تامر عبد الحميد (أبوظبي)
تغيّرت مفاهيم اللعبة الفنية في هذا العصر، وأصبحنا نرى على شاشة التلفزيون والسينما ظاهرة «التوريث الفني» بكثرة، وهو ما يضع الكثير من التساؤلات حول مستقبل الفن، خصوصاً أن هناك حالة من عدم الرضا موجودة بين الجمهور عن بعض الأعمال التي يظهر فيها بعض أقارب صناع الفن، من أبناء وزوجات فنانين ومنتجين يأخذون مساحات أدوار بشكل أكبر، إلى جانب اقتحامهم مجال الفن من دون سابق إنذار ووضعهم في مكانة أكبر من حجمهم الفني.. في الوقت الذي أثبت كثيرون منهم دنيا وإيمي سمير غانم ومحمد إمام رامي أمام وتيام مصطفى قمر وماجد الجسمي قدرته في العمل من دون الاعتماد على اسم الوالد.
دعم
أكد الفنان والمنتج أحمد الجسمي، أن فرص أصحاب صلة القرابة للفنان من أي نوع كان، تفتح الفرصة لهم عن غيرهم من أصحاب المواهب الأخرى، ولكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح، فإذا لم يكن الشخص لديه الموهبة الكافية أمام الكاميرا، فسيسقط بسرعة البرق، وقال: لا أحد ينكر أن «الواسطة» حالياً أصبحت موجودة في بعض المجالات في العالم من حولنا، ولكنها تعطي لصاحبها الفرصة في الدخول، وعليه استكمال المسيرة بنفسه، لأن الواسطة في النهاية لن تدوم معه طويلاً، لذلك فإن الدراسة والموهبة وصقلها الأساس لأي إنسان، ولكي أبتعد عن كلمة لأن «أبوه منتج»، فعندها دخل ابني ماجد مجال التمثيل، وقفت معه وساندته لكي يقف على قدميه وليس من أجل أن ألحق الضرر به.
وتابع: أنتجت مسلسل «أم هارون» الذي شارك معنا في بطولته ابني ماجد، وكان من الممكن بحكم أنني والده ومنتج العمل، أن أقدم له دوراً بمساحة كبيرة، وأن أجعله أسوة بكل فنان موجود في العمل، ولكني في عملي لا مكان للمجاملة بالنسبة لي، حتى لو كان ولدي، فهو لا يزال في مقتبل عمره، ولو كنت فعلت ذلك لكنت ورطت ماجد في خطواته ومستقبله الفني المقبل، لذلك رشحت له دوراً بسيطاً بعدد مشاهد قليلة، حتى يتعلم ويستفيد ويصقل موهبته بالشكل السليم، حتى يتقبله الجمهور أيضاً بالطريقة الصحيحة، وبعد فترة تم ترشيحه لعدد من الأعمال التي حقق فيها نجاحاً لافتاً، منها «ص.ب 1003» و«الطواش» و«اللي نحبهم» الذي عرض في رمضان الماضي على شاشة «قناة الإمارات». ونوه الجسمي إلى أن الفنان لا يستطع أن يساعده أحداً إلا نفسه أمام الكاميرا، خصوصاً أنها «فضاحة»، فالمشاهد يستطع أن يحدد إذا كان هذا الممثل يمتلك الموهبة والكاريزما من عدمها، لذلك فهو كمنتج يخجل من أن يتوسط لأي شخص لا يملك الموهبة، ويخجل بشكل أكبر حتى لو كان ابنه، بأن يقدمه في أحد الأعمال ولا يحقق البصمة المطلوبة، لذلك فرغم أن الفن «الواسطة» و«الشلالية» موجودة به، لكنه يؤيدها في حال إذا كانت إيجابية وتخدم الشخص والعمل الفني نفسه.
فتح الأبواب
من ناحيته، أكد الفنان حبيب غلوم أن الممثل إذا لم تتوفر فيه الموهبة في الشخص، لم ينفعه وجود أقاربه الذين يعملون في المجال نفسه، وإذا كان يملكها ولديه من الإبداع والطاقة والاختلاف ما يجعله يترك بصمة في عالم، فيقتضي دعمه والوقوف إلى جانبه من جميع العاملين في الفن وليس الأقارب فقط، وقال: لا أحد ينكر أن «الواسطة» تلعب دوراً كبيراً وهاماً في فتح الأبواب المغلقة عالمياً، ولكن لا تأتي «الواسطة» على حساب العمل نفسه، فإذا لم يكن الشخص مؤهلاً بالشكل الكافي، ولديه من الدراسة والمؤهلات والموهبة ما يجعله يدخل هذا المجال، فلا مجال لوجوده مهما كان الأمر.
