الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

السياحة الثقافية في الإمارات... سفرٌ عبر التاريخ

متحف زايد الوطني (أرشيفية)
5 أغسطس 2024 01:05

سعد عبد الراضي (أبوظبي)

لم يعد السفر إلى الإمارات مقتصراً على جودة المكان وجمالياته فحسب، ولكنه أصبح ملبياً ومفتوحاً على اتجاهات عدة تناسب كل الأفكار التي يمكن أن تدور في خلد الزائر، وهذا التماهي مع رغبات الزائرين وتطلعاتهم جاء من معين استراتيجيات ورؤى مركزة تبنتها الدولة منذ عقود، ومن بين ما أسست له الدولة وجودت فيه وفق أحدث آليات التفكير والتنفيذ، هو السياحة الثقافية، وما ينضوي تحتها من تعظيم مفهوم الاقتصاد الإبداعي الذي يرمي إلى ابتكار الإبداع وتسويقه وفق مرتكزات الإبداع البشري، وتفعيل التكنولوجيا، والاستثمار المعرفي، وعملت الإمارات عبر مسارات عديدة بكافة أرجاء الدولة لجعل السياحة الثقافية غاية لكل أهداف الاقتصاد الإبداعي، وأثمر ذلك كله عن نجاحات مشهودة جعلت من الإمارات وجهة ثقافية حقيقية شهد لها العالم كله وفي هذه السطور نستعرض عدداً من تلك النجاحات.
بداية ومع استكمال دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي الأعمال التطويرية في المنطقة الثقافية في السعديات، وفقَ الجدول الزمني لإنجازها عام 2025 سوف تصبح وجهةً ثقافية استثنائيّة تحاكي الماضي والحاضر والمستقبل، وتكون شاهدة على التمكين الثقافي بالدولة في أبهى صوره، وتتسم المنطقة بتنوع مراكزها الثقافية البديعة، ومتاحفها المتفردة، حيث تضم «متحف اللوفر أبوظبي»، الذي يعد أول متحف عالمي في العالم العربي يقدم أعمالاً فنية من مختلف ثقافات العالم، ومنذ افتتاح هذا المتحف في عام 2017 زاره أكثر من خمسة ملايين سائح ليؤكد أن مسار السياحة الثقافية في طريقه الصحيح، كما تضمُّ المنطقة كذلك «بيركلي أبوظبي»، الذي يقدِّم برامج موسيقية وتعليمية وفنوناً مسرحية وأدائية على مدى العام، ويعد بيركلي أبوظبي مزاراً وملتقى للمهتمين بالموسيقى والفنون الأدائية من كافة أنحاء العالم، بالإضافة إلى أنها تستضيف فعاليتين من أهمِّ الفعاليات في الأجندة الثقافية في أبوظبي وهما: معرض «فن أبوظبي» و«القمة الثقافية – أبوظبي»، والمعرضان أصبحا وجهة ثقافية وفنية عالمية، وفيما يخص تمازج الفنون مع التكنولوجيا ضمت المنطقة «تيم لاب فينومينا أبوظبي» الذي يقع على مساحة 17.000 متر مربع، إضافة إلى «متحف التاريخ الطبيعي أبوظبي» الذي يعد مؤسسة بحثية وتعليمية تأخذ الزوار في رحلة تعود بهم إلى فترات زمنية تصل إلى 13.8 مليار سنة، وتضم المنطقة كذلك متحف «جوجنهايم أبوظبي» الذي يهتم بالفنون العالمية، كما تضم «متحف زايد الوطني»، المتحف الوطني لدولة الإمارات العربية، الذي يجسد الاحتفاء الجمالي التوثيقي للدولة بإرث الوالد المؤسِّس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه.
مناطق ومجمعات
اهتمت كل إمارات الدولة بكل ما يعزز الفكرة الرئيسة، وهي أن تكون الدولة وجهة ثقافية رائدة، ففي إمارة دبي كان الإبداع في إنشاء مناطق ومجمعات إبداعية نوعية في مختلف القطاعات، كمدن: دبي للإنترنت، دبي للإعلام، ودبي للإنتاج، ودبي للاستوديوهات، وحي دبي للتصميم، وكان من أبرز المشاريع في هذا المجال هو تطوير منطقة القوز الإبداعية، الذي يعد إضافة نوعية للاقتصاد الإبداعي في الدولة، وقد اشتملت استراتيجية دبي للاقتصاد الإبداعي على ستة قطاعات ثقافية إبداعية، وهي: التراث الثقافي والطبيعي، وفنون الأداء والاحتفالات، والفنون البصرية، والكتب والصحافة، والإعلام المسموع والمرئي والتفاعلي، والخدمات التصميمية والإبداعية، وكل قطاع من القطاعات الست يضم تحته ستة قطاعات فرعية، تشتمل على العديد من المناحي المتصلة بمجالات الاقتصاد الإبداعي، لتصبح الإمارة بعد تنفيذ هذه الاستراتيجية أحد أهم المراكز العالمية للمعرفة، وبيئة متفردة للمواهب، ووجهة مميزة للمبدعين ورواد الأعمال من كل أنحاء العالم.
هنا التاريخ 
الاهتمام بالبحث والتنقيب والترميم انتشرت في كل مكان في الإمارات، دعماً لتعزيز الجانب الثقافي وتنوع مزاراته، ومن بين ذلك منطقة «قصر مليحة» في إمارة الشارقة الذي يزخر بالعديد من المعالم والمقتنيات الأثرية التي تسرد الحياة الاجتماعية لكل من عاش في هذه المنطقة، وبالإضافة إلى القصر فإن المنطقة تضم العديد من المعالم المدافن والحصون وبيت المزرعة وكهوف جبل الفاية، وغيرها من الأماكن التي تروي لنا تاريخاً ممتداً من آلاف السنين، كما تشهد منطقة «الدور» بأم القيوين على عمق التاريخ، حيث يعد معبد الدور من أهم المواقع المكتشفة في دولة الإمارات، ويضم حوضاً حجرياً عليه تسعة أسطر باللغة الآرامية، ومسكوكات العملات التي يعود بعضها إلى الإسكندر الأكبر، بالإضافة إلى المتاحف البحرية مثل متحف الرمس برأس الخيمة، الذي يضم كل ما يرتبط بالبحر والغوص، وكذلك متاحف عن السيارات والجبال والفيافي وغيرهم، كما يقدم متحف عجمان الوطني للزائرين تجربة استثنائية للتعرف على حياة الأجداد وتاريخهم العريق من خلال ما يحتويه من قطع أثرية نادرة.
رؤية حكيمة
ويعد متحف الفجيرة واحداً من أهم المتاحف الأثرية في منطقة الساحل الشرقي، حيث يضم 2100 قطعة من المقتنيات، واللقى الأثرية النادرة التي يعود تاريخها إلى ما قبل الميلاد والعصور الإسلامية وصدر الإسلام، وما بعد ذلك من عصور وصولاً إلى العصر الحديث. وفي كل مدينة من مدن الإمارات ثمة أماكن ومزارات سياحية ثقافية ملهمة، تفتح أمام الزائرين صفحات مضيئة من صفحات الوطن وتاريخه العريق. وتضيء كل هذه المؤسسات الثقافية والسياحية التراثية على الرؤية الحكيمة للقيادة الرشيدة في جعل الإمارات وجهة ثقافية ملهمة، وأنموذجاً رائداً عالمياً في السياحة الثقافية بكل ثرائها التاريخي والمعرفي.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©