هزاع أبوالريش (أبوظبي)
يشكل برنامج «المهن الإبداعية» طريقاً ذهبياً للموهوبين لتحقيق أحلامهم وتطلعاتهم وصقل قدراتهم، وتتجلى قيمته في تبني المواهب، واحتضان الإبداعات، ما يعكس التزاماً واضحاً برعاية الجيل القادم من المبدعين، وتمكينهم وربط المواهب الناشئة بالفرص المتاحة في الصناعات الثقافية والإبداعية سريعة النمو في الدولة. كما أعلنت مؤخراً مؤسسة فن جميل، الداعمة للقطاعات الإبداعية، عن استضافة النسخة الثالثة من «تجمع المهن الإبداعية» في مركز جميل للفنون في دبي، بدعم من وزارة الثقافة. ويُعد «تجمع المهن الإبداعية» الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، وقدم مجموعة متنوعة من البرامج والفعاليات، بما في ذلك ورش العمل والجلسات الحوارية، تحت شعار «الشكل .. الوظيفة».
ضم التجمع هذا العام أكثر من 35 مؤسسة وجامعة إماراتية، لاستكشاف مهن التصميم المتنوعة والقوالب التي تتداخل فيها الفنون مع مجالات مثل الهندسة المعمارية، والأزياء، والتصميم الداخلي، والرسم، وغيرها. ومثل هذه التجمعات المعنية بالمهن الإبداعية تبرز مدى عمق الفرص المتنوعة والمتغيرة والمتزايدة في القطاعات الإبداعية المختلفة، وتساهم في تقديم المساحة الكافية التي تعزز الاستكشاف والتمكين للطلاب والباحثين عن عمل على السواء.
وقال مبارك الناخي، وكيل وزارة الثقافة: نظمت وزارة الثقافة اللقاء الأول لبرنامج مبدعين للتوظيف، بالتعاون مع مجلس تنافسية الكوادر الإماراتية «نافس» في مركز عجمان الثقافي، حيث إن البرنامج هو بادرة أولى في سبيل تحقيق أهداف برنامج «مبدعين» الذي تعمل عليه الوزارة، والذي يهدف إلى تعزيز مهارات، ومؤهلات الإماراتيين في المجالات الإبداعية، والثقافية، والفنية. وتابع الناخي: تتطلع الوزارة إلى أن يسهم البرنامج في تطوير قوة عاملة ذات مهارات عالية قادرة على تلبية متطلبات العمل في القطاع الخاص. ويشارك في المعرض نحو 66 جهة محلية واتحادية وتعليمية، منها 20 شركة خاصة، و5 مناطق حرة، وعدد من شركات التوظيف، و22 جامعة وكلية، ويطرح حوالي 800 وظيفة، الهدف هو تقديم خيارات متنوعة للباحثين عن العمل من المبدعين الإماراتيين في المجالات الإبداعية التي يقدمها القطاع الخاص. مشيراً إلى أن الفعالية تتماشى مع رؤية القيادة التي تدعو للاستثمار في الكوادر الوطنية الشابة، وبناء اقتصاد معرفي متنوع يرفع من مكانة الإمارات مركزاً ثقافياً عالمياً رائداً، كما يعكس تنظيم هذه الفعالية اهتمام الوزارة بتعزيز منظومة ثقافية ديناميكية وشاملة في الدولة.
واختتم الناخي بقوله: تلعب الوزارة دوراً رئيسياً في تحقيق رؤية الدولة في تنويع الاقتصاد والتميز الثقافي، وسيكون أداة حيوية تساهم في تمكين الجيل الجديد من القادة المبدعين الذين سيشاركون في تعزيز مكانة الدولة كمنارة للثقافة والابتكار والفرص. وذلك نابع من حرص الوزارة على دعم وتمكين المواهب الشابة من الالتحاق بقطاع الصناعات الثقافية والإبداعية.
منصة داعمة
من جانبها، تقول الدكتورة منى السويدي، مستشارة برامج ومشاريع في الوزارة: اشتمل المعرض على عدد من ورش العمل التي استفاد منها عدد كبير من المبدعين وقدمها خبراء ومختصون ومستشارون في البرامج والمشاريع والتوظيف، والذين قدموا النصائح والإرشادات لحضور اللقاء حول أفضل سبل التوظيف في القطاع الخاص في المجالات الإبداعية. كما أن تواجد الوزارة في هذا الحدث يسهم في توفير منصة داعمة للشباب الموهوبين في مختلف المجالات الفنية، والثقافية، والإبداعية التي يمكن لها أن تؤثر في القطاع. موضحة: يوجد أثر كبير في تنمية المواهب، وتشجيع المبدعين على أن يكونوا عناصر فاعلة في قطاع الصناعات الإبداعية وما يوفره من مهن مستدامة. وأضافت، أن من مهام الوزارة وأهدافها الاستراتيجية، هو تسليط الضوء على أهمية قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية ودوره في رفد الاقتصاد الوطني بالكثير من الخيارات التي تسهم في الارتقاء والنهوض به، حيث يكمن الهدف الاستراتيجي لدولة الإمارات في أن يساهم قطاع الصناعات الإبداعية بنسبة 5% في الناتج المحلي بحلول 2030، وحققت 4.02 بالمائة وفق تقرير إحصائيات الاقتصاد الإبداعي لسنة 2021 وزادت صادرات السلع غير النفطية المعنية بالصناعات الإبداعية بنسبة 6.3 بالمائة.