ولفت غلوم إلى أنه في بعض الأحيان، يرتبط تقبل شخص ما دخل عالم الفن، بسبب ارتباطه بصيت وجماهيرية الفنان الذي ينتمي إليه، سواء أباً أو أماً أو زوجة، ولكن تتفاوت درجات التقييم والقبول في الساحة، فمنهم من يجد الدعم والمساندة ويؤكد حضوره بمؤهلاته وموهبته، ومنهم من يسقط ويفشل رغم الدعم، وهذا الأمر قد تأتي نتيجته بالسلب ليس عليه فقط، بل وعلى سمعة الفنان الذي ينتمي إليه، وهذا تأكيداً لعدم جدوى الواسطة بشكل كبير في ساحة الإبداع والفن.
نقد فني
فيما يعود الفنان والمنتج منصور الفيلي إلى بدايات النجوم الكبار الذين عانوا في مسيرتهم الفنية حتى يقتنع بهم المنتجون وصناع الفن، وقال: الجيل الذهبي الذي حفر اسمه بماء الذهب، لم يصعد السلم مرة واحدة، مثلما نجد في هذا الزمن، خصوصاً أن بعض الأعمال التي تقدم حالياً تفوح منها رائحة التوريث، بما ينذر بأن الفن يذهب إلى منطقة أخرى، ولكن إذا كان المال و«الواسطة» ستكون سبباً في صناعة هؤلاء، فإن النجومية لا يصنعها إلا الفنان الحقيقي المتشبع بالفن والمؤمن بأن لديه موهبة وطاقة وإحساساً فنياً كبيراً، مشدداً على أهمية التصدي لهذه الظاهرة من خلال توجيه النقد المنطقي من قبل النقاد الفنيين الحقيقيين، الغيورين على الفن الذي يرتقي بالإنسان ويتقدم به.
فؤاد علي: الفن لا يورّث
أكد المنتج فؤاد علي أن الفن لا يورث، وتبقى الموهبة هي أساس الاستمرارية وتحقيق النجاح، وقال: بالنسبة لبعض الحالات القليلة التي اقتحمت مجال التمثيل من ناحية أقارب الفنان، سواء أبناء أو زوجات، إذا لم يكن لديهم الموهبة الحقيقية والقدرات الفنية، فلن يكون لديهم التأثير الكبير، لأنه مهما قدمت للشخص في عالم الفن والإبداع، لكي تضعه في صورة ومكان معين، فلن يستطع الوصول إليه إلا إذا كان مؤهلاً لذلك. كما أن الجمهور ليس بالسذاجة التي تجعله أن يتقبل الدخلاء على الفن، خصوصاً أن الفنان الجيد، يفرض نفسه على الساحة الفنية من دون اللجوء إلى مساعدة من أحد، لأن عملية التزوير تكون دائماً مكشوفة وغير مقبولة، وإذا بعض صناع الفن والممثلين استطاعوا أن يقدموا من يمت لهم بقرابة من بعيد أو قريب لشخص ما، فهذا لا يعني بالضرورة أن هؤلاء سيكونون في المستقبل أسماء لامعة ونجوماً حقيقيين في عالم الفن.
ماذا قالت فاطمة الحوسني عن الدخلاء؟
أوضحت فاطمة الحوسني، أن إقحام أقارب الفنانين في العملية الفنية، لن يكون على المستوى المطلوب، في حال إذا لم يكن لديهم ما يؤهلهم للوقوف أمام الكاميرا، ولن يكون لهم أي دور في الفن ومستقبله، خصوصاً أن الأدوار التي أسندت إلى أصحاب المواهب غير المكتملة لن يتقبلها الجمهور، لذا فإن الفن مهما مر بمتغيرات كثيرة في هذا العصر، ووجدنا أن الدخلاء يأخذون أهم الأدوار، فإن الفن سيبقى له مكانته الرفيعة، متمنية ألا يؤثر هذا الأمر بشكل عام على الفن وأن يهبط مستواه إلى أدنى درجة، خصوصاً مع تكريس وجود فنانين وفنانات تنقصهم الموهبة والخبرة، لذا فإنه من الضروري أن يخضع هؤلاء لمعايير اختبار واختيار حقيقية، كما يحدث مع باقي الممثلين الجدد الذين يسعون للبحث عن فرصة للظهور، ولديهم من الإمكانات ما تؤهلهم لتحقيق النجومية.