هناء الحمادي ولكبيرة التونسي (أبوظبي)
ابتكرت الأسر بعض الأساليب والطرق لاستفادة الأطفال من العيدية، بعيداً عن تسليم الأوراق النقدية التي قد تكون ناقلة للأمراض، نظراً للظروف الراهنة الناتجة عن فيروس كورونا،حيث لا تكتمل فرحة العيد إلا بـ«العيدية» التي ارتبطت في أذهان الكبير والصغير ببهجته، وشكلت ركناً من أركانه الأساسية. ولا تزال العيدية مصدراً أصيلاً للسعادة العائلية، وفضاء واسعاً من الألفة الإنسانية، يطلبها الصغار دون حرج وينتظرون موكب الأقارب والضيوف في أيام العيد الأولى حيث كانت تكثر الزيارات، وتتلاقى الوجوه.
قالت بهية خميس المرزوقي، من إدارة تنمية مهارات وقدرات الطفل في مؤسسة التنمية الأسرية، ضمن ورشة تضمنت جزءاً عن العيدية، إنها من مظاهر الفرح في العيد، ومن الضرورة ابتكار أساليب جديدة للاحتفاء بهذه المناسبة، وتحويل هذا المظهر الاجتماعي إلى فرصة لتعليم الأبناء الادخار، وذلك بالاحتفاظ بجزء منها في حال تم تحويل المبلغ لهم عن طريق التطبيقات أو حساب البنك، وتخصيص جزء آخر للأعمال الخيرية.
ادخار
وأوضح نزار القحطاني، مستشار تربوي واجتماعي وباحث في علم النفس، أن عيد الفطر الحالي، ليس أول عيد يمر علينا في عصر كورونا، ولذلك فإن الأطفال تعودوا على هذا الأمر، حيث كان الأطفال في السابق يسعدون لأخذ العيدية من الكبار، سواء في مصليات العيد أو من تجمعات العائلة أو بالمرور على منازل الفريج، أما اليوم فإن زيارات العائلة أصبحت ضيقة جداً، مع تطبيق التباعد الاجتماعي، تجنباً لنقل العدوى، وبالإضافة لوجود توجيهات بعدم تداول الأوراق النقدية حتى لا يتناقل الفيروس، فإنه يجب تفعيل دور الحصالة، التي كنا نستعملها فيما سبق وننقلها اليوم لأولادنا، ونعزز بذلك قيمة الادخار لديهم، كما يمكن أن نفتح لهم حساباً بنكياً تكون هذه الخطوة بداية للادخار أيضاً، ونعزز لديهم أيضاً قيمة الأعمال الخيرية، كما يمكن تحويل المبلغ على حساب ادخار الطفل، لا سيما أن هناك بعض أولياء الأمور يفتحون حسابات لأطفالهم منذ كانوا صغاراً، ونوضح لهم فضل العمل والتجارة، ونحبب لهم الادخار وفضله، ونقدم لهم قصص بعض القدوات من الواقع.
غرس القيم
وبالحديث عن العيدية في صيغتها الحالية، قالت ليلى بلبيسي مستشار أسري ومدرب دولي: تعودنا على العيدية منذ عهد أجدادنا، فهي فرحة وبهجة وسرور، توزع على الأطفال، وقد كنا في السابق نجوب الفريج والدكاكين والبنوك ونجمع النقود للعيدية من فئة الخمس والعشر والمئة ونوزعها عليهم ونعايدهم باليد حسب الفئات العمرية، ورغم بساطة العيدية إلا أن الكل كان ينتظرها وكانوا يتنافسون على جمعها، حيث كانت تترك في أنفسهم أثراً جميلاً، كما كنا في أول يوم من أيام العيد نجتمع عند الأهل والأصدقاء وأطفالنا في أجمل لباس ينتظرون توزيعها عليهم.. ولكن في ظل جائحة كورونا تغيرت الأوضاع، أصبحنا نقتصر على المعايدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ونبحث عن التطبيقات التي نحول عبرها العيدية لأحبابنا الصغار من العائلة، والمقربين، وكذلك عن طريق التحويل البنكي إذا كان الطفل يمتلك حساب الادخار، أو تحويل المبلغ على أهله، وقد كانت بلادنا مواكبة لهذه التحولات، وابتكرت عدة طرق لتحويل العيدية وتحقيق السعادة والبهجة دون أن يتعرض أحد للمشاكل الصحية، حيث أطلقت هيئة الاتصالات العام الماضي أكثر من 33 تطبيقاً خاصاً للاستفادة من العيدية.
