عدد اليوم
تامر عبد الحميد (أبوظبي)
35 عاماً تربع فيها على عرش الأغنية العربية.. غنى للحب وللجمال وللأوطان، وعشنا معه أجمل الأحلام... إنه راغب علامة.. وهو حقاً علامة فارقة في عالم الغناء، وظاهرة فنية جديرة بالاحترام والإشادة، وفيه نرى المثال الحقيقي للمطرب الناجح الذي يحترم فنه وجمهوره، والذي طوع إبداعاته في خدمة قضايا المجتمع والإنسانية.. ومنذ أول ظهور للفنان اللبناني راغب علامة على ساحة الغناء العربي، وهو نجم يحظى بحب الجمهور، وصاحب صوت خلاب فضلاً عن إطلالته الجميلة، لُقب بـ «السوبر ستار»، حيث جمع بين الصوت القوي والوسامة، إضافة إلى بحثه الدائم عن التجديد والتميز والتفرد، كما أنه يعرف كيف يختار ما يدوم ويبقى بعناية ودقة لا مثيل لهما.
وفي حواره الخاص مع «الاتحاد»، حرص الفنان راغب علامة في بداية اللقاء على أن يهنئ دولة الإمارات بيومها الوطني الـ49، وقال: هذا اليوم هو يوم الأمل والحب والمحبة، أهنئ شعب الإمارات وقادتها الرشيدة، وكل شعوب العالم لأن أغلبهم عاشوا فيها، على هذا اليوم التاريخي الذي أرسى الطمأنينة والمحبة في قلوب الناس، فكل إنسان لديه من الأخلاق والإنسانية والأحلام يجب أن يعشق الإمارات، فهي الأرض الطيبة التي تأسست على احترام الإنسان، فكل إنسان بالعالم يبحث عن الأمان، لن يجده إلا في بلد التسامح والخير، طالما أنه يحترم القانون، خصوصاً أن الإمارات بنيت على القانون والاحترام المتبادل، أمّنت للناس بنية تحتية لكل إنسان لديه آفاق في العمل في مجالات مختلفة، منها الطب والتعليم والصناعة والتجارة والفن، وساعدتهم على إبراز إنجازاتهم وتحقيق النجاح.
وتابع: منذ أكثر من 35 سنة وأنا أزور الإمارات بين فترة وأخرى، وبفضل قادتها الرشيدة جعلوا منها منارة للتسامح والإنسانية وجعلوها محط أنظار العالم، فأرى أنها تتقدم وتحقق تطوراً وازدهاراً بين سنة وأخرى وتحقق إنجازات تاريخية وعالمية في شتى المجالات، فكيف لك ألا تعشق وتحترم هذه الأرض الطيبة التي فتحت زراعيها لكل الناس بمختلف ثقافاتهم وجنسياتهم وعرقيتهم، مشيداً بالإجراءات الاحترازية والوقائية التي تتبعها الإمارات والجهود المبذولة من أجل الحد من انتشار الفيروس المستجد «كورونا».
قوة ومصداقية
ووجه علامة شكره لجريدة «الاتحاد» التي واكبت مسيرته منذ دخوله مجال الغناء وحتى الآن، ودعمته إعلامياً بشكل كبير، وقال: سميت الاتحاد على اسم اتحاد الإمارات، والاتحاد يعني القوة، وحقاً هي جريدة القوة والمصداقية، فمن المهم أن تكون الوسيلة الإعلامية صادقة وأمينة على الكلمة وتحترم القارئ، وهذا أبرز ما تتميز به «الاتحاد» التي تعتبر من أهم الجرائد في الوطن العربي، وأتمنى لها ولكل فريق عملها المزيد من التوفيق والنجاح والتطور.
