هزاع أبوالريش (أبوظبي)
تلعب المكتبات المدرسية والجامعية دوراً كبيراً مهماً وملهماً في صياغة المشهد المعرفي، وتنمية الثقافة والوعي المعرفي لدى الطالب، وباعتبارها منصات معرفية فهي تساعد في اكتساب مهارات جديدة، وإمكانات تؤهل الطلاب للارتقاء بفكرهم وسلوكهم وحضورهم الإبداعي.
وفي هذا السياق، يقول الكاتب الدكتور سيف راشد الجابري، رئيس اتحاد الأكاديميين والعلماء العرب: «لا شك أن المكتبات هي عنوان العلم الأخضر المستدام لأنها تحتوي على الكتب الثمينة والقيمة التي تثري الإنسان وتجعل فكره قادراً على التمييز والإنتاجية بشكلٍ أفضل. وأن المكتبة هي أفضل نافذة من نوافذ المعرفة، ولا تستطيع إيجاد الفائدة إلا من خلال رفوف المكتبات، خاصة التي توفرها المؤسسات التعليمية مثل المدارس والجامعات لأنها تختار ما يتوافر فيها بعناية فائقة، بما يصقل معارف الطلبة، كونها تنمي العقل وتجعله أكثر قدرة على التحليل والإبداع، وهو ما يساهم في جعل الطالب شخصاً إيجابياً متفائلاً يدرك قيمة الحياة ويثمن دور العلم وما يبنيه من ثروة حقيقية للإنسان لأن يكون فرداً صالحاً ومتوازناً». ويضيف: المكتبات على مختلف العصور والحضارات هي مقياس التقدم والنجاح المستدام، لذلك لا بد إعادة العمل على تعويد الطلاب على دخول المكتبات وتحصيل العلم منها.
مساهمة فاعلة
من جانبه يقول الكاتب الدكتور عبدالله العوضي: «القراءة هي فعل مكتسب موروث من المحيط، لذلك لا بد الانطلاق من المؤسسات التعليمية، حيث يقول الكاتب الروماني شيشرون «بيت بلا كتب جسد بلا روح»، لذلك يجب على المعنيين والمسؤولين عن التربية وضع مكتبة في كل زاوية ومكان؛ فهي تسهم مساهمة فاعلة في جذب الجيل الجديد نحو الكتاب، والقراءة».
ويشير الدكتور عبدالله العوضي إلى أن إحصاءات القراءة في الوطن العربي مقلقة جداً، ووفقاً لتقرير اليونسكو فإنّ أعلى نسبة أمية في العالم تتواجد في الوطن العربي، والقراءة هي من آخر الاهتمامات، فهناك 60 مليون أمّي عربي و9 ملايين طفل خارج المدرسة، ويشير التقرير إلى أنّ الطفل العربي يقرأ 7 دقائق سنوياً، بينما الطفل الأميركي يقرأ 6 دقائق يومياً.
وأضاف د. العوضي أن تقريراً للأمم المتحدة حول عادات القراءة في العالم، جاءت نتائجه غير مرضية فيما يتعلق بالبلدان العربية، فمعدل ما يقرأه الفرد في أرجاء العالم العربي سنوياً هو ربع صفحة فقط، وأظهر تقرير آخر أصدرته مؤسسة الفكر العربي أنّ متوسط قراءة الفرد الأوروبي يبلغ نحو 200 ساعة سنوياً، بينما لا يتعدى المتوسط العربي 6 دقائق. وحسب إحصاءات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألسكو» فإنّ العالم العربي يصدر كتابين مقابل كل 100 كتاب يصدر في دول أوروبا الغربية.
ويختتم د. العوضي بقوله: المكتبات لا ينبغي أن تكون رفوفاً جامدة، وكلمة «اقرأ» التي نزلت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، هي التي أضاءت ظلمات القرون الماضية، فهي القادرة على تحديد بوصلة مستقبلنا أمام جميع الأمم.
دور مهم
وتقول الكاتبة الدكتورة فاطمة الدربي: «لا يختلف اثنان على أهمية غرس حب القراءة في نفوس الطلاب وتربيتهم على حبها حتى تصبح عادة يمارسونها ويستمتعون بها، حيث أثبتت البحوث العلمية أن هناك ترابطاً مرتفعاً بين القدرة على القراءة والتقدم الدراسي، حيث تمثل صناعة الموهبة وصقلها وتعزيزها إحدى الضروريات في الحياة، وللمؤسسات التعليمية دور مهم في اكتشاف مواهب الطلاب وتنميتها في مختلف المراحل العمرية، فالموهبة هي إحدى المفردات التربوية والتعليمية التي ارتبطت بالطلاب ذوي القدرات الخاصة، وهم طلاب يختلفون بطبيعة الحال عن أقرانهم، ويتميزون بالعديد من الإمكانات والقدرات التي تؤهلهم للارتقاء بمستوياتهم والتميز في جميع الجوانب التعليمية والثقافية، والطلاب الموهوبون لديهم استعداد فطري وقدرات غير عادية أو أداء متميز عن بقية أقرانهم في مجال أو أكثر من مجالات التفوق العقلي والتفكير الابتكاري أو الإبداعي، وغيرها من المهارات العقلية أو الشخصية والقدرات الخاصة، ويحتاجون إلى رعاية تعليمية خاصة لا تتوافر لهم بشكل متكامل في البرامج العادية».
وتضيف: «نظراً لذلك يحتاج الطلاب الصغار والكبار من الموهوبين إلى برامج خاصة مختلفة عن تلك التي تقدم في البيئة المدرسية لدعم موهبتهم وصقل مهاراتهم وتنميتها، وهنا يكمن دور المكتبة كجزء أساسي في دعم العملية التعليمية للموهوبين. لذلك تلعب المكتبات دوراً حيوياً في تعزيز المعرفة والإبداع، لذا لا بد من تقديم برامج وموارد للصغار والكبار والأسر لتحسين مهارات معرفة القراءة والكتابة وتشجيع التعلم مدى الحياة. فالمكتبات لها مكانة في تنمية روح الشخص نحو القراءة».