التوقعات كلها تهشمت
الاستطلاعات كلها تبعثرت
التحليلات كلها تورطت
نحن في زمن ثقافي سقطت فيه العقول في كل مهاراتها
وتفوقت الشعبوية على العقلانية، هو زمن «السردية الحرجة»، والسردية الحرجة تشير إلى حال الثقافة البشرية بين الذكاء الاصطناعي بوصفه العقلانية الجديدة، والشعبوية بوصفها المانوية الجديدة، والوقوف على هوية المدينة الحديثة وثقافة صناعة الخوف عبر شاشات التواصل.
وهل فقدت الثقافة البشرية سردياتها الكبرى ودخلت في سردية حرجة..!!
لقد ظهرت الشعبوية السياسية في قلب الجمهوريات الديمقراطية، وكأن قروناً من العقلانية والفلسفة عجزت عن محاربة النسقية الثقافية والعنصريات والطبقيات، وعجز الفلسفة ليس جديداً فقد كشفه الغزالي وقال به، وتعرض له كانط بمثل ما طرح نظرية العقل العملي، ونحن نمر اليوم بثقافتين إحداهما تصنع العقل العملي «الذكاء الاصطناعي» بوصفه العقلانية الجديدة، والأخرى تمسخ العقلانية وتجعل اللاعقلانية نظرية سياسية وكأنها تستعيد النموذج الأفلاطوني في جمهوريته حيث العدالة للأقوى والحرية للأقوى، وتدخل البشرية مرة أخرى في مانوية جديدة تصنع حداً قسرياً بين ضدين في حين يصبح الوسط خطيئة، بل يختفي الوسط تحت سياط الاستقطاب في حرب متصلة بين العقلانية والشعبوية.
وفوز ترامب يمثل حالة الاستقطاب الأخطر عالمياً، فهو يرى أن نجاته من محاولة الاغتيال هي فعل إلهي لإبقائه حياً كي ينقذ البشرية، هو الرئيس المنتظر، وهذه جملة تجعل العقلانية تستقيل ليحل محلها الخيال الأسطوري.
#الإحالات لكتابي (السردية الحرجة.. العقلانية أم الشعبوية).
كاتب ومفكر سعودي
أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض