حسونة الطيب (أبوظبي)
لا تلبث تخمد نيران حريق إلا وتلتهب أخرى، لا تستثني في طريقها الأشجار والمباني والسيارات وكافة الممتلكات بكل أنواعها، مخلفة وراءها أضراراً اجتماعية واقتصادية ضخمة.
ومن المتوقع، أن يتسبب التغير المناخي، في زيادة عدد الحرائق والمناطق المعرضة لها، خلال العشرين سنة المقبلة، ما يسفر عن خسائر اقتصادية غير مسبوقة، وغالباً ما تعتمد شدة الحرائق والمساحات التي تغطيها، على نقص رطوبة التربة والجفاف وقصر موسم الشتاء والمواد التي تغذي هذه الحرائق مثل الغابات، فضلاً عن التغير المناخي من تباين في درجات الحرارة وأنماط الأمطار.
رقم قياسي
بينما كان اهتمام العالم منصباً في محاربة وباء كورونا، برزت أزمة أخرى تمثلت في حرائق الغابات، حيث ارتفع عدد تحذيراتها لرقم قياسي في أبريل 2020، بنحو 13% مقارنة بعام 2019.
وبلغ عدد الحرائق، نحو 70 ألفاً سنوياً، على مدى العشر سنوات الماضية في الفترة بين 2011 إلى 2020، ألحقت الدمار بما يقارب 7.5 مليون هكتار. وتقع مسؤولية هذه الحرائق، بنسبة 75% على البشر، ما يعني أن الحل بين أيدينا.
وبحسب إحصائيات الفترة بين 2000 إلى 2015، تقع 85% من المناطق التي تعرضت للحرائق سنوياً حول العالم، في منطقة السافنا الأستوائية، التي تشكل 19% من مساحة الأرض.
دمار 10.3 مليون هكتار
تجاوز عدد الحرائق 57 ألفاً في 2020، ألحقت التلف بنحو 10.3 مليون هكتار، وبجانب الخسائر المباشرة والتعطيل الناجم عن دمار المباني والبنية التحتية، نتج عن تلوث الهواء، خسائر تتعلق بالرعاية الصحية تجاوزت 100 مليار دولار.
كما من المرجح، أن ينتج عن موجات الحرارة والحرائق والتقلبات المناخية الأخرى في أوروبا، خسائر تصل لنحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً بحلول 2050.
لا تقتصر الخسائر الناجمة عن الحرائق، على فقدان الأرواح ودمار الأراضي الزراعية والعقارات، بل تتعداها للأموال التي تُصرف على إطفاء هذه الحرائق والأمراض والجروح التي يتعرض لها الناس وتلوث الهواء ومجاري المياه وتعطيل النشاطات التجارية والسياحية والضريبية.
مخاطر جديدة
برزت مخاطر جديدة للحرائق في مناطق رطبة وباردة مثل سيبيريا، التي من المتوقع أن تشهد زيادة في مدة الحرائق تمتد لنحو 20 يوماً في الفترة بين 2030 إلى 2040، خاصة وأن الدائرة القطبية، التي عادة ما تكون شديدة البرودة، أصبحت عرضة للحرائق مع ارتفاع قياسي في درجات الحرارة في يونيو الماضي، حيث احترقت 17 مليون هكتار بنهاية يوليو.
بالإضافة لما ينبعث من الحرائق من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، والذي يساوي مقدار انبعاثات الاتحاد الأوروبي، يتراوح ضحايا هذه الحرائق، ما بين 100 إلى 400 شخص سنوياً حول العالم. وفي حين يرجح، أن لحوم الأبقار وفول الصويا، من العوامل التي تسهم بشكل كبير في هذه الحرائق، تتجاوز الاستثمارات في إزالة الغابات، هذا النشاط، لتعمل في سلاسل توريد أعمال تجارية تشمل كل شيء تقريباً من، الورق ولب الخشب والأخشاب والمطاط وزيت النخيل والملابس.
كما أنها تضرب أراضي السكان، لتقضي على الزراعة وموارد المياه، حيث أثرت على 148 من المقاطعات في منطقة الأمازون البرازيلية في السنة الماضية، والتي فقدت ما يزيد على 1.3 ألف ميل مربع من غاباتها منذ يناير 2019.
وفي موسم 2015، تسببت الحرائق، في إغلاق المدارس والتأثير على أكثر من 5 ملايين تلميذ، ما يعادل %7 من مجموع طلاب البرازيل. وفي أستراليا، يقدر عدد الحيوانات التي هاجرت أو نفقت بفعل الحرائق، بنحو 3 مليار في موسم 2019 -2020. كما تقدر الخسائر الناجمة عنها على قطاع السياحة، بنحو 2.9 مليار دولار في 2019.
وفي أميركا، بلغت الخسائر التي نتجت عن حرائق موسم 2018، ما يقارب 50 مليار دولار.
مستقبل ملتهب
بحسب تقرير لمؤسسة موديز البحثية، من المتوقع أن يتسبب التغير المناخي في زيادة مدة الحرائق في الفترة بين 2030 إلى 2040، لتستمر حتى 3 أشهر في غربي أستراليا ولشهرين في شمال كاليفورنيا ولشهر في كل من إسبانيا والبرتغال واليونان. وربما تشهد منطقة الأمازون وجنوب شرق آسيا أكبر زيادة في حرائق الغابات.