محمد نجيم (الرباط)
حدث فني استثنائي تشهده العاصمة المغربية الرباط ويتمثل في تنظيم معرض ضخم لأعمال النحات الفرنسي الأميركي ذائع الصيت أرمان فرنانديز (1928-2005)، وهو من أشهر فناني النحت والمجسمات والتنصيبات الفنية في القرن العشرين، فنان تزين أعماله بلمساتها الواقعية التي تعبر عن الإنسان الحديث وقضاياه وما يعانيه من صراعات مع الذات والعالم، أشهر ساحات ومتاحف العالم كما تزين إبداعاته قصر الإليزيه وأكبر شوارع اليابان وعواصم أخرى.
تقربنا أعمال «أرمان» من الحياة اليومية التي يعيشها الإنسان في عصر الاستهلاك المفرط والتشظي والهدر والحروب والمجاعات والكوارث الطبيعية، ومدى وقعها على الإنسان. كما يلاحظ زائر المعرض مدى عبقرية هذا الفنان الاستثنائي وتمكنه من الغوص، برؤيته الثاقبة، في عمق الأشياء وتخليصها من صمتها وجمودها ما يجعل المتلقي يطرح تساؤلات وأفكاراً فلسفية مُحملة برسائل شعرية ومواضيع خفية وظاهرة عن الإنسان وما يحيط به وما يعيشه من قلق وحيرة.
يطمح معرض «أرمان» إلى تمكين الجمهور المغربي من اكتشاف أسس الأسلوب الفني الفريد لهذا الفنان العالمي، وقد تمت هندسته بطريقة موضوعاتية، حيث يعكس هذا الأخير نوعاً من الأسلوب التعبيري لـ«أرمان» مع إسقاط مختلف الوسائط والتقنيات التي تم تطويرها من طرفه من أجل بناء أحد الإبداعات الفنية الأكثر أصالة خلال القرن العشرين. يقول مندوب المعرض جيروم نوتر، في كتيب المعرض «التحف الفنية التي نعرضها في هذا الفضاء والتي تم تجميعها بفضل كرم وسخاء داعمين عدة من بينهم السيدة أرملة الفنان، تشترك في كونها تمثل أشياء لم تعد صالحة للاستعمال، حيث إن الإبداع الفني لـ(أرمان) يبدأ عندما يصبح الشيء غير قابل للاستخدام وذلك من أجل جعله صالحاً لاستعمال آخر، وتشرح -المعروضات- كيف يمكن للفن أن يمنح وظيفة أخرى للعالم، تلك الأشياء تكون في بعض الأحيان مكسورة محروقة أو مقطوعة من طرف الفنان نفسه والذي يجردها من وظيفتها الأساسية ليحولها إلى تحفة فنية».