تامر عبد الحميد (أبوظبي)
يسعى صناع الدراما السعودية للخروج من الإطار الدرامي التقليدي، عبر الخوض في مسارات أخرى مختلفة لم يتم التطرق إليها من قبل، وخلال السنوات القليلة الماضية كان هناك العديد من المحاولات والتجارب الجادة والواعدة التي ظهرت تباعاً، خصوصاً بعدما توجهت الدراما السعودية إلى المنصات الرقمية من خلال مسلسلي «الميراث» و«وساوس» الذي يعتبر أول مسلسل سعودي يعرض على منصة «نتفليكس»، واللذين حققا انتشاراً عربياً وعالمياً.
كما حققت الدراما السعودية انتشاراً كبيراً مع ظهور الفضائيات السعودية، خاصة في بداية التسعينيات، حيث تم إنتاج العديد من الأعمال الدرامية الاجتماعية والكوميدية وكذلك التاريخية، التي نالت صدى واسعاً في السنوات الأخيرة، أبرزها «أسوار» و«أبو الملايين»، و«حصاد الزمن»، و«حارة الشيخ»، و«المجهولة»، و«السلطانة»، و«لعبة الشيطان»، و«لعبة المرأة رجل»، و«هوامير الصحراء»، بالإضافة إلى المسلسل الاجتماعي الكوميدي «سيلفي» الذي لعب بطولته ناصر القصبي وقدم 3 أجزاء منه حتى الآن، محققاً نجاحاً منقطع النظير، وظلت الدراما السعودية تسابق الزمن بتطلعاتها المستقبلية، بناء على القرارات التي تدعو لإثراء المحتوى الفني ضمن خطة «المملكة 2030».
نقلة نوعية
كانت النقلة النوعية للدراما السعودية والتي فتحت الباب لظهور نخبة كبيرة من النجوم السعوديين، هو المسلسل الكوميدي «طاش ما طاش» الذي بدأ عرضه عام 1993، ويعتبر من أنجح الأعمال التلفزيونية في السعودية والعالم العربي، وطلبت مكتبة الكونجرس الأميركية بعض أجزاء العمل لوضعه في أرشيف المكتبة، والذي استمر 20 عاماً حتى عام 2010 بعدد حلقات 540 على مدار 18 موسماً، ومن بعدها توالى إنتاج الأعمال السعودية التي حققت نجاحاً كبيراً، وكان أبرزها الذي عرض في السنوات الخمس الأخيرة، وكان أغلبها ثمار تعاون بين الإمارات والسعودية من ناحيتي الإنتاج والتصوير، حيث تعاون كل من «twofour54» و«إيمج نيشن» في أبوظبي، على تنفيذ بعض الأعمال الدرامية السعودية والتي نالت صدى كبيراً، من أبرزها مسلسلات «حارة الشيخ» و«العاصوف» و«بنات الملاكمة» و«الميراث»، وشهدت الدراما السعودية في المواسم الرمضانية الأخيرة تنفيذ أعمال نالت صدى كبيراً، منها «دون» الذي اعتمد بشكل كبير على جانب الحركة والألغاز البوليسية، و«عندما يكتمل القمر» الذي مزج بين الواقع والخيال والرعب، و«دون فلتر» الذي يمثل عودة قوية للفنان عبدالله السدحان، عبر حلقاته المنفصلة والقصص المتنوعة التي ألقت الضوء على العديد من القضايا الاجتماعية داخل المجتمع السعودي، و«يلا نسوق» الذي يدور في إطار كوميدي حول مجموعة من الفتيات اللاتي قررن افتتاح مركز لتعليم قيادة السيارات للسيدات.
تطور وانفتاح
حاكى مسلسل «حارة الشيخ» الذي عرض عام 2016، واقع مدينة جدة السعودية في أواخر القرن الـ19، وكتبه بندر باجبع وأخرجه المثنى صبح، وشارك فيه أكثر من 60 ممثلاً من أبرز نجوم الدراما السعودية والخليجية، منهم محمد بخش وجميل علي وعبد المحسن النمر ويوسف الجراح وخالد الحربي، وعن التطور الدرامي الذي شهدته السعودية، أكد الفنان والمخرج والمنتج السعودي محمد بخش، أن الأعمال الدرامية السعودية التي تحاكي المجتمع السعودي اختفت لفترة طويلة، إلى أن عادت أكثر قوة في السنوات الأخيرة، بحكم التطور الذي تشهده السعودية، والتعاون المتميز بين السعودية والإمارات لإنتاج وإظهار أعمال فنية متميزة إلى النور، موجهاً شكره لكل twofour54 وشركة O3 للإنتاج والتوزيع الدرامي والسينمائي، اللذين تعاونا على إنتاج «حارة الشيخ»، موضحاً أن القرارات والنهج والسياسة التي تتبعها السعودية نحو التطور والانفتاح على كافة الصعد، سيجعلها تشهد طفرة في المجالات الفنية والتكنولوجية، وهذا ما بدا واضحاً في الفترة الأخيرة.
