د. شريف عرفة
تمثل الموسيقى نشاطاً ممتعاً في حد ذاتها، إلا أن تأثيرها يتجاوز مجرد التسلية.
في دراسة نشرت في الدورية العلمية «فورنتيرز إن سايكولوجي» عرض البروفيسور جراهام ويلش الأستاذ بجامعة كلية لندن، وزملاؤه، أهم الأبحاث العلمية التي أجريت حول الموضوع.. والتي تُظهر أن الانخراط في النشاط الموسيقي «عن طريق التعلم أو الاستماع أو الأداء أو الارتجال أو الغناء، بشكل فردي أو جماعي..» يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على الصحة الجسدية والنفسية على مدار العمر، في أكثر جانب.
الصحة العامة
يمكن للموسيقى أن تساهم في تحسين الصحة العامة.. ففي إحدى التجارب وجدوا أن الأشخاص الذين يمارسون تدريبات الرياضة البدنية أثناء الاستماع للموسيقى، استمروا لفترة أطول من الذين تدربوا دون الاستماع لشيء..
كما تستخدم الموسيقى في وسائل علاجية مختلفة.. في دراسة بريطانية وجدوا أن الانخراط في أنشطة غناء جماعي يحسن من جودة حياة مرضى سرطان الحلق الذين خضعوا لاستئصال الحنجرة، ساعد في إعادة تأهيل الصوت، وكذلك إحساس المرضى بالاندماج والدعم الاجتماعي والعاطفي.
وفي دراسة أميركية، وجدوا أن الجنود الذين تلقوا العلاج بالموسيقى كجزء من علاج اضطراب ما بعد الصدمة، وإصابات الدماغ، ومشاكل صحية نفسية أخرى، عن طريق كتابة الأغاني وتعلمها والتدرب على أدائها للمستمعين، كان له أثر صحي إيجابي كبير عليهم.
السعادة والمشاعر
تكشف الدراسات المختلفة الدور، الذي تلعبه الموسيقى في تنظيم الحالة المزاجية، وكيف أن الاستماع للموسيقى المرحة قد يساعد الأشخاص في تحسين حالتهم الشعورية.
في دراسة فنلندية، رصدوا تأثير الاستماع للموسيقى على إحساس المراهقين بالقدرة والرفاهية العاطفية والسعادة.. وفي دراسة أسترالية كشف الباحثون عن جوانب الصحة العقلية التي تؤثر فيها الموسيقى على الشباب الذين لديهم ميول للاكتئاب.. كما يشير الباحثون للشعور بالاندماج الذي يشعر به من ينخرطون في أي نوع من الأداء اللحني الجماعي، كما في الأناشيد الوطنية أو الكورال أو الهتافات التي يرددها المشجعون في الملاعب، حيث يشعر الشخص بأنه جزء من كل.
كما تحدث لموسيقى تناغما بين الذهن والجسد «وهو ما نراه في الحركات الراقصة أو مجرد هز القدم أو اليد لتتبع الإيقاع..»، بالإضافة لكونها وسيلة تنفيس وتعبير عن النفس، وهو ما يكشف عنه سياق الأداء الموسيقي نفسه وما يحمله من معان عاطفية أو قومية أو روحية.
القدرات الذهنية
وجد الباحثون أن الأطفال في عمر 8 سنوات الذين يعزفون على واحدة أو أكثر من الآلات الموسيقية لمدة نصف ساعة على الأقل في الأسبوع، حصلوا على درجات أعلى في اختبارات القدرات اللفظية والذكاء، بالإضافة لارتباطات أكبر قابلة للقياس بين نصفي المخ، واتساق أكبر بين مناطق السمع والحركة.
حتى الأطفال في سن ما قبل المدرسة.. تطوير خبراتهم الموسيقية في المنزل «عن طريق الغناء والاستماع للأغاني» يساعد في تطوير مهاراتهم اللغوية، كما أن التدريب الموسيقي للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و15 عاماً قد يساعد في تحسين مهارات القراءة.. كما يساعد الشباب الذين يعانون من صعوبات في التعلم، في زيادة المشاركة الاجتماعية والتفاعل والتواصل..
في إيطاليا، وجدوا أن تدريب الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و10 سنوات على المهارات الموسيقية ساعد في تحسين السلوك العام لديهم، بالإضافة إلى الحد من فرط النشاط، وعدم الانتباه والاندفاع، مع تعزيز قدرتهم على التحكم الذاتي.
وفي دراسة أسترالية وجدوا أن كبار السن المصابين بالخرف الخفيف إلى المتوسط، الذين شاركوا في برنامج تدريبي موسيقي، أظهروا تحسناً في جوانب الإدراك، وخاصة الطلاقة اللفظية والانتباه.