاملة والزوجة والأم، وكانت وما زالت تثبت صحة رؤية القيادة الرشيدة كما تثبت مكانتها وقدراتها للمساهمه في بناء وتطور الدولة وتسهم هذا في أن يكون الإنسان الإماراتي الأول في كل شيء وقالت: كلي فخر بأني أسير من خلال هذه الرؤية لذا استطعت تحقيق حلمي بأن أكون أخصائية في حفظ وترميم المخطوطات بالرغم من الصعوبات التي واجهتها، مشيرة إلى أنها تلقت الدعم والمساندة حتى أكملت هذا الإنجاز.
دعم الأسرة
استطاعت فاطمة التميمي أن تكتب قصة نجاحها في مجال حفظ وترميم المخطوطات بفضل دعم القيادة الرشيدة ومساندة أفراد أسرتها، حيث وفقت بين عملها الوطني وإدارة شؤون أفراد أسرتها للوصول إلى بر الأمان، وبفضل دعم والديها وزوجها حققت ما تصبو له من نجاح وتميز.