هزاع أبوالريش (أبوظبي)
أكد مثقفون، أن تكريم المبدعين في مختلف المجالات، ثقافة إماراتية أصيلة، وفي مجال الآدب والفنون يعكس التكريم تقديراً مستحقاً للمبدعين. وتقول هدى إبراهيم الخميس، مؤسس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون: علّمتنا الإمارات ثقافة الاحتفاء والتكريم، كركيزة من ركائزها الراسخة في تقدير الإبداع وبناء الأوطان والإنسان، وإنّ المبدعين يحتاجون إلى التكريم والتقدير في حياتهم أكثر مما يحتاجونه بعد رحيلهم، لما لذلك من انعكاس للوعي بأهمية استدامة نهضة الثقافة والفنون بعناصرها المختلفة، ومن تجسيد للمنظومة الثقافية الحاضنة للإبداع، والرؤية المستقبلية لدور كل مبدع كاتباً كان أو أديباً أو فناناً أو موسيقياً، في مسيرة المعرفة ونقل روائع الفكر والأدب والشعر للأجيال القادمة، ارتقاءً بذائقتهم وإلهاماً لهم. لافتة، كرّسنا مبادرة «رواق الأدب والكتاب» لتعزيز استدامة المعرفة واحتضان الكتّاب ودعم المؤلفين والمبدعين، وتحفيز صناعة الكتاب والتأليف والنشر، وكرّمنا خلال السنوات الماضية المنجز الإبداعي للعديد من كبار قامات الثقافة والأدب في الإمارات والوطن العربي، بينهم الشعراء، حبيب الصايغ، وأحمد راشد ثاني، وأنسي الحاج، وأيقونة القصة القصيرة الإماراتية مريم جمعة فرج، وقدّمنا المبادرة في دورتها التاسعة هذا العام، تحت عنوان «من الهواء والماء والرمل نتشكل» احتفاءً بالمنجز الثقافي والتجربة الأدبية العريقة لشيخ الروائيين الإماراتيين الأديب علي أبوالريش، وهذا مثال بسيط على إيماننا بدور المبدعين، وأهمية حفظ إرثهم المعرفي، وتحفيز الدراسات والبحوث حوله».
وتابعت: «تستمر الحضارة بالمفكرين، والأدباء، والمبدعين، وتنهض الدول بالمعرفة والاقتصاد الإبداعي، وهؤلاء هم شركاء التنمية المستدامة، فمن دونهم لا نستطيع أن نقدّم للإنسانية جديداً في الفكر والأدب والفنون، مع ما تحتاجه من صناعات ومعارف وعلوم». مختتمة، فالإبداع هو نبض الحياة، والمبدعون سفراء لغتنا وهويتنا وثقافتنا، يليق بهم التكريم اليوم وغداً وكلّ وقت، في حياتهم كما في ذكراهم وحضورهم الخالد في ذاكرتنا.
عطاء وإثراء
وقال الدكتور سيف راشد الجابري، كاتب وأستاذ الثقافة والمجتمع في الجامعة الكندية بدبي: «قد علم من التاريخ الحضاري أن الثقافة هي التي كانت موقد العطاء ومشعل العلم من تلك العقول التي سهرت الليالي وأمضت أيام عمرها في خدمة الوطن والمجتمع». موضحاً، ومما لاشك فيه أن تكريم مشاعل العطاء الثقافي لهو تأكيد واعتراف منّا لهم، وتقديراً لإسهاماتهم وجهودهم في إثراء الإبداع الإنساني للارتقاء بالحياة وتنوّعها الثقافي- الفكري.
وأشار الجابري، إلى أن هذه التكريمات تساهم في رفد المجتمعات بالأفكار التي تلهم الآخرين، وتجعلهم أمام تجربة مُلهمة لينطلقوا من خلالها لتجاربهم وإبداعاتهم، وحماسهم وارتباطهم بقيمة العطاء وجمالية السخاء والوفاء من أجل الآخر.
وبيّن الدكتور شافع النيادي، كاتب ومدرب في التنمية البشرية، أن هذه الخطوة لها الأثر الكبير ليس فقط على الذين تكرموا وإنما على الصعيد الآخر من الفئات المبدعة، فهذا التكريم هو اعتراف صريح وواضح بالدور الإبداعي الذي قُدم من قبلهم، ما يعزز شعورهم بالتقدير، ويبني في داخلهم الثقة للاستمرارية في التألق الإبداعي. موضحاً، أن هذه التكريم سيؤدي إلى تنوّع إنتاجي لافت، وسيكون التجديد الإبداعي له قيمته الإيجابية في توجيه الإبداع نحو دفة التميز والرقي والازدهار بالأفكار البناءة التي تخدم الشأن الثقافي ككل.
وأضاف الشاعر والإعلامي راشد شرار، أن مثل هذا التكريم بحاجة له المبدع في حياته، ويستقي منه المجتمع في اللاوعي، واللاشعور، حيث تختزل هذه التقديرات في داخله صانعة حالة من الإبداع، والغريزة على الإلهام للآخرين، ولذلك من خلال هذا التكريم تستمر عجلة الإبداع لدى المجتمع، ويكون الحضور الإبداعي أكثر فاعلية، وهذا ما نشاهده في المجتمعات التي تقدر مثقفيها ومبدعيها بوجود مجتمع أكثر وعياً وثقافةً وحضوراً واضحاً للإبداع بإحصائيات ونسب رقمية فارقة عن المجتمعات الأخرى التي يبدو التكريم والتقدير بها متأخراً، ويحصد أبناء المبدع على الجوائز وشهادات التقدير لما قدمه والدهم من بصمة إبداعية. مؤكداً هناك صلة كبيرة بين استمرارية الإبداع وتقدير المبدع في حياته، وهذا الرابط يجعل للإبداع وهجاً وبريقاً يسكن في وجدان المجتمع، ويبقى بذاكرتهم، وتكون هناك هالة إبداعية - ثقافية تجوب المكان، ونسكن في نفوس الآخرين ليكون الإبداع حاضراً في المشهد الثقافي، وباقياً ومستمراً.