عدد اليوم
نسرين درزي (أبوظبي)
تحذير ودّي ينتشر بين المقربين مع صباح الأول من أبريل من كل سنة لتوخي الوقوع في فخ «كذبة أبريل» التي يتداولها كثيرون حول العالم، بقصد المزاح وحياكة الإشاعات. وهذه العادة التي يعتبرها المروّجون لها كذبة بيضاء تكسر النمطية، شغلت على مر العصور أفراداً ومؤسسات طرحتها أمام الملايين ممن صدقوها وانساقوا بها قبل أن يكتشفوا الحقيقة، حتى إن البعض يربطونها بأي خبر لا يُصدّق، لكن ما هو تاريخها، وكيف انطلقت وتوارثتها الشعوب؟
كذبة 1 أبريل التي تلامس الثقافة الساخرة تنتهي بمواقف تتأرجح بين الطرافة والإحراج. وتختلف مسميات ضحيتها بين بلد وآخر، فهو «أحمق أبريل» في ألمانيا، و«مغفل أبريل» في إنجلترا، و«سمكة أبريل» في فرنسا.
تغيير التقويم
رجحت النظرية الأولى أن يكون البابا غريغوريوس الثالث عشر وراء يوم الكذب العالمي، عندما نقل سنة 1582 بداية العام من آخر شهر مارس، إلى الأول من شهر يناير بحسب التقويم الميلادي. ومع أن الإعلان عن التغيير انتشر على نطاق واسع، إلا أنه غاب عند البعض ممن ظلوا يحتفلون برأس السنة في الأول من أبريل، وكان يُنظر إليهم بسخرية. وكان الفرنسيون يضعون أسماكاً من الورق على ظهور من فاتهم التغيير، ويطلقون عليهم اسم Poisson d'Avril أي «أسماك أبريل».
القرن الـ 14
تؤكد نظرية أخرى أن كذبة 1 أبريل بدأت مع تقليد استقبال فصل الربيع ووداع فصل الشتاء، عبر مهرجان يشارك فيه الرومان باحتفالات ضخمة تسودها الألعاب، حيث يتنكر الناس ويقومون بالحيل والخداع بقصد المزاح. وضمنت المجموعة القصصية «كانتربري» للشاعر الإنجليزي جيفري تشوسر الذي عاصر القرن 14 الميلادي، روايات تجمع بين 1 أبريل والأكاذيب مما يؤكد قِدم هذه المناسبة.
حبس الطيور
يرى مؤرخون أن كذبة أبريل ارتبطت بقصة شعبية نشأت في بلدة “غوثام” الإنجليزية، حيث خدع ملك إنجلترا جورج الثالث السكان في 1 أبريل سنة 1789، معلناً أنه سيزورهم. ووفق تقاليد هذه البلدة منذ القرن 13 الميلادي، تصبح الطريق، حيث يمشي الملك، مُلكاً عاماً. وعندما سمع السكان أنّ الملك سيزور بلدتهم، بدأوا يخططون لحيلة تمنعه من الأمر وقاموا بتصرفات غريبة، كإغراق السمك وحبس الطيور في أقفاص مفتوحة. وعندما أعلن الملك أنه كان يمزح، خرج الفلاحون إلى الشوارع واحتفلوا بالخبر.
كثرت الأخبار الكاذبة التي ارتبطت بالأول من أبريل منذ مئات السنين، ومع أنها تتخذ عند كثير من الأفراد طابع الفكاهة، إلا أن ثمة من يعتبرونها مادة مزعجة تلامس الإحراج، حتى أن بعض الدول أصدرت العام الماضي مع انتشار جائحة «كورونا» بيانات رسمية بمنع تداول الإشاعات بين الناس في 1 أبريل.
زُحل وبلوتو
من أبرز الإشاعات التي انتشرت بين الناس في مثل هذا اليوم:
عام 1719، أشعل قيصر روسيا بطرس الأكبر النار في قبة مرتفعة بعدما طلاها بالزفت والشمع، فظن الناس أن مدينتهم تحترق وهربوا خائفين. وعام 1976 أعلن الفيزيائي باتريك مور في إذاعة “بي بي سي” أنه عند الساعة 9:47 صباحاً سنشعر بتأثير جاذبية مزدوج من كوكبي زحل وبلوتو وسوف تضعف الجاذبية على الأرض، فإذا قفزنا، فإننا سنطفو في الهواء. ووقع كثيرون ضحية هذه الخدعة.
مدارس اللؤلؤ
عام 1977 نشرت صحيفة “الغارديان” نشرة إرشادية للسفر إلى جزيرتين غامضتين تحت اسم «سان سريف»، وادعت أن طلبة المرحلة الثانوية يمكنهم هناك تعلم الغوص بحثاً عن اللؤلؤ. وخلال أقل من ساعة توافدت آلاف طلبات التسجيل في مدارس الجزيرتين.
«بيج بن» رقمية
عام 1980 أعلنت إذاعة “بي بي سي” العالمية أن ساعة “بيغ بن” ستدخل العصر الرقمي، وأشارت إلى أن أول من سيتصل من المستمعين سيحصل على عقارب الساعة التي سيتم الاستغناء عنها. واضطرت الإذاعة فيما بعد إلى الاعتذار عن هذا المزاح الذي صدقه البعض ولم يجدوا فيه أي جانب هزلي.
شتول «السباجيتي»
عام 1957 بث الإعلامي ريتشارد ديمبلي تقريراً إذاعياً تحدث فيه عن حصاد وفير من معكرونة “سباغيتي” تثمر في أشجار بسويسرا. صدّقه المستمعون وتوافدوا إلى الإذاعة لمعرفة كيفية زراعة الشتول.
بطريق يطير
عام 2008 زعمت شبكة «بي بي سي» أن باحثين اكتشفوا سلالة من طيور البطريق قابلة للطيران، وبثت مقطع فيديو جعل كثيرين يصدقون الكذبة وحظي المقطع وقتها بنحو 6 ملايين مشاهدة.
دعابات
على الرغم من شعبية هذه المناسبة، فإنها لم تأخذ شكل الاحتفال الرسمي في أي بلد بالعالم، وبقيت مرتبطة بالدعابات.
