محمد عبدالسميع (الشارقة)
نظم النادي الثقافي العربي في الشارقة، أمس الأول، ندوة أدبية لمناقشة كتاب «التخطيط المسبق للرواية.. الكتابة الإبداعية وأنسنة النص» للكاتب اليمني وجدي الأهدل، وهو كتاب صادر عن دائرة الثقافة في إطار سلسلة «كتاب الرافد الإلكتروني» التي تتبنى الكتب ذات المداليل الثقافية والأدبية العميقة، وتحدث في الندوة الناقد إسلام أبو شكير، وعقب عليها د. عمر عبد العزيز رئيس مجلس الإدارة، وأدار الجلسة محمد ولد محمد سالم رئيس اللجنة الثقافية في النادي.
الاستعداد للكتابة
قال الناقد إسلام أبو شكير «إن الكتاب يستمد أهميته من الموضوع؛ لأنه يحيل إلى سؤال شاغل خاصة لدى الشباب والذين لديهم طموح لاقتحام عالم كتابة الرواية، يشغلهم موضوع الاستعداد للكتابة، ويتساءلون: كيف نكتب عملاً روائياً، والكتاب يقدم إجابات عامة حول هذا السؤال من خلال التركيز على عنصر مهم وهو المهارة، وهو عنصر مغيب كثيراً في عالم الكتابة لدى الشباب عموماً، في مقابل كلام كثير يُقال حول أن الموهبة والصنعة هي الأساس، وكذلك الاستعداد الفطري لدى الكاتب، وهذا الكلام نوع من الإيهام، لأن الموهبة أصلاً يصعب الإمساك بها، فكيف أحكم على الكاتب بأنه موهوب؟ أو غير ذلك.
مهارات ورؤى
أوضح أبو شكير أن «المؤلف يقدم في القسم الأول من الكتاب، وهو بعنوان «الكتابة الابداعية»، من خلال موقعه كصاحب تجربة في عالم الرواية، مجموعة من المهارات والرؤى والأفكار المتصلة بتجربته من جهة، وبقراءاته من جهة أخرى، مثل الحكاية والحوار والمكان والشخصية والفكرة والموضوع والزمان واللغة والإيقاع، وهذه كلها أشياء مهارية لا علاقة لها بالموهبة، ويمكن للكاتب اكتسابها بالتدريب والمعرفة والخبرة»، مشيراً إلى أن الكاتب أراد اختصار الطريق للكتّاب، وأن يقدم لهم خلاصة تجربته من خلال مهارات يمكن تطبيقها عملياً، بطريقة بها الكثير من المنهجية والوضوح والدقة بعيداً عن التهويمات أو العموميات.
أما القسم الثاني «أنسنة الكتابة الإبداعية»، فيطرح مجموعة من الأسئلة المتصلة بفعل الكتابة، مثل ما هو الأدب الإنساني؟، والغموض والتغذية الثقافية، مشيراً إلى أن الملاحظة الوحيدة عليه كانت خلوه من نماذج تطبيقية، أو أعمال أدبية يمكن أن يعود إليها القارئ للتأكد من سلامة الفكرة، فالكلام كان نظرياً مع إشارات بسيطة إلى تشيكوف وماركيز.
مفردة غير مطروقة
قال د. عمر عبد العزيز في تعقيبه «إن هذا الكتاب تناول مفردة ليست مطروقة في إطار المنتج الثقافي في العالم العربي، كما ينبغي، وفيما يوجد كتاب أجانب أصَّلوا لماهية الرواية والنص، وما إلى ذلك، كانت القراءات النقدية في العالم العربي تطبيقية على هذا النص أو ذاك، ولكن التعريف بماهية السرد والأخطاء الشائعة فيه والموازن النظمية ذات العلاقة بالحرفة والمهارة تحديداً ليست كثيرة في الأدبيات العربية».
وأضاف عبد العزيز أن «السردية فن من الفنون الأدبية الممزوجة، فالسرد يحمل طاقات لغوية ووصفية وتشخيصية وتجريدية لها علاقة بالماورائيات النصية، وقد تكون ذات طابع شاعري أو غنائي، لذلك نحن في السرد أمام تشابك كبير تتقاطع فيه كل الأنواع الكتابية، على أساس درامي وبناء هيكلي يتوخى الحكي، فيمسك الروائي بيدك من الصفحة الأولى ليصحبك في الرحلة دون ملل، وهي عملية بحاجة إلى موهبة ودراية ومعرفة».
حجر الزاوية
قال محمد ولد محمد سالم النقاش بالتعليق إن «السرد تقنية واحتراف وتخطيط مسبق، سواء أكان التخطيط ذهنياً أو ورقياً، فالكاتب يجمع المعلومات ويخطط المسارات العامة والخطوط العريضة للأحداث وطبائع الشخصيات، ثم يكتب، ومن واقع تجربتي أرى أن المهم هو امتلاك الحكاية، أو الرؤية المنبثقة من حدث أو شخصية أو ملمح من ملامح الحياة خبره أو قرأ عنه أو سمع به أو تخيله، هذه الرؤية هي حجر الزاوية، وهي الأساس الذي يبنى عليه.