السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«الإقامات الفنية».. الوقت لك أيها المبدع

ساحة الفنون في مدينة الشارقة (من المصدر)
25 يوليو 2024 00:55

هزاع أبوالريش
الإقامات الفنيَة والثقافية، والتي تُعرف كذلك باسم «برنامج الفنانين المُقيمين»، جسر إبداعي وركيزة أساسية في تبادل الخبرات، التي تُمنح للمبدعين للسفر إلى الخارج من أجل العمل في مشاريع فنيّة متميزة، وتمثل هذه الإقامات مصدراً ملهماً، باعتبارها فرصة تسهم في تطوير الأفكار الجديدة، واستكشاف أفضل الممارسات الإبداعية في بيئة مختلفة، ما يؤدي إلى تطوّرهم الشخصي وتحسين مهاراتهم الفنيَة والإبداعية.

بدايةً، تقول جمانة الهاشمي، فنانة مشاركة في الدورة الأولى من برنامج الإقامة الفنية 2024 في مجمع 421 للفنون: «هذه المساحات الفنية ساهمت في تنمية ممارستي للفن وإنتاج مجموعة جديدة من الأعمال، وكان أحد أهدافي الأساسية خلال الإقامة هو ابتكار ممارسة متعددة التخصصات وفهم الشكل الذي يبدو عليه استوديو الفنان التعاوني».
وأضافت: «فترة إقامتي كانت عبارة عن استكشاف طرق جديدة للإنتاج والتصنيع من خلال التعمق في مختلف التخصصات، خاصة أنني كنت أتعاون مع عدد من الخبراء في جامعة نيويورك أبوظبي وأعمل في مختبرات الأبحاث لإنجاز الأعمال».
وأكدت الهاشمي أن هذه الإقامات تجعل المبدع يركز في عمله، وتسهم في توجيه العمل من خلال الزيارات التنظيمية، وتقديم الدعم اللازم لتطوير الممارسات الفنية، «حيث تضمنت ممارستي التنقل بين عدد من المواقع، حيث عملت بشكل مكثف مع الثلج في مصانع الثلج للحفر، واكتشاف طبيعة الرمال تحت المجهر في مختبرات الأبحاث في جامعة نيويورك أبوظبي».
واختتمت قائلة: «كانت هناك العديد من الحالات التي اضطررت فيها إلى الانغماس في تعلم أدوات البحث العلمي من أجل تطوير عملية الإبداع الفني في أماكن غير مألوفة، وسيتم عرض مجموعة العمل التي تحمل عنوان «في داخلي جبل» قريباً للجمهور للتعرف عليها من قرب، وستكون أكبر مجموعة عمل قمت بإنتاجها على الإطلاق».

بيئة مشجعة
من جانبها، تقول ميس البيك، مديرة البرامج والشراكات المجتمعية - مَجمع 421 للفنون: «ما يجعلنا نشعر بالحماسة بشكل خاص في مَجمع 421 للفنون هو رؤية تطور ممارسات  المشاركين ومشاريعهم وتوسعها داخل وخارج جدران مساحات الاستوديو الجديدة لدينا. لذلك، يعكف برنامج الإقامة الفنية في 421 في الفترتين من فبراير إلى يونيو، ومن يوليو إلى ديسمبر، إلى جمع الممارسين من تخصصات متنوعة للبحث والتجربة والتواصل والتفاعل مع المجتمع.
مضيفة: «صُمم هذا البرنامج بداية ليكون بمثابة برنامج يقام بشكل فعلي عام 2020، إلا أنه تحول مع ظهور جائحة (كوفيد - 19) إلى برنامج إقامة منزلية، واختتمت فعالياته مع عودتنا للعمل، وجاء هذا التحول الرقمي للبرنامج، والذي كان يهدف إلى دعم الفنانين والمهنيين المبدعين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا، تلبيةً للمتطلبات المتطورة التي نشأت عن الأزمة العالمية. فكان برنامج الإقامة المنزلية بمثابة وسيلة للفنانين لاستكشاف المنصات الرقمية للتواصل والمشاركة الهادفة مع مجتمعاتهم الفنية خلال فترة العزلة، وقد تُوّج البرنامج في نهايته بمعرض «ثقافة الشبكة» خلال برنامج شتاء 2024 في مَجمع 421 للفنون، والذي تضمن عروضاً للأعمال البحثية والمشاريع التي تم إنتاجها على مدى السنوات الثلاث الماضية».
وتابعت: «إن أكثر ما نثمنه في مَجمع 421 للفنون هو الرحلة الاستكشافية للممارسين وعملية معالجتهم المفاهيم والأفكار، حيث تركز رسالتنا على إنشاء بيئة تشجع على البحث والتعلم والتجربة والخطأ، والتي بحد ذاتها عملية لا تقدر بثمن، وصحيح أننا نؤمن بأهمية صنع مساحة يمكن فيها الاحتفال بالاستكشاف والتعلم المستمر بصفتهما ركائز أساسية للرعاية الجماعية والعدالة التحويلية، إلا أن التزامنا يمتد إلى دعم المقيمين إلى ما هو أبعد من مجرد توفير مساحة فعلية للعمل، نحن نتطلع دائماً إلى أن دعمهم، عبر إتاحة الحوارات والمحادثات وزيارات الأستوديو وبرامج الإرشاد والتوجيه وتزويد المعنيين بالملاحظات، وغيرها من أشكال الدعم التي يحتاجون إليها عند الضرورة».

