السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

عبير الكعبي: الكرسي المتحرك لم ينل من عزيمتي

عبير الكعبي: الكرسي المتحرك لم ينل من عزيمتي
11 مايو 2021 01:07

لكبيرة التونسي (أبوظبي)

كانت تتمتع بصحة جيدة، تدرس وتخرج وتسافر وتمارس هواياتها، وتتابع دراستها الجامعية، إلا أن مرضاً أصابها غير كل حياتها وأقعدها على كرسي متحرك، بعد أن كانت في ريعان صباها، لكن ذلك لم يثبط من عزيمتها، بل زادها قوة وإصراراً، وبدأت حياة جديدة، وآمنت بقدراتها وأخرجت أجمل ما فيها لتواجه الحياة بحب وشغف.
عبير الكعبي، بكالوريوس تمويل بنوك ومصارف من جامعة الإمارات، موظفة حكومية، متألقة في مجال عملها، أقعدها المرض على كرسي متحرك، لكنه لم ينل من عزيمتها وإرادتها، وبفضل دعم أسرتها تمارس عبير اليوم حياتها بشكل طبيعي، تمارس هواية الغوص، وركوب الخيل، وتتطلع إلى ممارسة هواية القفز من الطائرة «سكاي دايف»، تسلحت بالإرادة التي تجعل صاحبها يصنع النجاح ويتخطى جميع الصعاب.

قصة البداية
وتعود قصة عبير الكعبي إلى 20 سنة خلت، بعد أن التحقت بالجامعة لتتابع دراستها بشغف كبير، مثلها مثل أي شابة في مقتبل العمر، إلا أنها في يوم من الأيام لاحظت أن رؤيتها أصبحت ضبابية، زارت أكثر من طبيب عيون، ليؤكد لها أحدهم بعد عدة فحوص أنها مصابة بمرض التصلب اللويحي، وشرح لها كيف أن هذا المرض قد يصيب أعضاء الجسم بالضمور، ومنها العيون، أصيبت بصدمة كبيرة، إلا أن والدتها كانت إلى جانبها، تساندها وتعلي من عزيمتها، وترفع معنوياتها، وكان تعزيز الجانب الروحي وتقوية الإيمان هو السبيل الوحيد للنجاة من الألم النفسي، بدأت رحلة البحث عن العلاج، في الخارج والداخل، واستمر ذلك من بداية 2000 إلى 2009 ورغم ما قاله الطبيب، فإن حالتها استمرت طبيعية مع بعض التراجع، بقي نظر العيون، لكن رجليها لم تعد تقوى على حملها، إذ قالت: «وصف لي الأطباء مجموعة من الأدوية، إلا أنها كلها كانت مهدئة، وليست علاجاً، وفي سنة 2009 كنت أصاب بالتعب، لم أعد أقوى على المشي، أصبحت أستند على العكاز، ورفضت الكرسي المتحرك، إلا أنه وفي سنة 2019 كان لابد أن اعتمد عليه.

إرادة
على الرغم من ظروفها الصعبة، درست وعملت في أربعة بنوك، تركت بصمة كبيرة وحققت إنجازات عدة في مجال عملها، لم يثنها مرضها عن العمل والتميز، حيث قالت: «رغم صعوبات الحركة، اتخذت القرارات المناسبة، في مجال عملي أسست قسماً كاملاً وأضفت لعملي وأضاف لي الشيء الكثير، مؤكدة أن المرض زادها قوة وصلابة، وأصبحت تبحث عن التميز وتسعى إليه أينما كان.

دعم أمي 
عندما أصابها المرض بالإحباط والصدمة، وجدت والدتها ووالدها بجانبها إلى جانب أسرتها التي احتوتها وساندتها وساعدتها على ممارسة هوايات جديدة، إذ قالت: «كانوا بجانبي، يخففون آلامي ويرسمون البسمة على شفاهي، كلماتهم كانت البلسم الذي يداوي جروحي، خرجت من هذه المحنة وتعايشت معها بفضل أسرتي، وجدت فيهم الدعم الكبير، ما زالوا يدعمونني في جميع المجالات ويساعدونني في جميع الأوقات».

قوة
وقالت: «المرضي جعلني أكثر قوة من قبل، بدأت أبحث عن الفرص وعن الهوايات التي أثبت فيها لنفسي أنني قادرة، وبالفعل استطعت، وأقبلت على بعض الرياضات التي استصعبتها في السابق، ومنها رياضة الغوص تحت الماء، لم يستغرق تدريبي كثيراً، نجحت في الامتحانات الكتابية، واجتزت بتفوق تجارب الغوص تحت الماء وعلى عمق 18 متراً، عندما أغوص أشعر أنني أحلق بجانحين وأشعر بالكمال، أريد أن أكون مثلي مثل الآخرين، وهذا ما يتحقق عندما أغوص في عمق البحر، كان بداخلي الشغف والإرادة، كنت متشوقة للتدريب وأحضر بشكل منتظم من العين إلى دبي، تعلمت في البداية الغوص في المسبح، إلى أن أصبحت أولى الفتيات التي تغوص في عمق تخطى 15 متراً».

