أحمد مراد (القاهرة)
منذ أكثر من 60 عاماًً، سبقت الحيوانات البشر إلى الفضاء، بل وقامت بمهام علمية بتكليف من الإنسان الذي نجح في اللحاق بها بعد ذلك لاستكمال المشوار.
«لايكا»
في الثالث من نوفمبر عام 1957، وبعد شهر واحد فقط من إطلاق أول قمر اصطناعي إلى الفضاء حمل اسم «سبوتنك - 1»، أطلق الاتحاد السوفييتي ثاني قمر اصطناعي في التاريخ «سبوتنك - 2»، حاملاً الكلبة «لايكا» التي تعد أول كائن حي يصل إلى الفضاء، ودارت حول الأرض تسع دورات لتصبح بذلك أول رائد فضاء في العالم.
واختيرت «لايكا» من بين مجموعة من الكلاب الضالة التي تعوّدت على الظروف الحياتية القاسية، فضلاً عن تمتعها بالذكاء والطابع الأليف.
وفي يوم إطلاق الصاروخ الذي حمل «لايكا» إلى الفضاء، وضعت أمام آلة تصوير مرتدية سترة مجهزة بمعدات لرصد معدل نبضات القلب وضغط الدم والتنفس، بعدها وضعت في أقفاص أصغر، فأصغر داخل مقصورات مضغوطة بطول 80 سنتيمتراً، وحملها الصاروخ حتى ارتفاع ألف و600 كيلومتر. وخلال صعود الصاروخ، زادت نبضات قلب «لايكا» بسرعة كبيرة، ولكن بعد ثلاث ساعات عاد النبض إلى وضعه الطبيعي، وبعد انتهاء الدورة التاسعة حول الأرض، ارتفعت الحرارة الداخلية داخل المقصورة الفضائية، وتخطت حاجز الـ 40 درجة مئوية بسبب نقص الحماية الكافية ضد الإشعاعات الشمسية، ونتيجة لذلك نفقت الكلبة «لايكا» في غضون بضع ساعات، وقد كان متوقعاً أن تعيش في الفضاء ما يقرب من عشرة أيام. وفي عام 2008، أقامت روسيا نصباً تذكارياً صغيراً للكلبة «لايكا»، تم بناؤه بجانب مركز الأبحاث العسكرية بموسكو، الذي أعد رحلة «لايكا» إلى الفضاء.
«هام»
الشمبانزي «هام» أول حيوان يظهر في برنامج الفضاء الأميركي، حيث تم تدريبه وإرساله إلى الفضاء في الحادي والثلاثين من يناير عام 1961 في كبسولة ميركوري على متن الصاروخ ريدستون، وقد وصل على ارتفاع 157 ميلاً خلال رحلة مدتها 16 دقيقة ونصف الدقيقة، ليصبح أول شمبانزي يصل إلى الفضاء، وعاد إلى الأرض دون أن يُصاب بأي أذى.
قبل إرسال الشمبانزي «هام» إلى الفضاء، تلقى تدريبات صارمة تعلم فيها العديد من الخبرات، مثل الاستجابة للأضواء الكهربائية والأصوات. كما تم تدريبه على سحب المقابض لتلقي المكافآت - كرات الموز - وتجنب الضربات الكهربائية، وكان عمره وقتها ثلاثة أعوام. بعد عودته إلى الأرض، عاش الشمبانزي «هام» في حديقة شمال كاليفورنيا لمدة 17 سنة.
«فيليسات»
في 18 أكتوبر عام 1963، انضمت فرنسا إلى سباق الفضاء بإطلاق أول قطة تصل إلى الفضاء، وهي قطة ضالة ذات لونين أبيض وأسود تدعى «فيليسات»، وكانت تعيش في شوارع باريس، وعثر عليها تاجر حيوانات أليفة واشترتها منه لاحقاً الحكومة الفرنسية. وكانت «فيليسات» واحدة من 14 قطة خضعت للتدريب في العديد من الأجهزة العلمية، وخلال التدريبات وضعت لها أقطاب كهربائية دائمة في دماغها لتقييم النشاط العصبي. أطلقت «فيليسات» إلى الفضاء على متن الصاروخ الفرنسي «فيرونيك إيه جي آي» من موقع مركز اختبارات الفضاء المشتركة في الجزائر، ووصل الصاروخ لارتفاع 157 كيلومتراً، شملت 5 دقائق من انعدام الوزن.
وكانت البعثة عبارة عن رحلة شبه مدارية استمرت 15 دقيقة، بعدها عادت الكبسولة التي تحمل «فيليسات» إلى الأرض بوساطة المظلة بأمان، وبعد ثلاثة أشهر قتلت القطة حتى يتمكن العلماء من فحص دماغها. ووضعت صورة «فيليسات» على طوابع البريد في العديد من دول العالم، وفي عام 2017 أطلقت حملة لجمع تمويل لإقامة نصبٍ تذكاري لها.
«ألبرت»
في الحادي عشر من يونيو عام 1948، أطلقت أميركا الصاروخ «V-2 Blossom»، وعلى متنه قرد هندي صغير يدعى «ألبرت الأول»، الذي وصل إلى ارتفاع 63 كيلومتراً، ولكنه لم يتحمل ظروف الرحلة ونفق خلال الصعود.
وبعدها بعام، وبالتحديد في 14 يونيو عام 1949، وصل القرد «ألبرت الثاني» إلى الفضاء على ارتفاع 134 كيلومتراً بعد فشل مهمةِ «ألبرت الأول» في الصعود، ونفق «ألبرت الثاني» نتيجة الاصطدام بعد فشل فتح المظلة عند الهبوط.
«آبل» و«بيكر»
يُطلق لقب «ميس بيكر» على أنثى قرد تعد أول حيوان أميركي يصل إلى الفضاء، ويعود إلى الأرض حياً، وتم إطلاقها للفضاء من قبل وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» برفقة أنثى قرد أخرى تدعى «آبل»، في 28 مايو عام 1959، وذلك على متن الصاروخ جوبيتر، ولمسافة نحو 580 كيلومتراً في الفضاء. استمرت رحلة «بيكر» و«آبل» في الفضاء 15 دقيقة، منها تسع دقائق في حالة انعدام الجاذبية، وكانت مهمتهما اختبار آثار انعدام الجاذبية، وبعد العودة إلى الأرض ببضعة أيام نفقت «آبل» بسبب التهاب نجم عن أحد الحساسات التي زرعت تحت جلدها.
وأجريت لها جراحة في أحد المستشفيات، وحُنطت جثتها، ووضعت في متحف الفضاء بواشنطن مثبتة في الماسورة التي انطلقت فيها للفضاء. بينما عاشت «بيكر» 25 سنة أخرى، ودُعيت في مناسبات عديدة للبيت الأبيض، ونفقت في عام 1984 عن عمر 27 عاماً بسبب الإصابة بالفشل الكلوي.