زرع الفرحة
وحول مسيرته الفنية الطويلة وتربعه على عرش الغناء العربي منذ دخوله المجال، أكد راغب أنه رغم ما حققه من نجاحات فنية إلا أنه لا يشعر حتى الآن أنه متربعاً على العرش، فدائماً يرى هذا العرش صوب عينيه، ويضعه هدفاً للوصول إليه، وهذا الشيء يدفعه بصفة مستمرة لأن يكون لديه الحافز والنشاط وحب العمل، وزرع الفرحة ورسم البسمة على وجوه محبيه، من خلال تقديم أعمال فنية ترقى بالمستوى وتنال حسن ظن جمهوره في جميع أنحاء الوطن العربي.
وصفة سحرية
«قلبي عشقها».. «يا حياتي»..«توأم روحي»..«مغرم يا ليل».. «علمتيني»..«فرق كبير».. وكثير من الأغاني التي ارتبط في وجدان محبي راغب علامة، ولا تزال محفورة في أذهانهم حتى الآن.. وحول سر النجاح الذي يفوق التوقعات بين كل عمل وآخر يقدمه وكان من آخرها أغنية «اللي باعنا» التي حصدت ملايين المشاهدات عبر «يوتيوب»، قال راغب: وصفتي السحرية تكمن في رأي الجمهور، فأنا لا أنفذ عملاً إلا بالتشاور مع الكبير والصغير، العنصر الرجالي والنسائي، من الأقارب والأصدقاء، وعندما تجتمع الآراء على حب كلمات الأغنية وألحانها، أباشر فوراً في تسجيلها وتصويرها على طريقة الفيديو كليب حتى تنال النجاح والتفاعل المطلوب، هذا إلى جانب أنني اعتبر كل أغنية من أغنياتي مثل المولود الصغير، أهتم بها وأعمل على اختيار كلماتها وألحانها بدقة وتأني، وحب في طريقة الأداء والإحساس، ولا أبخل من وقتي وجهدي وإنفاقي حتى أقدم عملاً غنائياً يليق بجمهوري الحبيب.
تطور وانفتاح
وعن رأيه في وضع الأغنية العربية الحالي بشكل عام، أوضح راغب أن الغناء ليس كما في السابق، فبحكم التطور والانفتاح التكنولوجي الذي نعيش فيه، كان من المتوقع رؤية هذا الكم الهائل من نوعيات الأغنيات سواء الجيدة أو الهابطة، وقال: مع وجود «السوشيال ميديا» و«يوتيوب» لم يعد هناك رقابة على ما يقدم من أغنيات، على عكس جيلنا السابق، فوقتها كانت لا تذاع أي أغنية إلا بموافقة لجنة متخصصة، وهذا اللجنة تعطي الموافقات على الأغنيات التي تبث على الإذاعات أو تعرض على الشاشات، ولكن حالياً انفتحت الحدود، وعلى الجمهور الذي أصبح واعياً الاختيار بين الأغنيات الطربية والشعبية و«الميكس» بين العربي والإنجليزي، وما يلبي احتياجاتهم وأذواقهم، كما أنه من الواجب علينا كفنانين أن نرتقي بهذا الذوق، ونسعى لتقديم الكلمة الجميلة واللحن المميز، لأن كل فنان منا مسؤول عما يقدمه.
ملك الرومانسية
وكشف راغب عن أنه بصدد تسجيل أغنيات ألبومه الجديد الذي من المتوقع أن يصدره في 2021، وقال: لقد انتهيت من تسجيل بعض الأغاني من ألبومي الجديد، لكنني أعمل حالياً على مراقبة الوضع الراهن حتى يتخذ قراره بكيفية طرح الأغنيات التي انتهى من تسجيلها حيث ينتظر استقرار الأوضاع بعد انتهاء أزمة فيروس «كورونا» خصوصاً أن هذه الأزمة منعته من الذهاب إلى الاستوديو لتسجيل أغنياته بشكل طبيعي، موضحاً أن الألبوم يحمل طابعاً جديداً من حيث الألحان والكلمات، ويتميز بالتنوع في طريقة الغناء واللهجات المختلفة، حيث يضم أغاني باللهجة الخليجية والمصرية واللبنانية، كما تعود الجمهور منه منذ سنوات، خصوصاً أن مساحة ونوعية صوته تؤهله لتأدية أغنيات بلهجات مختلفة، والتي نالت إعجاب واستحسان جمهوره منذ أن قدمها في بداياته وحتى الآن، كاشفاً عن اسم أغنية من أغنيات الألبوم بعنوان «أنا ملك الرومانسية».