يقول سيف البلوشي (موظف حكومي): يأتي العيد بتفاصيله الحلوة لينعش بهجة حياة الناس، ويملؤها بهجة وفرحاً، فنجد الصغار أشد شوقاً للعيد الذي يحمل معه الملابس الجديدة والحلويات والألعاب، و«العيدية» سيدة المشهد التي ينتظرها الطفل من أهله وأقاربه وربما الجيران والمعارف.
ويضيف «الرجل يقدم العيدية لأطفاله وأطفال جيرانه وأقاربه ولبناته ولوالدته وللفقراء لأنها تدخل الفرحة على القلوب ..فمع قدوم العيد تجدد الذكريات عن العيدية وقيمتها وأهميتها.
يسترجع البلوشي: العيد في الماضي كان ذا خصوصية واهتمام كبيرين، فما إن تبدأ أولى أيامه، حتى نخرج مع أهلنا لنصلي معهم صلاة العيد، ونهنئ الكبار الذين نحصل منهم على العيدية، وحين كنا صغاراً نبدأ خروجنا مع أول صباحات العيد، فندور على بيوت الأهل والجيران نهنئهم بالعيد، ونحصل على العيدية التي لم تكن تتجاوز الدرهم والدرهمين، وإذا زادت تصل إلى الخمس دراهم، وكنا نحسب نقودنا آخر النهار، ونرى من حصل على أكثر عيدية، ونشتري بها الألعاب المتوفرة في ذلك الوقت، واليوم لا تزال تلك التفاصيل موجودة وقد ازداد مبلغ العيدية، لكن الأطفال لم يعودوا يدورون ويطلبون العيدية كما في الماضي.
زيارة الجدة
وتتحدث مريم عبيد (ربة منزل)عن العيدية: قد تكون العيدية فرحة الأطفال بالدرجة الأولى، لكننا نعطيها للكبار كذلك، فعند زيارة الجدة نقدم لها مبلغاً من المال أو هدية، وكذلك نقدم إلى أمهاتنا، ووالدي يعطي العيدية حتى لأخواتي الجامعيات وهو يرى أن العيدية فرحة للكبير والصغير، وأنا أجد أن رأس مالنا عيدان فقط في السنة، فلماذا لا نفرح ونسعد صغارنا وكبارنا بالهدايا والعيدية؟
عادة تقليدية
ويقول المصور مانع هلال المربوعي الذي عبر عن فرحته بالعيدية، من خلال التقاط عدة صورة تعبر عن هذه المناسبة: «تبقى العيدية رمزاً جميلاً لاهتمامنا بالصغار وتقديم الفرح لهم في أيام العيد السعيدة، وتعتبر من أبرز مظاهر الاحتفال بالعيد، وذلك لكونها عادة جميلة قائمة على مبدأ التكافل الاجتماعي الذي يتعزز خلال الأعمال الرمضانية».
ويبين المربوعي: تنجح العيدية في رسم البسمة على وجوه الأطفال، وزرع الفرحة في قلوبهم، لاسيما أنهم يقومون بجمعها، إلى جانب ما يحصلون عليه من الأقارب، عن طريق زيارات جماعية يقومون بها إلى منازل الجيران في الفرجان.
أما شيخة فهد الملا (3 سنوات) فتقول: أحب أيام العيد جداً وذلك للحصول على العيدية، فأنا أنتظر قدوم العيدين، عيد الفطر المبارك وعيد الأضحى بفارغ الصبر للحصول عليها، حيث أحصل على العيدية من والدي وأعمامي وأخوالي والأهل والأقارب.