هزاع أبوالريش (أبوظبي)
تظل الإمارات، بتراثها العريق وتقاليدها الأصيلة، مصدر إلهام دائم للفنانين التشكيليين من أبناء الوطن والمقيمين العرب والأجانب، فالبيئة المحلية بتفاصيلها الغنية تقدم للفنان رؤية فنية متميزة، حيث تتجلى البساطة والعفوية في أعمالهم، لتعكس روح المكان وجمالياته بأسلوب فني معبر.
ذاكرة حية
تقول الفنانة التشكيلية سلمى المري: «إن الإمارات ليست مجرد وطن، بل هي ذاكرة حية تنبض بالإبداع، حيث تتجسد في أعمالي تفاصيل الحياة اليومية التي تربيت عليها، مثل خطوات أمي نحو المخبز مع الفجر، وعبق القهوة والخبز الطازج، وحقول القمح والنخيل، والبحر بكنوزه وصياديه، والصحراء الممتدة التي تحتضن الشمس في الغروب. كل تلك التفاصيل تترسخ في وجداني، وتنعكس لا شعورياً على أعمالي الفنية، فهي ليست مجرد لوحات، بل مشاهد نابضة بالحياة تحمل في طياتها أصالة المكان وروحه».
التراث والحداثة
وترى الفنانة بدور آل علي، أن الإمارات تمثل مزيجاً فريداً بين التراث والحداثة، مما يجعلها بيئة خصبة للإبداع الفني، قائلة: «الفن التشكيلي في الإمارات هو انعكاس لهويتها، حيث تجتمع روح الأجداد وأحلام المستقبل في لوحة متكاملة، تعكس تفاعل الإنسان مع بيئته. فالفنان هنا لا يقتصر إلهامه على الصحراء أو البحر، بل يستوحي أفكاره من التعدد الثقافي والاندماج المجتمعي الذي يميز الإمارات، وهو ما يجعل أعمالنا الفنية تعبيراً صادقاً عن هذه الهوية المتجددة».
أما الفنانة آمنة الحمادي، فتؤكد أن الفن هو مرآة للثقافة والبيئة التي نشأ فيها الفنان، وتقول: «الإمارات لوحة فنية متكاملة تمتزج فيها الأصالة بالمعاصرة، وقد كانت بيئتي مصدر إلهام أساسي لي. أستوحي أعمالي من التراث الغني، ومن تفاصيل الحياة اليومية، مثل البيوت القديمة، والمجالس العربية المزخرفة، والحصون والقلاع التي تعكس دقة العمارة التقليدية». وأضافت: «حتى الملابس التقليدية بمجوهراتها الذهبية والفضية تشكل مصدر إلهام لي، فهي تحمل في طياتها روح الأصالة والتطور معاً، وأحرص دائماً على توظيف الألوان الدافئة والرموز التراثية للتعبير عن الهوية الإماراتية بأسلوب حديث يجمع بين الحداثة والجذور العريقة».
إلهام مستمر
تؤكد هذه الرؤى أن الإمارات ليست مجرد وطن، بل هي إلهام فني مستمر، يمنح المبدعين فرصة التعبير عن هويتها بأساليب متنوعة، ما يجعلها مساحة حية للإبداع الفني، حيث يلتقي الماضي بالحاضر في لوحات تنبض بالحياة والانتماء.