أرقام مزيفة
ويرى علامة أن (السوشيال ميديا) و«يوتيوب» ليس الترمومتر الحقيقي لقياس نجاح الأغنية من عدمها، وقال: أتذكر في السابق أن الفنان كان يعلم إذا كان الألبوم أو الأغنية حققت نجاحاً من خلاله تفاعله المباشر مع الناس في الحفلات الفنية أو البرامج التلفزيونية، أما ومع الأرقام المزيفة وشراء المتابعين و«اللايكات» والأرقام الخيالية التي نراها في «السوشيال ميديا» و«يوتيوب»، فأصبحت النجومية زائفة، وهنا يجب ألا ألغي تماماً ما تحققه مواقع التوصل و«السوشيال ميديا» من انتشار ونجاح، ولكنها أحد المقاييس التي يجب أن تطبق مع مقاييس أخرى تكون أكثر واقعية لكي تضمن للفنان النجاح الحقيقي.
حالة فريدة
يعتبر علامة من أوائل الفنانين الذين خاضوا تجربة المشاركة كعضو لجنة تحكيم في برامج اكتشاف المواهب، وعن رأيه هذه النوعية من البرامج، خصوصاً أيضاً مع وجود «السوشيال ميديا» ومواقع التواصل التي أصبحت منافساً قوياً، قال: هذه البرامج أكثر واقعية من «السوشيال ميديا»؛ لأنها عبارة عن امتحان أمام الناس، إضافة إلى اكتسابهم الخبرات والمعرفة اللازمة من أعضاء لجنة التحكيم والمتخصصين الذين يتولون عملية تدريبهم على أعلى المستويات خلال فترة البرنامج، فهذه البرامج خلقت حالة فريدة، وأثرت الساحة الفنية بأصوات واعدة متميزة، ولكن يبقى العتب على من تخرجوا في هذه البرامج ولم يستمروا في تطوير أنفسهم والمضي قدماً في تحقيق الاستمرارية والنجاح.
«أنتو أملنا»
نفذ راغب أغنية «أنتو أملنا» للتوعية ضد فيروس «كورونا»، وهي من كلمات الشاعر نزار فرنسيس وألحان جان مارى رياش، وإخراج سامى صعب، وأكد أن الفن والغناء سلاح قوي لدعم الشعوب وقت الأزمات، وقال: يجب أن يطوع الفنان إبداعاته في خدمة المجتمع والإنسانية، لذا فهو من أوائل الفنانين الذي يحرص بشكل دائم أن يدافع عن القضايا العربية ومناصر للإنسان العربي المظلوم، ويؤمن بأن الفن يُصلح ما تفسده السياسة، وهو ما جعله يُكرس جزءاً كبيراً من وقته له، من خلال مهامه كسفير للنوايا الحسنة.
أزمات وصعاب
حول تعامله مع الأزمات والصعاب، خصوصاً مع فترة تداعيات «كورونا» الذي يعانيه العالم، قال راغب: باعتباري سفيراً للنوايا الحسنة في برنامج الأمم المتحدة للبيئة وسفير المنظمة الدولية لمكافحة الجوع وهدر المواد الغذائية، فلقد اكتسبت خبرة التعامل مع الأزمات سواء كان شخصية أو طبيعية أو مجتمعية، فمنذ سبع سنوات هي فترة انضمامي لبرنامج الأمم المتحدة، قدمنا العديد من المبادرات وأقمنا الكثير من المؤتمرات.
