علي عبد الرحمن (القاهرة)
91 عاماً، مرت على ميلاد «العندليب الأسمر»، الفنان المصري الراحل عبد الحليم حافظ الذي يُعد من أشهر مطربي القرن العشرين بالوطن العربي، حيث تحتفي الأوساط الفنية هذه الأيام بذكرى ميلاده في 21 يونيو 1929 بقرية الحلوات بمحافظة الشرقية.
والتحق حليم في عام 1943 بالدراسة في قسم التلحين بمعهد الموسيقى العربية، وعمل بعد التخرج معلماً للموسيقى لمدة 4 سنوات، ثم ترك التدريس والتحق بفرقة اﻹذاعة الموسيقية، وأُجيز بعدها للغناء في اﻹذاعة عام 1951.
وقدم الفنان الكبير، خلال مسيرته على مدار 23 عاماً، سجلاً فنياً متنوعاً، قدم خلاله 233 أغنية متنوعة بين العاطفية والرومانسية، والابتهالات الدينية.
وعبر عن هموم وطنه من خلال 16 أغنية وطنية، كما قدم 23 فيلماً سينمائياً، منها 3 أفلام قدم فيها أغاني فقط هي «بائعة الخبز- بعد الوداع - فجر»، وتضم مسيرته عملاً إذاعياً واحداً «أرجوك لا تفهمني بسرعة»، عام 1974 الذي يعد آخر أعماله، إلى أن تمكن منه المرض ووافته المنية في 30 مارس 1977.
عطاء إنساني
ويذكر الموسيقار هاني مهنى أن الراحل كان ذا عطاء إنساني كبير مع جمهوره، ففي إحدى حفلات نادي الترسانة الرياضي حاولت طفلة 11 عاماً مقابلة عبدالحليم وطلبت منه حضور حفل عيد ميلادها، فتفاعل معها والتقط معها صورة تذكارية، وقال: فوجئت باتصال هاتفي من عبد الحليم يذكرني بموعد عيد ميلاد الطفلة وبالفعل ذهبنا واحتفلنا معها وقدم لها باقة ورد وغنى مجموعة من أغانيه، وكان دائماً يقول «رصيدي في الحياة جمهوري الذي آمن بي وأحبني، وهذا أقل ما أقدمه له».
جبار
عندما استشار عبد الحليم حافظ أصدقاءه، الكاتب الصحفي وجدي الحكيم، والشاعرين عبد الوهاب محمد ومأمون الشناوي، والملحن كمال الطويل عن رأيهم في أغنية «جبار»، كلمات حسين السيد، وألحان محمد الموجي، اعترض الرباعي على الأغنية؛ لأنها لا تناسب جمهور العندليب الأسمر، وكانت وجهة نظرهم أن الأغنية جرعة فنية دسمة ومن الصعب على الجمهور حفظها بسهولة، ولن تأخذ صدى نجاح أغانيه الأخرى، لكنه سجلها بعد 4 أيام من تلك الجلسة.
وكانت الأغنية ضمن أغاني فيلم «معبودة الجماهير»، مع الراحلة شادية الذي عرض عام 1967، وحقق نجاحاً كبيراً والأغنية أيضاً، واعترف عمالقة الفن في تلك الفترة بأن لعبد الحليم رؤية فنية خاصة.
مؤسسة فنية
وقال مهنى لـ«الاتحاد»، إن العندليب كان مؤسسة فنية متكاملة، من حيث ذكائه في تناول أعماله، وإرضائه لأذواق جمهوره، وذا نظرة بعيدة ويسعى إلى الأفضل، موضحاً أن مسيرته في البدايات تختلف عن النهايات، ومارس كل أنواع الطرب الغنائي من الرومانسي والعاطفي والديني والوطني، والتنوع الموسيقي لديه من الصعب تكراره، وأضاف الرومانسية إلى السينما من خلال أفلامه، وأذاب التباين الطبقي بالمجتمع في تلك الفترة.
ونفى الموسيقار مهنى شائعة بشأن عمل فني يجمع أم كلثوم مع عبد الحليم، موضحاً أنه من الصعب الجمع بين قامتين، وبالرغم من نجومية عبد الحليم، إلا أن كوكب الشرق لها طريقتها الخاصة في الأداء والطرب.
نوع خاص
وقال الموسيقار حلمي بكر لـ«الاتحاد»، إن العندليب كان فناناً من نوع خاص، واستطاع من خلال إيمانه بموهبته أن يصبح أيقونة فنية بالوطن العربي، مشيراً إلى أنه كان يمتلك القدر الكافي من الوعي والفهم، بالإضافة إلى الذكاء الاجتماعي للمحطين به، وهو أول من أسس مدرسة الإحساس التعبيري.