هويدا الحسن (العين)
امتدت الحقبة الإسلامية في تاريخ إسبانيا لما يقرب من الثمانية قرون «711-1492م»، وتعتبر تلك الفترة من أهم الفترات في تاريخ إسبانيا، والتي أدت إلى تغيير المسار الثقافي والديني بها، وشهدت تلك الفترة الكثير من الأحداث التاريخية منذ نشأة دولة الأندلس، وحتى سقوط غرناطة. ويعد فرانسيسكو كوديرا (1836-1917)، وفقاً للدكتور محمود علي مكي، مؤسس المدرسة الاستشراقية الحديثة لأبحاثه ومؤلفاته المتعددة في تاريخ تلك الحقبة التاريخية المهمة، والمؤثرة في تاريخ إسبانيا وأوروبا.
وكوديرا هو مؤرخ، وباحث ومستشرق، وعالم عملات إسباني، درس بالمدرسة اللاهوتية، ثم تخصص في اللاهوت بجامعة سرقسطة، وحصل على البكالوريوس في الفلسفة والآداب، وفي عام 1865 حصل على درجة الدكتوراه من جامعة مدريد في الفلسفة، وعمل أستاذاً للغات اليونانية والعبرية والعربية بجامعة غرناطة، ثم انتقل إلى جامعة سرقسطة عام 1874، وفي عام 1879 تم انتخابه عضواً في الأكاديمية الملكية للتاريخ، كان خطاب توليه المنصب يدور حول فتح أرغون ونافارا من قبل المسلمين، ومن تلاميذه باسكوال دي جايانجوس، الذي يعتبر مؤسس المدرسة الحديثة للمستعربين الإسبان ومدخل فقه اللغة في دراسة التاريخ، ومن تلاميذه أيضاً الذين يطلق عليهم أبناء كوديرا جوليان ريفيرا وماريانو غاسبار ريميرو، وميغيل أسين بالاسيوس وآخرون.
كان عمله مؤرخاً يهدف إلى جمع وتنظيم مجموعة وثائقية واسعة النطاق لتاريخ الحقبة الإسلامية في إسبانيا، والعمل على دراسة العملات الإسبانية العربية والنقوش والمصادر العربية. وفي عام 1888 سافر إلى الجزائر وتونس بتكليف من الحكومة، حيث زار المكتبات العامة والخاصة، وقام بنسخ واستخراج الأعمال العربية المهمة لتاريخ إسبانيا.
وفي عام 1910 دخل الأكاديمية الملكية الإسبانية، وتولى منصبه بخطاب بعنوان «أهمية المصادر العربية لمعرفة حالة المفردات في اللغات واللهجات الإسبانية من القرن الثامن إلى القرن الثاني عشر». ومن منشوراته المهمة في هذا المجال «أهمية دراسة اللغة العربية خاصة لتوضيح تاريخ أرغوان المبكر عام 1870»، وأطروحته المهمة حول علم العملات العربية الإسبانية عام 1879، وعناصر النحو العربي لاستخدام الطلاب عام 1886، وتراجع واختفاء المرابطين في إسبانيا عام 1899، ودراسات نقدية في التاريخ العربي الإسباني عام 1903، ودراسات نقدية في التاريخ العربي الإسباني النسخة الثانية عام 1917، ذلك إلى جانب عمله كمحرر حيث تولى نشر المكتبة العربية الإسبانية.