هزاع أبوالريش (أبوظبي)
أصدرت دائرة السياحة والآثار في الفجيرة مؤخراً كتاب «تاريخ الفجيرة وآثارها» للدكتورة ميشيل زولكووسكي، وهذا هو الإصدار الثاني ضمن سلسلة كتب «التاريخ الطبيعي لإمارة الفجيرة» التي تصدرها هيئة الفجيرة للبيئة، ويرصد هذا الكتاب التسلسل الزمني لإمارة الفجيرة من العصر الحجري القديم حتى منتصف القرن العشرين، كما يقدم دراسة شاملة للتنوع الأثري في الإمارة.
وأكدت مؤلفة الكتاب د. ميشيل زولكووفسكي، لـ«الاتحاد»، أن السلسلة تعد مبادرةً استثنائية وإنجازاً إماراتياً فريداً يزخر بكنوز من المعرفة القيّمة للأجيال الحالية والمستقبلية مضيفة أن هذه السلسلة تجسد ثمرة جهودٍ مباركة وحصيلة مشاريع ومبادرات بحثية بيئية وأثرية وتاريخية موسعة قادها سمو الشيخ محمد بن حمد بن محمد الشرقي ولي عهد الفجيرة، ضمن إطار رؤيته الطموحة للإمارة، وأضافت: سعيت إلى إدراج وتقديم الأدلة الأثرية والإثنوغرافية والتاريخية لتوفير سردٍ متماسك ومتسق عن ماضي الفجيرة، وحاولت تسليط الضوء على مرونة سكّان الفجيرة القدماء وقدرتهم على العيش والتكيف مع بيئاتٍ دائمة التغير.
عبق الماضي
وتابعت زولكووسكي: من خلال بعض التفاصيل المطروحة بين دفتي الكتاب، يبيّن لنا ما كشفه علماء الآثار عن أسرار الحياة في الماضي ضمن دراسة بقايا الحضارات القديمة مثل المنازل والقرى والمدافن والحصون، مروراً بالأسلحة والأدوات المنزلية، وحتى ما تركوه وراءهم من أشياء تدلّ على مظاهر طقوسهم الروحانية، وهذا يجعلنا نفهم تاريخنا بشكلٍ أفضل، ونوهت إلى ما قاله المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حين قال: «من لا يعرف ماضيه لا يستطيع أن يعيش حاضره ومستقبله»، فمن الماضي نتعلم ونكتسب الخبرة ونستفيد من الدروس والنتائج. موضحة أن القدماء اعتمدوا على استغلال موارد البيئة الطبيعية للبقاء على قيد الحياة، وقد تطلّب ذلك اكتساب فهم دقيق للنباتات والحيوانات والجيولوجيا، ومن الأمثلة على ذلك تعدين وصهر خام النحاس في جبال الفجيرة لصنع أدوات فريدة مثل رؤوس السهام والخناجر والأواني، وهذا ما جعلها تزدهر بشبكة تجارية واسعة حول صناعة النحاس حيث وصلت إلى مناطق بعيدة.
تاريخ الفجيرة
وأضافت مؤلفة الكتاب، أنه تضمن المعلومات التاريخية المهمة جداً، ومن ضمنها خريطة تاريخية بريطانية لساحل الفجيرة تعود إلى عام 1828، تظهر فيها أسماء الأماكن والبلدات والقرى ومواقع الحصون والأبراج. لافتة إلي أنه زخر بالعديد من الصور التاريخية للأماكن والأشخاص في الفجيرة، بما في ذلك صورة للمغفور له الشيخ محمد بن حمد الشرقي بعدسة رونالد كودراي، كما يكشف الكتاب عن أدلة أثرية وتاريخية جديدة لم تنشر من قبل، تأخذنا في جولة عبر الزمن، وتبيّن لنا الكثير عن تاريخ الفجيرة الطبيعي الغني عبر حقبٍ زمنية تمتد لآلاف السنين، بدءاً من العصر الحجري القديم حتى عصرنا الحالي، وتسلط الضوء على كيفية تفاعل الإنسان مع البيئة على مر العصور.
ذات قيمة عالية
اختتمت المؤلفة حديثها مثمنة دور زميلها السابق في الجامعة، د. لويد ويكس، الذي شارك بقسم خاص في الكتاب حول أعمال التعدين القديمة، وبصفته خبيراً عالمياً في هذا المجال، تعد مساهمته هذه محطّ تقدير كبير وذات قيمة عالية المحتوى والمضمون، كما أعربت عن سعادتها بإنجاز هذا العمل الذي يعتبر إضافة للتاريخ والأجيال القادمة، متمنية أن يُلهم القرّاء ويحفزهم على زيارة إمارة الفجيرة واكتشاف جمالها الطبيعي المتنوّع، وأن تكون السلسلة بأكملها سرداً يثري وجدان البشرية، ويخدم المعنيين في مجال الثقافة والتاريخ والآثار، ومرجعاً مهماً للدارسين والباحثين.