تجربة تحوُّلِية 
وتقول أوغست نوميكايتي، فنانة مشاركة في الدورة الأولى من برنامج الإقامة الفنية 2024: «كانت تجربة الإقامة الفنية لـ421 تجربة تحوُّلِية بكل معنى الكلمة، فقد كانت مساحة الأستوديو التي قدمها مجمع 421 للفنون بمثابة وعاء ضخم لعملي في حد ذاته، ولقد قمت بتحديد روتين خاص بي، حيث أذهب إلى الاستوديو كل يوم، وأفكر في تقدمي في هذه المساحة»، مضيفة: «لقد كان أمراً لا يصدق أيضاً أن أتمكن من دعوة فنانين وقيمين آخرين إلى الاستوديو الخاص بي، حيث يمكنني أن أشرح عملي دون تشتيت انتباههم، وإتاحة الفرصة لهم بالتجول عبر الأعمال التي قمت بتطويرها هنا، والجميل في الأمر لا يحدد لك فريق 421 نتيجة متوقعة للإقامة، ما يسمح لك بالتركيز على جودة عملك بدلاً من الموعد النهائي، وكان هذا مهماً بشكل خاص بالنسبة لي؛ لأنني أعمل في مجال البحث الفني، وهو إطار عمل يتطلب قدراً كبيراً من الوقت إذا كنت تطمح لإنتاج عمل قيم يحمل معانٍ خاصة».
وتضيف: «قضيت فترة إقامتي الفنية في تطوير مجموعة من الأعمال هي قيد التنفيذ، تحمل عنوان «Feral Matters»، والعمل عبارة عن بحث فني حول طبيعة المجتمع المتنوع في ميناء زايد من خلال التعامل مع الحي، باعتباره منطقة حيوية للثقافات، يدرس المشروع البحثي متعدد الوسائط العلاقات بين النباتات المحلية والنباتات المستوردة والقطط المقيمة وثعالب الصحراء، بالإضافة إلى عدد لا يحصى من الكائنات الصغيرة التي تتعايش داخل المنطقة الحضرية في ميزا، ويبحث المشروع في الطبيعة/ الثقافة التقليدية، والثنائيات الحضرية/ الريفية، والوطنية/ الأجنبية مع تسليط الضوء على المجتمع النابض بالحياة الذي يتخطى الإنسان والقائم، جنباً إلى جنب مع البنية التحتية التجارية». 

هشام المظلوم: «بيت الفنان».. شعلة من الإبداع
يقول هشام المظلوم، رئيس مجمع الشارقة للآداب والفنون سابقاً: «كان مشروع «بيت الفنان»، الذي أسس في الشارقة عام 1997، بتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، عبارة عن رواق الشارقة للفنون، أي بيوت الفنانين، وكان مكملاً لكل من متحف الشارقة للفنون، وجمعية الإمارات للفنون التشكيلية ومعهد الشارقة للفنون، بالإضافة إلى المؤسسات الأخرى التي تدعم الفنون الخاصة. وجاءت الفكرة من باب الدعم للفنان المحلي، وكان يُعطى الفنان، سواء كان مواطناً أو مقيماً، زاوية مُخصصة في البيت ليعرض إبداعاته وإنتاجاته وأعماله لفترة سنة، ومن ثم تترك الفرصة لفنان آخر يستعرض ما لديه من أعمال فنية».
وتابع: «كان المنزل شعلة من الإنتاج والإبداع الفني من خلال الفنانين المقيمين والحاصلين على استيفاء الشروط المطلوبة، والمشروع برزت من خلاله نتائج مهمة، وملهمة في الوقت نفسه، ويعد محفلاً ثقافياً سنوياً يحتفي بالفنانين ويستعرض إبداعاتهم لزوار المكان، ومرجعاً هاماً لاستلهام الأفكار.
بالإضافة إلى الشخصيات التي يستضيفها المكان من الناشئين الشباب والهاوين والمبدعين لاحتكاكهم مع الفنان وإنتاج عمله اليومي بشكل مباشر، باعتبار المرسم مفتوحاً 24 ساعة، لافتاً إلى «تطوّر المشروع، حيث كان يستضيف فنانين من خارج الدولة ويقدم لهم المساحة لعرض أعمالهم الإبداعية وتسهيل إقامتهم لأن تكون أعمالهم حاضرة في المشهد المحلي، وقريبة من الجمهور للاطلاع عليها، وكذلك لا ننسى دور بينالي الشارقة للفنون، وما يقدمه من جهود في دعم المشاريع الفنية الخارجية والاستضافات التي تسهم في إثراء المشهد الثقافي - الفني، وإعطاء الفرصة للمهتمين بالاطلاع لأعمال الآخرين، والاستفادة من تجاربهم من خلال الورش والندوات والفعاليات التي تقدم بكل احترافية ومهنية عالية المستوى والمضمون.
وبالنسبة للفنان المحلي، كان هناك دعم لاستضافة المشاريع الفنية دولياً تحت مسمى «الفنان المقيم»، من خلال إرسال مجموعة من المبدعين الإماراتيين إلى الخارج، مثل الدنمارك وألمانيا ودول أخرى، بالتعاون مع مؤسسات فنية وثقافية».
مؤكداً: «هذه الجهود، بلا شك تعكس قيمة الفنان، وتبرز مهاراته الإبداعية للآخرين، وإرساء مفهوم تبادل الخبرات وأهمية الاحتكاك المباشر، بصياغة تحفيزية تشجيعية تعطي الفنان حاجة من الاستمرارية والعمل على نفسه أكثر ليقدم كل هو مميز ومنفرد ومبتكر من أعمال تدهش الجمهور والمهتمين والمعنيين كذلك؛ لأنه أدرك أهمية ما ينتج، ورأى إنتاجه من خلال الآخرين، ومدى تقديرهم لإسهاماته الفنية».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©