الجمعة 1 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

مانويل راباتيه لـ «الاتحاد الثقافي»: قصة التاريخ.. من «اللوفر - أبوظبي» إلى العالم

زائر يتأمل لوحات الفنان الهولندي فينسنت فان غوخ ضمن معرض «ما بعد الانطباعية.. رؤية أعمق» الذي افتتح مؤخراً في متحف اللوفر أبوظبي (تصوير: أشرف العمرة)
20 أكتوبر 2024 02:19

حوار: سعد عبد الراضي
هنا متحف يسرد قصتَين، أولاهما القصة الكبرى للحضارات الإنسانية عبر مقتنياته وبرامجه، والأخرى قصته الذاتية باعتباره شاهداً على التحولات المتواصلة في المنطقة الثقافية في السعديات، وعلى الحركة والحراك الدائمَين ثقافياً من حيث حجم الفعاليات، وعمرانياً بالسباق مع الزمن لاستكمال المنشآت والمتاحف التي سترسم لوحة واقعية زاهية وغير مسبوقة لإحدى أهم المناطق الثقافية في العالم، حيث تتسم المنطقة بتنوع مراكزها الثقافية ومتاحفها المتفردة، ومن بينها متحف اللوفر أبوظبي، أول متحف عالمي في العالم العربي يقدم أعمالاً فنية من مختلف ثقافات العالم، ومنذ افتتاحه في عام 2017، يواصل  تطوره عبر رؤية واستراتيجية تعكسان ما تمثله العاصمة أبوظبي من حضور وتأثير بالغَين في المشهد الفني والثقافي العالمي.
 وفي حديثه لـ«الاتحاد الثقافي»، يلقي مانويل راباتيه، مدير متحف اللوفر أبوظبي، الضوء على رسالة اللوفر أبوظبي ومقتنياته وأطر التعاون مع غيره من متاحف العالم، ودوره في تعزيز السياحة الثقافية.
بدايةً يقول مانويل راباتيه: «لسنا متحفاً جديداً، وفي الوقت نفسه ما زلنا في ريعان الشباب، ونتطور يوماً بعد يوم، فمنذ افتتاح المتحف قبل سبع سنوات، ونحن نملك الطاقة التي تدفعنا إلى الاستمرار في العمل، لأننا أول متحف من نوعه في العالم العربي، وننطلق من عاصمة الإمارات التي تقع في قلب العالم العربي، وفي الوقت الحاضر نواصل رحلتنا ونسرد ونروي قصة التاريخ، كما نواصل العمل من أجل مزيد من الاستعارات من المتاحف الأخرى، ونقوم بذلك أولاً من خلال عمليات الاستحواذ التي تتم بهدف إثراء مجموعة المقتنيات الفنية الدائمة للمتحف، كما يسعى المتحف أيضاً إلى إرساء أسس التعاون المشترك مع أبرز المؤسسات الدولية، وهذا من شأنه تيسير حصول اللوفر أبوظبي على العديد من الأعمال الفنية المتميزة على سبيل الإعارة. 
ومن خلال التعاون مع المعهد الوطني للأنثروبولوجيا والتاريخ في المكسيك مؤخراً، تمكَّن اللوفر أبوظبي من استعارة خمس قطع أثرية مميزة من المكسيك، ما يجسد عمق العلاقات التعاونية والتبادل الثقافي مع هذه المؤسسة العريقة». 