مواكبة العصر
الفنان عبد المحسن النمر الذي يلعب بطولة المسلسل السعودي الجديد «وساوس»، أوضح أن الدراما السعودية تشهد تطوراً كبيراً بحكم صناعها الذين نفذوا في السنوات الأخيرة عدداً من الأعمال المتميزة والتي نالت صدى خليجياً وعربياً كبيراً، خصوصاً تلك الأعمال التي نفذت بأعلى مستويات فنية من ناحية الإنتاج والإخراج والتصوير والتقنيات وكذلك المضمون، والتي أهلتها لأن تحتل مراكز متقدمة في المنصات الرقمية، وتخرج من نطاق المحلية إلى العربية والعالمية، بعد أن توجه صناعها إلى مواكبة تطورات العصر في عالم الدراما.
نقطة تحول
أكدت الفنانة ليلى السلمان أن السعودية تمر بلحظة تاريخية ونقطة تحول هائلة، تشهدها على كافة الصعد والمجالات، منها إنتاج المحتوى والصناعات الثقافية والإبداعية، التي تشمل المحتوى التلفزيوني والرقمي والسينمائي، خصوصاً بعد افتتاح صالات العرض السينمائي، متوقعة أن الحركة الدرامية في المملكة ستشهد تطوراً كبيراً في الفترة المقبلة، خصوصاً بعد إنتاج بعض الأعمال في الفترة الماضية التي حققت رواجاً كبيراً مثل «العاصوف» وغيرها من الأعمال الأخرى، وهو ما يعد إنجازاً حقيقياً على أرض الواقع.
أيادٍ سعودية
أما الفنانة مروة محمد التي شاركت منذ فترة في مسلسل إماراتي سعودي بعنوان «قلوب بيضاء»، وعُرض شاشة «أبوظبي»، فتوضح أن المملكة العربية السعودية شهدت في الآونة الأخيرة تطوراً ملحوظاً في منظومة الثقافة الفنية، من خلال مجموعة من القرارات غير المسبوقة، التي ساهمت بشكل مباشر في أن يستمتع الفنانون بتقديم أعمالهم الموسيقية والمسرحية والدرامية والتلفزيونية على نطاق واسع، مشيدة بالأعمال الدرامية التلفزيونية التي أُنتجت في الفترة الماضية، وكانت على أعلى مستوى من ناحية الإنتاج والتصوير، إلى جانب تنفيذها بأياد وفنانين سعوديين، وتصويرها في مناطق متفرقة في المملكة، وهذا يدل على أهمية الدراما السعودية وما وصلت إليه.
«وساوس»
«وساوس» أول عمل درامي تلفزيوني سعودي يعرض على منصة «نتفليكس»، ويتكون من ثماني حلقات، تدور حول عائلة تواجه شكوكاً تحيط بوفاة كبير العائلة «حسان» الذي يعود ماضيه الغامض إلى الظهور قبل أيام من الموعد المنتظر لإطلاق التطبيق الذكي الجديد لشركته، ليتم الكشف عن الحقائق بشكل مستمر، كما يقدم المسلسل حبكة درامية للأحداث التي تحمل في طياتها العديد من المشاكل الاجتماعية، مثل الخلافات الأسرية وصراع البقاء في عالم الأعمال، والتي يعتريها الغموض من كل جانب، ويلعب بطولته عبد المحسن النمر، وشيماء الفضل، وميسون الرويلي، وإلهام علي، وندى توحيد، ونورة العنبر، وعلي الشريف، وأسامة القس.
«الميراث».. أول «سوب أوبرا»
«الميراث» هو أحدث الأعمال الدرامية التلفزيونية السعودية، الذي يشارك في تنفيذه 3 مخرجين و5 كتاب، وهو أول عمل خليجي عربي سوب أوبرا يتكون من 250 حلقة، ويصور في أبوظبي مع اتخاذ الإجراءات الاحترازية والوقائية والتباعد الجسدي، وقد بدأ عرض أولى حلقاته قبل رمضان الماضي، ولا يزال يستمر عرضه بواقع أكثر من 80 حلقة حتى الآن، وهو ثمرة تعاون بين Twofour 54، وImage Nation Abu Dhabi، MBC STUDIOS، في مواكبة درامية لواقع الحياة في المملكة العربية السعودية بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمتغيّرات الحاصلة، من خلال صراع قديم ومتجذر بين أسرتين، تترك النار مشتعلة بصورة دائمة بين عائلتي «البهيتاني» و«الخطواني»، فلا يجد الصلح مكاناً بينهما ولا مكان للاتفاق، هذا قبل أن يتدخل الحب ويقول كلمته بين شاب وفتاة من العائلتين المتحاربتين، لتنقلب الأحداث رأساً على عقب.
يجمع «الميراث» في بطولته كوكبة من الممثلين، منهم هند محمد، وعبد العزيز السكيرين، وتركي الكريديس، ورانا الشافعي، وكابتن ريما، ونور حسين، وبندر الخضير، وريم العلي، وعبد الله القحطاني، وغازي حمد، ومحمد الحجي، ومريم الغامدي، وزارا البلوشي، وعهود السامر، ومهند بن هذيل، وعمران العمران، وتركي الشدادي، وسماح زيدان، وفيصل فريد، وحسن المطوع، وديمة الحايكو، ولاء عزام، ويضم ورشة من الكتاب، على رأسها العالمي توني جوردن، وتتولى صياغة القصص والبناء الدرامي نور شيشكلي، مع الكاتبين جيسكار لحود وثائر العقل، تحت إشراف مازن طه، ويحمل التنفيذ توقيع المخرجين، الإماراتي عبد الله الجنيبي والمصري تامر بسيوني واللبناني فؤاد سليمان.