السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

3 من أبنائها تحدوا فقدان البصر وتميزوا.. فاطمة النقبي: كنت عيونهم وكانوا حياتي

فاطمة النقبي مع زوجها و4 من أبنائها والأحفاد (من المصدر)
28 ابريل 2021 01:03

نسرين درزي (أبوظبي) 

فاطمة أحمد النقبي أم لـ7 أبناء، 3 منهم ولدوا مع مرض الصبغة الشبكية، وهو ضعف شديد بالنظر يتزايد سنوياً حتى فقدان البصر، مما يتطلب رعايةً خاصةً، وجهداً كبيراً تحملته متسلحة بعزيمتها وإيمانها بالله. وكما كان والدهم السند لهم، كانت هي عيونهم التي يرون من خلالها طاقات النور في حياتهم الشخصية والأكاديمية والمهنية. ولم يؤخرها هذا التحدي عن مساعدتهم لنيل الشهادات الجامعية تماماً كباقي إخوانهم، إذ إنهم نالوا الفرص نفسها، ويتبوؤون جميعاً مناصب مشرفة تشهد لأسرة متميزة يشار إليها بالبَنان.
قصص النجاح في العائلات بمجتمع الإمارات كثيرة ومتنوعة، وعلى أهمية كل تجربة، تجذبنا الإنجازات العظيمة التي تستحق الوقوف عندها من باب أخذ العبر، ليس فقط في التربية والتعليم والإرشاد، وإنما بالإرادة والثقة بأن لا شيء مستحيل مع أخذ الأسباب والتوكل على الله.

  • فاطمة النقبي مع ابنها البكر لؤي
    فاطمة النقبي مع ابنها البكر لؤي

ابتلاء وصبر 
باشرت فاطمة النقبي حديثها مع «الاتحاد»، قائلة: يسألني كثيرون: كيف تمكنت من تربية 7 أبناء أعمارهم متقاربة، وإيصالهم إلى درب النجاح؟ ومعظمهم لا يعرفون أن 3 من أبنائي كان نظرهم ضعيفاً جداً، ومع مرور السنوات فدقوا البصر كلياً. فأنا لم أفرّق يوماً بينهم في اهتمامي ومتابعتي كأم رضيت مرة تلو الأخرى بكل ابتلاء جاءني، وكنت دائماً أتذرع بالصبر لأنه وحده مفتاح الفرج. 
وروت مشوارها مع تحديات الحياة منذ العام 1978، حيث كانت في الـ 17 من عمرها وأنجبت ابنها البكر لؤي علاي، وهو اليوم رئيس قسم الاتصال الحكومي في هيئة الكهرباء والمياه بخورفكان. وذكرت أنها لاحظت عليه صعوبات في المشي وعرضت حالته على أكثر من مستشفى، وكان الجواب أنه مصاب بداء الصبغة الشبكية، ولم يكن العلاج متوفراً في تلك الأيام، مما اضطرها إلى الالتحاق بنادي الشارقة للمعوقين والمشاركة في المحاضرات التي كانت تستضيف أطباء متخصصين. وكانت تستفيد من خبرتهم للتعرف إلى أفضل طرق العناية بالأطفال شحيحي البصر، وظلت تتابع مع عدة مراكز أخرى مع قدوم ابنها أحمد وابنتها عايشة، اللذين ولدا مع المرض نفسه.

  • فاطمة النقبي
    فاطمة النقبي

صامدة كالجبل 
وهي منكبة على اهتمامها بلؤي، ولد ابنها علي وكانت حركته طبيعية، وكذلك طارق، إلا أن ولدها أحمد ظهرت عليه الأعراض نفسها، وهنا اشتد الحمل عليها. ومع أن زوجها كان يساعدها دائماً، إلا أن مسؤولياتها كأم ازدادت ولا سيما أنه كان لا بد من إيجاد مدرسة تتفهم وضعهم الصحي، وهذا ما لم يكن متوفراً في بداية الثمانينيات، لذلك كانت تقوم بنفسها في قراءة الدروس لهما ومساعدتهما على حل واجباتهما بجهد يتجاوز الضعف بكثير. وقالت: من بعدها رزقني الله بمحمد، وعايشة التي ولدت مع المرض نفسه، ومن ثم بعبدالرحمن، لم يكن سهلاً علي أن أرى مجدداً ابنتي الوحيدة لا ترى، لكنني لم أيأس لحظة واحدة، ولم أشتك ولم أتملل، بل كنت صامدة كالجبل، وكلي يقين بأن أولادي جميعهم سوف يتعلمون ويتخرجون في الجامعة. وكان لي ما حلمت به وسعيت إليه بفضل من الله عز وجل.

تسجيل الكتب 
وعن كيفية متابعة دراسة أبنائها كل بحسب قدراته، أوضحت الوالدة فاطمة أنها كانت تتنقل بينهم وتمنح كل واحد منهم وقته الخاص، لافتة إلى قناعتها منذ أكثر من 40 عاماً بحق أصحاب الهمم بالتعليم. وأشارت إلى أنها لم تكن ترضى بأقل من التفوق، وكانت تحرص على تسجيل كتب أبنائها الثلاثة بصوتها على أشرطة كاسيت، وتتابع بنفسها تطورهم في المدرسة.  

  • عايشة علاي
    عايشة علاي

وأكبر تحد واجهته في تعليم أبنائها، أن المدارس الحكومية لم تكن وقتها مجهزة للتعامل مع مرضى الصبغة الشبكية في العين، وكذلك الأساتذة لم يكونوا كما اليوم على دراية بالأحرف النافرة، وكان تعليمهم مركزاً بالمجمل عليها في البيت. وعندما بدأ نظرهم يتلاشى إلى مرحلة متقدمة، اشترت لهم شاشات ضخمة أشبه بالتلفزيون، كانت تظهر لهم كلمات الكتاب كلمة كلمة بالصورة والصوت. 

ظل لا يتلاشى 
مع كل ما واجهته الوالدة المتفانية في تحمل معاناة فلذات أكبادها، لم تتنازل عن طلبها الأساسي منهم بأن ينالوا أعلى الدرجات العلمية، وعندما فقدوا البصر كلياً في المرحلة الثانوية، كانت ظلهم الذي لا يتلاشى، ودعمتهم معنوياً بكل ما أوتيت من قوة حتى تخرجوا في الجامعة، وكانت الامتحانات تُقرأ وتُكتب لهم، وهي اليوم تقف مرفوعة الرأس، فخورة بهم وبما حققوه من تميز متحديين مراحل طويلة من الجهد، وبمجرد رؤيتهم سعداء تنسى كل تعب الحياة، ولا تذكر سوى ابتساماتهم النابعة من القلب مع كل نجاح يرافقهم.

عدم الرضوخ
يرى لؤي أنه وأخاه أحمد وأخته عايشة، ما كانوا لينهوا تعليمهم ويعملوا في مجال تخصصهم الجامعي، لو لم تتدارك والدتهم مرضهم وتسارع لإيجاد بدائل تساعدهم على الدراسة. وذكر أنهم تعلموا منها الإصرار وعدم الرضوخ للإعاقة البصرية، لافتاً إلى أنها كانت توزع أدوارها بطريقة جبارة، ما بين العلاج والتربية والتعليم ومتابعتهم النفسية والمعنوية.

  • لؤي علاي
    لؤي علاي

بين الجامعة والعمل
ـ لؤي، ضرير درس تاريخاً في جامعة القاهرة، وهو رئيس قسم الاتصال الحكومي في هيئة الكهرباء والمياه بخورفكان، ونائب رئيس نادي المعاقين بالمدينة، يعمل في مجال الإعلام، ولديه 8 أبناء.
ـ علي، دراسات إسلامية في كلية دبي ويعمل في وزارة العمل، متزوج ولديه ابنتان.
ـ طارق، درس علاقات عامة في جامعة الشارقة، وهو مدير المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، متزوج ولديه ابنتان وولد. 
ـ أحمد، ضرير درس علاقات عامة في جامعة الشارقة، وهو موظف حكومي، متزوج ولديه ولد وبنت. 
ـ محمد، درس قانوناً في جامعة الشارقة، ويعمل في شركات أدنوك.
ـ عايشة، ضريرة درست القانون في جامعة الشارقة وتخرجت بامتياز مع مرتبة الشرف وتحضر للدكتوراه، وهي مستشارة قانونية في التحكيم التجاري، متزوجة ولديها بنت.
ـ عبدالرحمن، طالب قانون في جامعة الشارقة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©