محمد قناوي (القاهرة)
رحل الفنان الكبير محمود ياسين عن عمر يناهز 79 عاماً بعد صراع طويل مع المرض، حيث كان يعاني مرض الزهايمر، ويعتبر «ياسين» من أعظم المواهب الفنية التي أنجبتها مصر في الفن، حيث قدم ما يقرب من 250 عملاً كان عنوانها التميز والنجاح، حاجزاً لنفسه مكاناً بين جيل العمالقة الذين خصصوا مجهودهم وشغفهم لإثراء السينما العربية والمصرية.
حلم التمثيل
ولد محمود ياسين بمدينة بورسعيد 1942، حيث كان أبوه يعمل موظفاً في هيئة قناة السويس، وبعد انتهاء دراسته الثانوية رحل محمود ياسين للقاهرة ليلتحق بجامعة عين شمس، وتحديداً كلية الحقوق، وطوال سنوات دراسته كان حلم التمثيل بداخله وخصوصاً في المسرح القومي، وبعد تخرجه مباشرة تقدم لمسابقة في المسرح القومي وجاء ترتيبه الأول في ثلاث تصفيات متتالية، ليتم تعيينه بالمسرح القومي ليبدأ رحلته في البطولة من خلال مسرحية «الحلم»، بعدها بدأت رحلته الحقيقية على خشبة «المسرح القومي» والذي أصبح مديراً له، وقدم خلال مشواره الفني أكثر من 20 مسرحية أبرزها: «الخديوي، ليلة مصرع جيفارا، الزير سالم، وطني عكا، عودة الغائب، وا قدساه».
سحر السينما
أما عن علاقته بالسينما، ففي بداياته الأولى لم يكن يدرك أهمية هذا الفن الساحر ومدى تأثيره على المجتمع، ولم يكن حينئذٍ قد شاهد أعمال المخرجين الكبار ولهذا كان تردده في قبول العمل بها، حتى إنه بدأ مشواره السينمائي بأدوار صغيرة في أفلام «القضية 68، شيء من الخوف، حكاية من بلدنا»، حتى جاءته فرصة البطولة الأولى من خلال فيلم «نحن لا نزرع الشوك» أمام شادية، ثم توالت أعماله السينمائية ليصل رصيده لأكثر من 150 فيلماً حصد خلالها لقب «فتى الشاشة الأول».
وتميز محمود ياسين بحضوره الاستثنائي وصوته الرخيم، وأدائه السهل الممتنع، وقدم كل الأدوار المميزة من الوطنية والرومانسية والاجتماعية، وكوّن ياسين عدة ثنائيات سينمائية متميزة مع نجمات السينما المصرية أبرزهن القديرة فاتن حمامة، والجميلة نجلاء فتحي، والكبيرة شادية، حيث وقف أمامهن في أعمال سينمائية مميزة ما زال سحر أدائها موجوداً إلى الآن وكأنها تعرض للمرة الأولى، كما قدم أعمالاً متميزة مع نبيلة عبيد، نادية الجندي، ماجدة، وناهد شريف.
وقد حظي ياسين مع الجميلة نجلاء فتحي بعدد كبير من الأفلام أبرزها «اذكريني، رحلة النسيان، سونيا والمجنون، حب أحلى من حب، أنف وثلاث عيون، لا يا من كنت حبيبي، الشريدة، امرأة مقاتلة، مدافن مدفونة للإيجار»، وتنوعت أدوارهما سوياً بين الرومانسية والاجتماعية.
أيضاً قدم ياسين مع الكبيرة شادية «شيء من الخوف، ونحن لا نزرع الشوك»، ومع القديرة فاتن حمامة، «أفواه وأرانب» و«الخيط الرفيع، وحبيبتي»، وتميزت هذه الأفلام بتقديم رسائل اجتماعية هامة نجحت في تأثيرها الإيجابي على الجمهور.
وللفنان المصري الراحل العديد من الأعمال التلفزيونية، من أهمها «العصيان، جمال الدين الأفغاني، أبو حنيفة النعمان، سور مجرى العيون، سوق العصر، ماما في القسم».
جوائز وأوسمة
تُوج الفنان محمود ياسين بالكثير من الجوائز والأوسمة التي بلغت حوالي 50 جائزة من مختلف المهرجانات في مصر وخارجها، حيث حصل على جوائز التمثيل من مهرجانات طشقند 1980م، والسينما العربية في أميركا وكندا 1984م، وعنابة بالجزائر 1988م، بالإضافة إلى جائزة الدولة عن أفلامه الحربية 1975م، وجائزة الإنتاج من مهرجان الإسماعيلية 1980م.
وتم اختيار ياسين، رئيس تحكيم لجان مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون عام 1998م، ورئيس شرف المهرجان في العام نفسه، إلى جانب اختياره عام 2005م من قبل الأمم المتحدة سفيراً للنوايا الحسنة لمكافحة الفقر والجوع لنشاطاته الإنسانية المتنوعة.
فنانون ينعون.. «النجم الذهبي»
تحولت منصات التواصل الاجتماعي، عبر صفحات الفنانين والإعلاميين، بل والسياسيين أيضاً، إلى ساحة عزاء لنعي الفنان الكبير الراحل محمود ياسين، فقد نعت إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة المصرية وجميع الهيئات والقطاعات، الفنان الكبير الذي غيبه الموت بعد صراع طويل مع المرض، وقالت: إن ساحة الإبداع فقدت أحد رموزها ونجماً ذهبياً عبّر بصدق عن قضايا المجتمع في أعماله التي ستبقى علامات بارزة في تاريخ الأداء التمثيلي، وقدمت العزاء لأسرته وأصدقائه ومحبيه، داعية الله أن يتغمد الفقيد برحمته، وأن يلهم أسرته الصبر والسلوان.
