محمد قناوي (القاهرة)
رغم تقديمه عشرات الشخصيات الدرامية خلال مشواره الفني الطويل، إلا أن شخصية «الأدعشري» التي قدمها الفنان السوري الكبير بسام كوسا في الجزء الأول من المسلسل السوري الشهير «باب الحارة»، تظل علامة فارقة في مشواره الفني، وسبباً في ازدياد نجوميته بشكل كبير.
البيئة الشامية
نجح «كوسا» في أدائها بتميز واقتدار جعلته الشخصية الأبرز في الجزء الأول والثاني من المسلسل، متفوقاً على شخصيات أخرى برزت في الأجزاء التالية للمسلسل مثل شخصية أبو عصام والعقيد أبو شهاب في أحداث ذلك المسلسل الاجتماعي، الذي يتناول البيئة الشامية، والذي تدور أحداثها في عشرينيات القرن الماضي، مسلطاً الضوء على الحياة الدمشقية والقيم النبيلة والعادات والتقاليد القديمة، خصوصاً وأن مجمل حكاياته تستند إلى قصص حقيقية وفق صُنّاعه، بيد أنه اتجه في الجزء الأخير تحديداً نحو رمزية سياسية، يرى نقاد أنها «غير موفقة»، وأضاعت الجماليات البسطية للعمل، وتحديداً في الجزأين الأول والثاني.
شخصية شريرة
والأدعشري «بسام كوسا» شخصية شريرة قاسي القلب على عائلته من سكان «حارة الضبع»، كان متهوراً في شبابه ويقوم بالعديد من المشاكل والسرقات، وفي كبره امتهن بيع المخلل على عربة يجرها حمار، إلا أن داء السرقة بقي فيه فقام بسرقة ذهب التاجر أبو إبراهيم من بيته وأثناء هروبه سقط حذائه في بيت أبو إبراهيم وأثناء قفزه من سور بيت أبو إبراهيم رآه حارس الحارة أبوسمعو، فقام الأدعشري بقتله ودفنه في حوش بيته وبجواره الذهب الذي سرقه، شكت الحارة في الأدعشري بعد أن وجدوا حذائه في مكان الحادث، فطلب منه الزعيم أبو صالح أن يحلف يمين على المصحف بأنه لم يقم بالسرقة، فقام بالحلف كذباً ليمر بحالة نفسية سيئة، ومن ثم يجرح في يده التي حلف بها في إحدى خناقات الحارة مع حارة أبو النار ووفاة ابنه معروف مثأثراً بلدغة حنش وأصابت الأدعشري بغرغرينا التي تطلب قطع يده، وتتدهور بعدها صحة الأدعشري وعلى فراش الموت يعترف لعضوات الحارة بسرقة أبو إبراهيم وقتل أبو سمعو حارس حارة الضبع.
مشوار فني
ويتحدث بسام كوسا هذه الشخصية المؤثرة في مشواره الفني قائلاً: في الحقيقة شكل دور «الأدعشري» الذي جسدته في مسلسل «باب الحارة» بجزأيه الأول والثاني إضافة كبيرة وقوية كبيرة لمسيرتي الفنية جعل جمهور المشاهدين يتعاطف معي أو مع شخصية «الأدعشري»، على الرغم مما يمثله من حالة سلبية على مجتمعه والمقربين منه بفضل الصدق والعفوية التي تعاملت بها مع هذا الدور الذي يجسد شخصية نشال شرير يعلن توبته بصدق، ولكن حيث تسنح له الفرصة للعودة إلى ماضيه لا يتوانى لحظة في عمل ذلك، وأنا أعتقد أنني وفقت في أداء شخصية «الأدعشري» لدرجة جعلتني أبتعد عن القاعدة المعهودة بمن يؤدون الشخصيات الشريرة، حيث يجردونها من إنسانيتها ويجعلونها تلحق الأذى والضرر بالآخرين، أما أنا فحاولت تقديم نموذج للشرير الواقعي العزيز في آن والذليل في آن آخر، الماكر والمخدوع، ووظفت ذلك درامياً بتصعيد الإثارة وصولاً بالشخصية إلى ذروتها ومن تعاطف الجمهور معها، الصغير والكبير وكنت في نظرهم البطل الأوحد في مسلسل «باب الحارة» ولا أبالغ إذا قلت إن معظم الناس عندما يروني في مكان ما ينادوني مباشرة بـ«الأدعشري» ويثنون علي ويسلمون بحرارة ويقولون لي: «لقد أحببناك بهذا الدور الشرير الذي قدمته بحرفية عالية ولم تجعلنا نكرهك من خلاله»، وفي العموم شخصية «الأدعشري» ستظل راسخة في أذهان المشاهدين لسنوات طويلة، وهي من الشخصيات الجميلة التي حفرت اسمي ونقشته في قلوب الناس، وآمل أن أوفي بتجسيد شخصيات أخرى مشابهة لا تقل أهمية عنها.