توسيع الاتفاقيات 
أشار مانويل إلى أن اللوفر أبوظبي تخطى مرحلة البدايات المتعلقة باتفاقيات التعاون مع المتاحف الفرنسية، إلى توسيع اتفاقيات ومجالات التعاون مع المتاحف الأخرى في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مثل المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان، وصولاً إلى تعاون إقليمي كما تم مع الأردن، إضافةً إلى مزيد من الانفتاح على جميع دول العالم كما حدث مع الفلبين، وكوريا، والمكسيك، وأفريقيا.
وأضاف، أن اللوفر أبوظبي يُعَدّ متحفاً دولياً عالمياً مرتبطاً بشبكة المتاحف العالمية، لذا خرجنا من نطاق الاتفاقية بيننا وبين فرنسا وتعاونَّا مع متاحف حكومية عالمية، وفي هذا السياق، جددنا اتفاقية الاستعارة مع الفلبين لعام آخر، وتتمثل هذه الاستعارات في أقنعة ذهبية تعود إلى حقبة ما قبل الاستعمار الإسباني للفلبين (سيفحصها القيِّمون)، وهذا إن دلَّ، فإنما يدل على قوة أبوظبي من حيث التفكير الاستراتيجي للإمارة، وما خطة دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي إلا جزء من هذه الاستراتيجية.
هنا حياة
أكد راباتيه أن اللوفر أبوظبي، متحف مفعم بالحياة، وقال: «يقدم المتحف فعاليات مخصصة للأطفال، من بينها معارض فنية وأنشطة تفاعلية تستخدم فيها القصص الرقمية، كما يوفر تجربة ثرية ومتكاملة تشمل الموسيقى والمهرجانات بالإضافة إلى خيارات متنوعة من الأطعمة والمشروبات، فكل ركن فيه ينبض بالحياة، وأشار إلى أن المتحف يضم معروضات دائمة وأخرى مؤقتة، والمعروضات الدائمة ليس معناها أنها معروضة باستمرار، ولكنها تتجدد مرتَين أو ثلاثاً في السنة، سواء من خلال المقتنيات التي اشتريناها وعرضناها، أو من خلال التعاون مع المتاحف والشركاء من آن إلى آخر لإعارتنا مقتنيات جديدة».
وأضاف راباتيه: المعارض غير الدائمة تأتي بالتعاون مع الشركاء الفرنسيين، وتمت إقامة أحدث معارض المتحف بالتعاون مع المكتبة الوطنية الفرنسية، وجاءت استضافة المعرض تحت عنوان «من كليلة ودمنة إلى لافونتين: جولة بين الحكايات والحِكَم»، واستمر لمدة أربعة أشهر، وانتهى في شهر يوليو الماضي، وعرض مقتنيات من المكتبة الوطنية الفرنسية، كما كان هناك تعاون مع مُلَّاك آخرين، مثل معالي الأديب محمد المر الذي أعارنا مجموعة من المقتنيات الفنية وتم عرضها في المعرض نفسه.
المنطقة الثقافية
حول المنطقة الثقافية في السعديات، أشار مانويل إلى أنها بدأت باللوفر أبوظبي، ثم توسعت بمتحفَي زايد الوطني - حيث قصة تاريخ الدولة - وجونجهايم - حيث الفن المعاصر- ثم متحف التاريخ الطبيعي. وأكد أن الثقافة أحد المكونات الأساسية للاقتصاد والمعرفة والإبداع والابتكار، وأن اللوفر أبوظبي في هذه المنطقة ليس مجرد متحف، بل هو مكان للابتكار والثقافة والسياحة، وقال إن منطقة السعديات ستكون أداة لتغيير قواعد اللعبة في المنطقة والعالم، حيث تجتمع كل هذه المعالم الكبرى في مكان واحد، مشتملةً على كل مكونات أساسية في مجال التاريخ والتراث والمعرفة والثقافة، وسينعكس بالطبع كل هذا داخلياً على تطوير المدينة، وتوفير وظائف، وتعليم وتوعية المجتمع، وصنع أثر إيجابي على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.
وفي هذا السياق، أكد راباتيه أن اللوفر أبوظبي،  جزء رئيس في هذه المنطقة، وساهم ويساهم في تعزيز قطاع السياحة، حيث زاره 5.5 مليون زائر، وهو رقم مهم وإنجاز كبير، وفي العام الماضي فقط زاره 1.2 مليون زائر، مشيراً أن هذا العدد يضعه في مصاف المتاحف الرائدة في العالم، وأن يكون اللوفر في أبوظبي وأن تكون جذوره متأصلة في المنطقة ليروي قصة العالم من الإمارات، هو أمر مهم للغاية، حيث يحكي تاريخ العالم وثقافاته منطلقاً من الجذور الإماراتية، وكل ما فيه يرتبط بالهوية، فكل زائر من أي بلد سيجد شيئاً يخصه، ويربط بينه وبين العالم، في الثقافة أو الدين أو أي شيء، والجزء الهام هو سرد هذه القصص التاريخية تحت قبة واحدة. 
وعن المقتنيات الجديدة في المتحف، أشار مانويل راباتيه إلى التمثال الضخم لإيزيس الذي يمثل الحضارة المصرية، والمستعار من متحف اللوفر في باريس، بالإضافة إلى بعض الأعمال الفنية التي من خلالها، يمكن أن يتعلم الزائر كيفية قراءة اللوحات، فكل لوحة منها تحكي قصة، ومن بين هذه الأعمال ما يتعلق بالإسلام من خلال معروضات الخط العربي، وما يرتبط بها من أشكال وأنماط، مؤكداً أن لكل صورة شيفرة، يستطيع الزائر أن يفهم منها القصة.
«ملوك أفريقيا وملكاتها».. يناير 2025
فيما يخص متحف الأطفال، قال راباتيه: نجدد مقتنياته كل عامَين، ويتميز محتواه بالثراء والتنوع، وكان آخر معارضه «مغامرات عبر الكون» الذي أقيم للسنة الثانية، وجاء بالتعاون مع مركز محمد بن راشد لعلوم الفضاء وهيئة الإمارات للفضاء. وأكد مدير متحف اللوفر أن الأنشطة وورش العمل لا تتوقف، وتتواصل باستمرار، فهناك العديد من المعارض المتميزة التي ينظمها المتحف بدايةً من معرض «ما بعد الانطباعية: رؤية أعمق» في أكتوبر 2024، وصولاً إلى معرض «ملوك أفريقيا وملكاتها: أشكال الحكم ورموزه» والذي سيقام من 29 يناير لغاية 25 مايو 2025، بالشراكة مع متحف كيه برانلي - جاك شيراك ووكالة متاحف فرنسا، وهو أكبر معرض للفن الأفريقي في المنطقة، بينما يقام حالياً معرض «فن الحين» الذي يستمر حتى 15 ديسمبر 2024.
وأشار راباتيه إلى اتساع وتنوع رقعة المشاركين في معرض «فن الحين» هذه السنة، حيث يشهد مشاركات من منطقة شمال أفريقيا والدول العربية. وأضاف: لجنة التحكيم هذا العام، تضم أعضاء بارزين من مختلف دول العالم، ولدينا رزنامة فعاليات ثرية وحافلة بالمعارض المتنوعة والجذابة التي تَعِد بتقديم كل ما يناسب الجميع.
ولفت مانويل إلى أن تلك هي الأشياء الملموسة التي نراها بأعيننا، وأن هناك أشياء أخرى غير ملموسة، تتمثل في الدراسات والبحوث التي تكتب عن اللوفر أبوظبي، مؤكداً أنه سيتم توجيه دعوة للاحتفاء بهذه الدراسات والبحوث بالتعاون مع الجهات الأكاديمية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©