محمد قناوي (القاهرة)
مسلسل «أبنائي الأعزاء شكراً»، الذي قدمه الفنان الراحل عبد المنعم مدبولي خلال النصف الثاني من شهر رمضان عام 1979، يعتبر واحداً من كنوز الدراما المصرية، وهو تأليف عصام الجمبلاطي، وإخراج محمد فاضل. وشارك في بطولته يحيى الفخراني، وصلاح السعدني، وفاروق الفيشاوي، وآثار الحكيم، ومحمود الجندي، وفردوس عبد الحميد، ودارت أحداث العمل حول شخصية «بابا عبده» الذي جاوز الستين من عمره وتمت إحالته إلى المعاش، في الوقت نفسه يكبر أولاده ويتزوج كل منهم ويبحثون عن مستقبلهم، ومن خلال حلقات العمل ظهرت مواقف متباينة وردود أفعال مختلفة من أبنائه تجاهه بعدما عمل على تربيتهم بجد واجتهاد وصبر وحنان بعد وفاة أمهم، ولم يسمح لنفسه بالزواج من أخرى أو التفكير في ذاته، حتى شغلوا جميعاً مناصب عليا، فمنهم الطبيب والمهندس والصحفي، وحتى ابنته الصغرى صمم على استكمالها لتعليمها.
وبعد كل ذلك يكتشف الأب حقائق مختلفة، ويجد أنه يحتاج للتعرف عليهم من جديد، ويستكمل توجيههم حتى يعيشوا حياة سعيدة، خصوصاً بعدما مروا بالعديد من المحن والمشكلات، ويعاني بابا عبده دائماً من إهمال أولاده له، حتى عندما يتعرض للمرض، لكن زميلته صفاء تقف بجانبه طوال الوقت، إلى أن يكتشف الأبناء أنهم ابتعدوا عن أبيهم كثيراً، وأنهم في حاجة إليه دائماً، كما يحتاج هو إليهم من دافع معنوي وإنساني بحت.
وتظل شخصية «بابا عبده» أشهر أدوار الفنان الكوميدي عبد المنعم مدبولي تقمصه شخصية «بابا عبده»، ونجح المخرج محمد فاضل في تقديم مسلسل يعيش مع المشاهدين عمراً طويلاً، حتى صار من الكنوز الدرامية المصرية؛ حيث أخرج حبكة درامية مترابطة بعيداً عن الإسفاف ومشاهد العري والألفاظ الخارجة، وعالج واحدة من أهم القضايا التي ظلَّت تعاني قصوراً في معالجتها حتى في الوقت الحالي، وهي قضية الترابط الأسرى، ومدى احتياج الأب لأبنائه مهما كبروا، وأيضاً احتياج الأبناء الدائم إلى أبيهم، خصوصاً إذا كان يتمتع بقدر كبير من الحكمة والإنسانية والحنان.واعتمد فاضل على الموسيقى التصويرية للعمل لإنجاحه، فكان للموسيقار الكبير عمار الشريعي دور كبير في ذلك؛ حيث وضع ولحن موسيقى العمل، كما غنى الفنان عبدالمنعم مدبولي إحدى أغنياته ضمن حلقات المسلسل؛ حيث إنه حظي بخامة صوتية دافئة وأغانيه ظلت عالقة بذهن جمهوره.