كما نعى اللواء عادل الغضبان محافظ بورسعيد، ببالغ الحزن والأسى، الفنان الراحل ابن محافظة بورسعيد، وأعرب عن خالص تعازيه ومواساته لأسرة الراحل، داعياً المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
ونعى نقيب المهن التمثيلية المصرية أشرف زكي، الفنان القدير قائلاً: «وداعاً يا من علمتنا.. وداعاً يا من أسعدتنا.. وداعاً أيها الفارس».
وكانت الفنانة شهيرة زوجة الفنان الراحل، أول من نعت زوجها بكلمات قصيرة، قائلة: «لقد رحل حبيب العمر خلاص».
كما نعى الفنان محمد صبحي، الفنان الراحل، قائلاً: بكل الأسى والحزن أنعي صديقي الحبيب وزميل الكفاح محمود ياسين، الذي رحل بعد رحلة مشرفة في الفن والثقافة، وأدعو الله له بالرحمة والمغفرة.
وحرصت النجمة نادية الجندي على نعي الفنان محمود ياسين، وقالت: «فقدت مصر والعالم العربي قيمة وقامة كبيرة.. بعزي نفسي والفن المصري والعربي.. فهو فنان لا يعوض ولن يتكرر، وكان نموذجاً للفنان الراقي الخلوق المحترم».
أما الفنانة هالة صدقي، فقالت: «وأنا طفلة كان حلم حياتي أن أراه على الحقيقة، ولما جاءت الفرصة للتصوير معه في مسلسل (الأفيال) لم أصدق أني أقف أمامه.. الله يرحمه».
وقال الفنان خالد النبوي «يوم حزين، وداعاً للحبيب النجم الكبير والممثل العظيم»، وأضاف: «وقفت بجانبي وعلمتني أمام الكاميرا وخلفها.. هتوحشنا جداً.. محمود ياسين الأستاذ والأب الله يرحمك».
كما نعته الفنانة سهير رمزي وخالد الصاوي وأحمد حلمي وفيفي عبده ومحمد فؤاد وفتحي عبد الوهاب ومحمد هنيدي وسعد الصغير، عبر حسابتهم على موقع «إنستغرام». أما الفنانة نجلاء بدر، فنشرت صورة للراحل عبر حسابها على موقع «إنستغرام»، وعلقت قائلة: «وداعاً يا سيد الفن، وداعاً يا نبض الروايات، وداعاً يا حب القلوب.. إنا لله وإنا إليه راجعون». أما الإعلامي عمرو الليثي، فقال: فقدنا قامة فنية وإنسانية عظيمة، الراحل أثرى الساحة الفنية بأعمال ستظل باقية وخالدة في وجدان وذاكرة المصريين، وقدم أهم الأعمال الدينية والتاريخية والوطنية، فقد كان خير سفير للسينما والدراما المصرية.
وكتبت الفنانة درّة، عبر حسابها على موقع «إنستغرام»، أيضاً: «الله يرحم الفنان الكبير صاحب التاريخ العظيم والصوت الرخيم والحضور المميز والخلق الرفيع الأستاذ محمود ياسين، خالص التعازي للفنانة شهيرة وصديقي وأخويا عمرو وأختي رانيا محمود ياسين».
ونعاه أيضاً الفنان اللبناني راغب علامة، وقال عبر حسابه على «تويتر»: «بعد مَسيرةٍ طويلةٍ من النّجاح والإبداع، الزمن الجميل يَفقدُ أحد أهمّ نجومه الفنّان القدير محمود ياسين، التعازي الحارّة للعائلة ولجميع محبّي الراحل الكبير، وللوسط الفنّي العربي وللشعب المصري الحبيب، سائلًا المولى أن يُسكنه فسيح جناته».
ونعته الفنانة اللبنانية كارول سماحة، قائلة: «رحيل أسطورة من أساطير السينما العربية التي تذكرنا بالزمن الجميل وبالعصر الذهبي للفن.. محمود ياسين شكراً لعطائك ولإخلاصك لفنك ولجمهورك».
ونعى برنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، الفنان محمود ياسين، عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل «تويتر»، وقال: ينعى برنامج الأغذية العالمي ببالغ الحزن والأسى الفنان القدير محمود ياسين، سفير برنامج الأغذية العالمي للنوايا الحسنة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لأكثر من عقد من الزمان، رحم الله الفقيد أحد المناصرين لعمل البرنامج في جميع أنحاء العالم.
ونعى مهرجان بورسعيد لسينما العالم القديم، الفنان الكبير، أحد أهم نجوم السينما المصرية، وأكثرهم عطاءً على مدار رحلته الفنية الزاخرة بالأعمال المتنوعة، والتي وضعته في صدارة نجوم النصف الثاني من القرن العشرين، وامتدت نجوميته على مدار نصف قرن من العطاء الفني في مختلف روافد الفن المصري.وأكد المخرج إسماعيل مراد، رئيس المهرجان أن الراحل الكبير كان من أكثر الفنانين وعياً وثقافة، ودعماً للأجيال الجديدة من المخرجين والكتاب عبر مسيرته.