كما قام قطاع الصناعات الإبداعية بتوفير حوالي 406 آلاف وظيفة، ويوجد أكثر من 38 ألف شركة متخصصة بالصناعات الإبداعية والثقافية. مبيّنة أن الوزارة تهتم بتقديم الدعم وتمكين المبدعين في رحلتهم الإبداعية من مرحلة التعليم إلى سوق العمل، وذلك من خلال تقديم خدمات التدريب والتوجيه والتوظيف، والإقامات الفنية والمنح. وذلك بما يلبي أهداف التنمية المستدامة، ويحقق مستهدفات مئوية الدولة، وفي نفس الوقت يعلي من القيم الإماراتية الأصيلة، ويحافظ على الهوية الوطنية المتميزة التي تتمتع بها الدولة.
قيمة مضافة
تقول فاطمة عدنان الشرهان، فنانة تشكيلية وكاتبة ومدرب ومحاضر معتمد، إن المهن الإبداعية تعلب دوراً كبيراً في المجتمع من خلال ما تقدمه للناس، فهي تجمع بين الفن والإلهام والتقنيات الحديثة لتساعدنا في التعبير عن ذواتنا وأفكارنا ومشاعرنا، أيضاً يمكن أن تلعب المهن الابداعية دوراً في دمج وعكس وإيصال الثقافات المتنوعة للآخرين، حيث تتنوع هذه المهن بين التصميم والإعلام والتسويق الإبداعي والفنون، وفي وقتنا الحالي من الممكن أن تكون التكنولوجيا أداة إبداعية كذلك، وأن ما يجمع بين هذه المهن السابق ذكرها أنها تخلق قيمة مضافة من خلال ما تقدمه من رؤى جديدة ومنظور مختلف للإبداع والابتكار. لافتة إلى أن المهن الإبداعية تثري الساحة الاجتماعية والثقافية، حيث إن ما تقدمه يتجاوز حدود المتعارف عليه والدارج بين الناس، ما قد يحمل قوة ناعمة لتغيير النظرة التقليدية العامة والمحدودة، ويوجه الأفراد نحو التفكير الإبداعي والناقد بطريقة بناءة، ويوسع آفاقهم الفكرية ويعزز من الحيوية والتنوع والتميز في المجتمع، أيضاً قد يمتد تأثير المهن الإبداعية لأثراء الساحة الاقتصادية كذلك، حيث إن القطاعات الفنية والثقافية تشهد توسعاً ملحوظاً في الفرص المهنية الجديدة، وذلك بفضل التحول الرقمي والتكنولوجي وازدهار الصناعات الإبداعية، ما يخلق فرصاً تجارية وعملية جديدة، وعند البحث في هذا الموضوع يتبين لنا أن الفرص الجديدة تعكس تحولاً ملحوظاً نحو دمج الفنون أيضاً مع التكنولوجيا بطريقة إبداعية مبتكرة، ما يتيح للمبدعين والمهنيين الإبداعيين المساهمة في تطور القطاعات بشكل أفضل.
وبالنسبة لبعض الأمثلة المهنية الجديدة في القطاعات الثقافية والفنية، قالت الشرهان: «تصميم المحتوى الرقمي، إدارة الفنون والإنتاج الفني والإبداعي، إدارة الفعاليات في القطاعات الثقافية والإبداعية، الاستشارات الفنية والثقافية، التصميم الذاتي المستقل (مثل التصميم الجرافيكي)، الإرشاد الفني والمعارض الافتراضية، الإرشاد السياحي الثقافي، الدورات الافتراضية والرقمية، تحليل البيانات الثقافية، ترميم وحفظ التراث الثقافي، فكل ذلك يصب في عمق المهن الجديدة التي تواكب الحراك الثقافي في القطاعات الحيوية، وتعتبر إضافة كبيرة ونقلة نوعية تثري المجتمع، وتلبي احتياجات الفكر الإنساني للارتقاء بمشهد الحياة».