أنا قادرة
وبالحديث عن أسلوبها في علاج ذاتها، قالت: إنها تعلمت كيف تكون مدربة نفسها ومشجعتها وكيف تشحنها بالأمل والتفاؤل وكيف تستغل كل لحظة من لحظات حياتها، معتبرة الكتابة هي متنفسها وكاتمة أسرارها، مؤكدة أنها كلما ضاقت بها تلجأ إلى القلم والورقة، تفرغ طاقتها السلبية وتعبر عما يجول في خاطرها، وبها أيضاً تقوي عزيمتها، تكتب الكلمات التي تشجعها، ثم تعود لوالدتها مبتسمة، لأنها على حد قولها، لم تعد تتحمل  رؤية الدموع في عيون والدتها «أكبر ما يؤلمني دموع والدتي، لهذا أصبحت أبحث عن الهوايات التي تحقق لي السعادة ولوالدتي ولمن حولي». 

تطوع
عشق عبير الكعبي لممارسة الهوايات، جعلها تتحدى مرضها وتمارس الغوص وتصبح أول غواصة إماراتية من أصحاب الهمم تغوص على عمق تجاوز 18 متراً تحت سطح البحر، بعد أن تعلمت على أيدي مدربة متخصصة، تخطت حواجز الخوف، بإرادتها الصلبة وعزيمتها القوية، واستطاعت تجاوز مصاعب الحياة، ولم تقف إعاقتها وجلوسها على كرسي متحرك حاجزاً أمام المضي في حياتها، وتحقيق ما تتمناه بالغوص في أعماق البحار، وتوظيف ما تعلمته والتطوع في تنظيف أعماق البحر، ومنها حملة «كن التغيير البيئي» والتي تم تنظيمها بكورنيش أبوظبي، وأكدت عضو فريق أسعد شعب للغوص التطوعي، أن الغوص من الرياضات الممتعة، لكنها تحتاج إلى تدريبات مكثفة قبل أداء أول غطسة جادة، مشيرة إلى أن استخدام معدات الغوص يتطلب تدريباً وتمريناً على استخدامها وليس معرفة نظرية فقط، فالنزول في الماء باستخدام معدات الغوص دون تدريب وتمرين تحت إشراف مدرب متخصص ليس صحيحاً  ولا بد من التدريب لتجنب مخاطر الغرق أثناء ممارسة هذه الرياضة، وكل من يشارك في تنظيف البيئة البحرية يجب أن تكون لديه خبرات جيدة في الغوص.

أروع التجارب
قالت عبير الكعبي، إنها من عشاق البحر والرياضات المرتبطة به، ووجدت ملاذها في الغوص، لأن من يصل إلى عمق البحر ويكتشف جماله ينسى كل منغصات الحياة، موضحة أن الغوص يساعد على اتخاذ القرار، ويعتبر معالجاً للتوتر والقلق والإحباط، لا سيما أنه يسمح للشخص بالتأمل في أروع ما خلق الله، والتدبر في هذا الكون العجيب الذي تختلف كائناته بين الليل والنهار، فكل غطسة باتت ترتبط في ذاكرتها بسلسلة من المناظر، مشيرة إلى أنها ترغب في زيارة أماكن الغوص حول العالم، لا سيما أنها من عشاق السفر، مؤكدة أن  الغوص من أروع تجاربها.

العزيمة
حققت عبير الكعبي حلمها وتغلبت بالغوص في أعماق البحر على كافة التحديات، وما زالت تبحث عن تجارب أقوى، مؤكدة أنها ترغب في إثبات أن القوة تتمثل في الإرادة والعزيمة وأن لاشيء يقف في وجه العزيمة وقالت: لم يعقني «التصلب اللويحي».. أصبحت قادرة على الغوص، واعتمدت على نفسي، وأوجه لجميع أصحاب الهمم، دعوة لعدم اليأس وألا تكون إعاقتهم حاجزاً أمام تحقيق أحلامهم، فبإرادتنا وعزيمتنا نستطيع تحقيق المستحيل والوصول لما نتمناه، مؤكدة أن خطوتها القادمة هي القفز من الطائرة، وممارسة هوايات أخرى أكثر تحدياً.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©