أحمد عاطف (القاهرة)
تتخذ البيئة الطبيعية مكانة خاصة في أعمال التشكيلي الأردني حسني أبو كريم، عميد كلية الفنون والتصميم بجامعة الزرقا، فهي ليست مجرد عنصر بصري بل مصدر دائم للإلهام، حيث يستخدم الألوان في نقل وجهة نظره وتفاعله مع الطبيعة، وفي الوقت نفسه يبعث رسائل حول التحديات الاجتماعية التي تواجه المجتمعات الريفية، فتأتي لوحاته غنية بالرمزية والمعاني.
ويتميز أبو كريم بمهارة فنية فريدة، ويقدم من خلال لوحاته لغة عميقة في تحويل الألوان إلى قصص حيّة يحكيها اللون نفسه، ولفتت إبداعاته الأنظار منذ إطلاق معرضه الأول في العام 1976.
وتعكس لوحات الطبيعة جزءاً من روحه وتعبيراته الخاصة، حيث يسلط أبو كريم الضوء على أماكن تحمل أهمية خاصة في ذاكرته مثل السهول والأنهار والجبال، وكذلك الفضاء السماوي، وجزء مهم من أعماله تجربة شخصية وتفاعل مع البيئة الأردنية بكل تفاصيلها.
يقول الفنان حسني أبو كريم إنه عند رسم الطبيعة يعتمد على تقنية تحتاج للتركيز الكبير، وهي تقنية اللون المائي على الرطب وتحتاج إنجاز العمل بأسرع وقت ممكن قبل جفاف ورقة الرسم دون الوقوع في أي خطأ، أي أن العمل إما أن يكون رائعاً مؤهلاً للعرض للجمهور، وإما أن يتم إتلافه تماماً. ويمنح أسلوبه المختلف اللوحات طقساً لونياً ضبابياً، يصنع حالة من التأمل والهدوء، ويبتعد عن الواقعية الصارمة، مفضلاً بدلاً عن ذلك صنع أجواء تثير المشاعر وتدعو المتلقي للتأمل والتفسير بعيداً عن ضجيج الحياة وضوضائها.
ويرى أبو كريم أن الفن ليس مجرد تعبير بصري، بل أداة قوية لتغيير العالم وإحداث تأثير إيجابي في المجتمع، ويسعى من خلال أعماله إلى ترسيخ الفن كجزء من الثقافة الشعبية، وجعله في متناول الجميع، كما يؤمن بأن للفنان دوراً محورياً في تشكيل الوعي المجتمعي، لذا فهو يحرص على أن تحمل لوحاته رسائل عميقة تعبر عن هوية وتراث المجتمع الأردني.
ويضيف: «من واقع تجربتي، فإن الموهبة في الفن التشكيلي وحدها لا تكفي لصنع فن مكتمل، بل تتطلب أساساً أكاديمياً متيناً، يساعد الفنان على التعامل مع تحديات وتغيرات الحياة السريعة، ويبني منظومة حسية تُمكنه من تصنيف المعلومات البصرية بدقة وإرسالها إلى مراكز الإدراك في الدماغ، إلى جانب المعرفة التقنية، يمنح الفنان القدرة على ممارسة فنه باستقلالية تامة وخصوصية مطلقة، حيث تكون كل تفاصيل العمل ناتجة عن فعل تعبيري مقصود وليس نتيجة للصدفة».